الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أحلام وردية مع الست هنية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما رأيكم دام فضلكم نبعد شوية عن الضريبة التصاعدية بعد أن اتهمتنى زميلتنا العزيزة بجريدة «الجمهورية» سمية عبدالرازق بأننى «رايق» وبـ«أنفخ فى قربة مقطوعة»، لكنى فقط أقول لها: سوف أظل أنفخ إلى أن نستطيع جميعًا أن «نربط القِربة»، وعمومًا تعالوا نمسك فى «قِربة» الأسعار وهموم الناس.
شغلونا وشغلوا الناس بحديث لا ينقطع وتصريحات لا تتوقف، عن رقابة الأسواق وضبط الأسعار، لكنهم لم يوضحوا بالتحديد ماذا هم فاعلون بالأسعار بعد حكاية «الضبط والإحضار»، وهل سيتم عرضها على النيابة؟ وهل يجوز أن يرسل لها سامح عاشور محاميًا لحضور التحقيق معها؟ الله أعلم.
ماذا يفعل رب أسرة يحلم بوجبة معقولة «تصلب عود» أولاده، فإذا به يرى حتى «العدس» أصبح بعيد المنال بـ«يتعزز» على الناس؟ وكيف يكون حاله وهو يسعى فقط من أجل توفير كوب لبن لكل طفل من أطفاله مع «بيضة» مسلوقة و«حتة» جبنة ورغيف عيش؟ وإيه العمل وهو يقف عاجزًا عن تدبير غذاء صحى جيد ومتكامل ويحتوى على كل العناصر الضرورية لبناء جسد الطفل وعقله أيضًا.. وآه لو تعرض أحد أبنائه لمرض ما «لا قدر الله».
تعالوا نعمل مسابقة فيما بيننا، وصدقونى ممكن نرصد جائزة كبرى لمن يدلنا على سلعة أو خدمة لم يرتفع سعرها خلال الشهور الأخيرة.. تعودنا أن يرتفع سعر سلعة ما كل فترة، لكن طوفان الغليان فى الأسعار الذى يواجهه المصريون دفعة واحدة هكذا، أمر جديد لم يسبق له مثيل، وسط ثبات فى المرتبات وخداع فى التصريحات وألاعيب فى الخفاء.
تعالوا أيضًا نراجع تصريحات المسئولين ومانشيتات الصحف على مدى أكثر من أربعين عامًا.. ونقرأ معًا هذا الكلام: «توجيهات بضرورة الاهتمام بجميع الإجراءات التى يتعين اتخاذها من أجل تحسين مستوى معيشة المواطنين والعناية بمحدودى الدخل والفئات الأولى بالرعاية».. بذمتك ودينك وإيمانك، عفوًا، ألم تقرأ هذا الكلام «عُشرميت» مرة؟، ألم تطالعه قبل الأكل وبعد الأكل كل يوم تقريبًا؟.. بلاش كده ألم يأتِ لك فى الأحلام الوردية وأنت تتمنى أن تصحو فتجد الدنيا ربيع والجو بديع والعيشة هنية، مع كل الاحترام والتقدير لجارتى الطيبة الست هنية.
هل يعقل أن تصل الأمور إلى حد أن يضطر المواطن المقهور أن «يفش غله» فى محصل الكهرباء بعد أن وصلت الفاتورة إلى عنان السماء، ونسمع عن اشتباكات وصلت إلى حد أن محصلًا فقد حياته وآخر تعرض لإصابات بالغة وثالثًا لا أعرف مصيره حتى كتابة هذه السطور؟ ماذا جرى وهل كُتِبَ علينا أن «يعملوها الكبار ويقع فيها الصغار».. والبهوات بيتفرجوا؟ 
يصحو رب الأسرة وكثير من الأمهات والفتيات والشباب كل صباح.. ينطلقون فى شوارع المحروسة.. يحملون همًا بلا حدود بعد أن اختفت الابتسامة الحلوة للمصريين من على معظم الوجوه.. يبحثون عن وسيلة مواصلات آدمية للوصول إلى أماكن العمل والشقاء واللقمة الحلال.. ثم تسمع واحدًا من المتحذلقين يقول بكل بجاحة: «الناس كسولة.. مفيش حد بيشتغل فى البلد».
نعم يا روح طنط؟ بتقول إيه يا بابا؟ هى الورش المفتوحة فى كل مكان بتشتغل بشياطين لا تراها إلا حضرة جنابك؟ والمكن الداير فى المصانع بتروح حضرة جنابك تنفخ نفخة فتلف وتدور وصوتها يعلو بفضل «نفختك الكدابة».. الأولى بأمثال هؤلاء أن يرفعوا صوتهم المزعج لإصلاح وتشغيل آلاف المصانع المتوقفة، والتى سقطت من حسابات الحكومة عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، لينعم المستوردون فى حياتهم ويفرح المحتكرون فى سهراتهم، رغم إن تشغيل هذه المصانع يسهم فورًا فى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: تقليل نسبة البطالة، زيادة الإنتاج، خفض نسبة الواردات، زيادة معدل الصادرات، الإسهام بالتالى فى حل مشكلة نقص الدولار.. وهذا التخريف الذى أقوله هو ألف باء الفريضة الغائبة رغم أن كثيرين من الخبراء والعلماء المهمومين عن حق بالوطن وشعبه، قالوا بذلك وعلا صوتهم حتى كادت أن تتأثر أحبالهم الصوتية، ولكن مسئولينا «لا حس ولا خبر.. ولا صوت ولا إحساس».
مصر التى كانت تفخر بإنتاجها من القطن الذى لا مثيل له، تدهورت فيها صناعة الغزل والنسيج، وتعرضت مصانع كثيرة للإغلاق بالضبة والمفتاح، بشكل يدعو للتساؤل، والبركة فى سنوات الجفاف قبل ٢٠١١.. ومصر التى كانت سلة غلال العالم «ده مش كلام إنشا»، تحولت إلى أكبر دولة مستوردة للقمح فى العالم.. ومصر التى كانت رائدة فى الزراعة تستورد حوالى ٩٠٪ من احتياجاتها من الزيوت النباتية.. وقِس على ذلك الكثير مما نستورده ويدفعنا للأسف للحسرة فى وقت لا ينفع فيه إلا الأمل رغم كل الإحباطات.
ماذا أقول لكم؟ نلتقى بعد فاصل قد يطول أسبوعًا.. وسلامًا على الصابرين.