الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الأجواء تمتلئ بروائح رمضان.. والغلاء يفشل في حجب خصوصيات ومكانة الشهر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

استقبل المصريون شهر رمضان الكريم، وحزم شعبان أمتعته ولملم أوراقه راحلًا، وتهيأ الجميع للشهر الفضيل، بفرحة قفزت على كافة المصاعب والمشكلات والمتاعب التي خلفتها وتخلفها زيادة الأسعار، وفشلت موجة الغلاء في حجب خصوصيات ومكانة هذا الشهر الكريم في نفوس المصريين، فلم تكسر فرحتهم بقدومه والاستمتاع به، فالأسر المصرية هي من تجيد التأقلم مع الأزمات ومواجهة ارتفاع الأسعار ببدائل أخرى تحمل نفس القيمة والفائدة.

وطغت أغاني رمضان من التراث القديم واستقطبت المستمعين، وزينت التهاني المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فملأت الأجواء بروائح رمضان مع اقتراب قدومه بكل ما تحمله من روحانيات وطلب للعفو والمغفرة وعلو يسموا فوق المشاكل، فهذا الضيف العزيز على قلوب المسلمين عامة والمصريين خاصة لا يأتي سوى مرة واحدة في العام، وفيه شرع الله الصيام وهو سنة كونية وحكمته أن يشعر الغنى بالفقير ويحنو عليه، وفيه نزل القرآن وتفتح الجنة أبوابها، وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين، وفيه ليلة عظيمة القدر خير من ألف شهر، حيث تعتبر أكثر ليلة مقدسة في العام كله.

وليلة قدوم غرة رمضان يستقبلها المسلمون بأول صلاة للتراويح حيث هم الجميع البحث عن الإيمان والتقرب إلى الله، وكعادة أهل الخير في مثل هذا الوقت من العام تتفجر ينابيع الخير والعطاء من بين أيديهم، وتحدث حالة من التكافل الاجتماعي غير مسبوقة في أي وقت من العام، بإخراج زكاة المال، وزكاة رمضان التي تجب منذ اليوم الأول في الشهر، وتوزيع شنط رمضان، وإقامة خيمات وموائد الرحمن التي بدأ العمل فيها قبل رمضان بعدة أيام لتكون جاهزة لاستقبال ضيوفها من الصائمين مع أول أيام شهر رمضان الكريم حيث تقام الخيام القماشية مستندة على أوتار من الخشب، ويتم تصميمها بحيث تسمح بالتهوية وتمنع المارة من رؤية روادها، وقد حجز أصحابها وجمعيات الخير كميات كبيرة من الأرز والسلع الغذائية من التجار مباشرة للوفاء باحتياجات جميع المترددين عليها.

ويختلف رمضان هذا العام عن الأعوام السابقة حيث فرضت الظروف الاقتصادية وطفرات الأسعار الأخيرة الترشيد على ربات البيوت باعتباره اتجاه إجباري لهن في رمضان حتى يمر الشهر الكريم بلا أزمات مالية، فتوارت مظاهر البذخ والإسراف والعزومات المبالغ فيها، واختلف الوضع وحجمت معدلات الاستهلاك المفرط للأسر في رمضان عن باقي الشهور، واستغنى المستهلكون عن السلع الترفيهية التي يمكن الاستغناء عنها نهائيا كالياميش، وتم استبدالها بسلع بأخرى أقل سعرا، وزاد الإقبال على شراء البلح باعتباره سيد الموقف في إفطار رمضان.

تدابير اتخذتها الدولة لمكافحة استغلال التجار لموجات غلاء الأسعار، وأطفأتها بافتتاح الدولة لـ١٢٢ معرضًا في جميع المحافظات تحت شعار «أهلا رمضان»، مستهدفة التخفيف عن المواطنين حتى لا يقتل الغلاء فرحتهم، فجاءت تلك المعارض بارقة أمل للمواطنين، وشهدت إقبالًا كبيرًا من محدودي الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع، حيث ضمت مستلزمات الشهر الكريم والسلع الغذائية الأساسية والأكثر استهلاكًا، إلى جانب قوافل سلعية متحركة، ومنافذ القوات المسلحة، وسيارات المجمعات الاستهلاكية التي تتنقل إلى المناطق النائية التي لا تصل إليها فروعها.

ورغم اختلاف عادات المسلمين في شهر رمضان باختلاف الدولة التي ينتمون إليها وتأثرها بالخلفية الثقافية التي تلقى ظلالها على أجواء الاحتفال، إلا أن مصر كانت وستظل المتميزة بأجواء أيام وليالي رمضان وسهراته، ومظاهر رمضان بالقاهرة بدأت مبكرا وبدى الفانوس المصري، متفوقًا في أشكاله وأحجامه، وتدلى في الشوارع والأزقة، وما زال قدوم «المسحراتي» أحد طقوس هذا الشهر في الأحياء الشعبية، حيث يقرع طبلته لإيقاظ الناس من النوم لتناول وجبة السحور، مرددًا أسماء الأطفال القاطنين فيها لتشجيعهم على الصيام.

وفي الغالب يبدأ المصريون إفطارهم بتمرات اقتضاءً بسنة رسول الله، ثم بتناول الحساء، ويختلف الإفطار من عائلة لأخرى، البعض يتناولونه بعد أداء صلاة المغرب، والبعض يحرص على أن يكون الفول المدمس ضيفا دائما على مائدتي السحور أو الإفطار، وعادة ما تكون الحلويات من الكنافة والبقلاوة والقطايف، فيما يحتل الخشاف منزلة هامة بين الأصناف التي تعتمد على البلح كمشروب ومأكل محبب للجميع.

ومدفع الإفطار ظاهرة رمضانية مصرية، وواحدة من أهم ما يميزه دون سائر الدول الإسلامية، حيث يتم إطلاق الذخيرة الحية مرتين يوميًا في وقت الإفطار والسحور، ولم يتوقف هذا التقليد منذ عهد والى مصر «محمد على» حتى الآن إلا خلال فترات الحروب العالمية، ويستقر المدفع حاليًا فوق هضبة المقطم وهي منطقة قريبة من القلعة، بالإضافة إلى مدافع أخرى تم وضعها في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية.