رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

سعاد حسني.. الأنثى بكل تناقضاتها

الفنانة سعاد حسني
الفنانة سعاد حسني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد فنانة متعددة المواهب أحبها الناس وعشقوا موهبتها فهى ممثلة من طراز استثنائي.. تربعت على عرش السينما والاستعراض بسرعة الصاروخ واستطاعت أن تثبت للجمهور حجم ومساحة طاقتها الفنية حيث مثلت ورقصت وغنت وجسدت الأنثى بكل تناقضاتها فكانت بريئة وحبيبة وزوجة، وتألقت أكثر مما تألقت أى نجمة أخرى وحصلت على الشهرة والمجد اللذين لم تحظ بهما فنانة، فهى الممثلة الوحيدة التى نافست سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فى أن تكون نجمة القرن العشرين.. إنها سندريلا الشاشة السينمائية سعاد حسني.
سعاد حسنى مازالت تعيش بيننا ولم تمت ولكنها تعيش داخل كل فتاة مصرية، وابتسامة وأحلام كل فتاة معلقة بها.
وخلال مشوارها الفنى الذى امتد لما يقرب من 30 سنة نتذكر أنها أمتعتنا بأدورها الرائعة والتى أدت فيها دور الابنة والزوجة والأم بمنتهى البراعة، حتى بعد أن تحولت نظرة عينها من نظرة مبهجة وحيوية الى نظرة يملؤها الحزن والشجن، وفى الحالتين تميزت ببراعتها فى اختيار الأدوار التى تتناسب مع شخصيتها الجديدة.
ولدت سعاد حسنى بحى بولاق في 26 يناير 1943 تنتمى إلى أسرة بسيطة والدها الفنان "محمد حسنى البابا" وكان يعمل خطاطا من أصل سورى لها ستة عشر أخا وأختا وهى لم تنل حظا من التعليم حيث إنها لم تتعلم بالمدرسة ومن بين أشقائها كانت الفنانة "نجاة الصغيرة" وهى شقيقة كبرى لها كانت قريبة منها فى بداية حياتها الفنية.
جسدت سعاد شكل الفتاة الشابة بمختلف جوانبها وكانت بدايتها مع المطرب "محرم فؤاد" من خلال فيلم "حسن ونعيمة" 1959.
كانت سعاد واحدة من سبعة عشر أخا وأختا معظمهم غير أشقاء، فقد أنجب والدها من زوجته الأولى ثمانية، ثم تزوج جوهرة -والدة سعاد- ورزق منها بثلاث (كوثر وسعاد وصباح) ثم انفصل الأبوان فتركت سعاد بيت أبيها فى منطقة ميدان الأوبرا لتعيش مع والدتها فى شبرا بالقرب من ميدان الخازندار.. وهناك تزوجت الأم زوجها الثانى ويدعى عبدالمنعم حافظ والذى كان يعمل مفتشا بالتربية والتعليم وأنجبت منه ستة آخرين.
نشأت السندريلا فى أسرة فنية مارست الفن هواية واحترافا، حيث تنوعت مواهب أخواتها بين الغناء والتلحين والعزف والرسم والنحت ومن بين هؤلاء اشتهرت نجاة الصغيرة كمطربة وعز الدين كملحن.
ففى هذه العائلة الكبيرة التى تتنفس الفن عاشت سعاد وسط مناخ يتذوق الحرف والكلمة ورأت عن قرب كثيرا من مشاهير السياسيين والفنانين ورجال الدين والمجتمع وهم يحضرون للبيت لمقابلة أبيها طلبا للوحة قرآنية أو كتابة أسمائهم بخط عربى جميل كان من بينهم الشيخ محمد رفعت الذى ربطته بوالدها صداقة قوية وعلاقة روحية طويلة.
بدأت سعاد المشاركة بالغناء بعد أن أكملت الثالثة من عمرها فى برنامج الأطفال الإذاعى الشهير (بابا شارو)، والذى كان يقدمه الإذاعى الكبير محمد محمود شعبان، واشتهرت سعاد فى هذا البرنامج بغناء مجموعة أغنيات كتبت لها خصيصا أشهرها تقول (أنا سعاد أخت القمر.. بين العباد حسنى اشتهر).
كان أول من تحمس لرعاية موهبة السندريلا زوج والدتها.. ففى بيته تعرف عليها الأديب والمخرج والممثل عبدالرحمن الخميسى الذى كان موعدها معه وكأنه موعد مع القدر، وكان عمرها لم يتجاوز الخامسة عشرة، ووجد فيها صورة وصوتا مميزا، وشعر أنه أمام موهبة فطرية تحتاج لرعاية فنية.
وكان الخميسى فى هذا الوقت مهتما بكتابة مسلسل إذاعى باعتبار الإذاعة كانت -فرس الرهان الرابح- لأن التليفزيون لم يبدأ إلا مع مطلع الستينيات عن القصة الشعبية (حسن ونعيمة) ونجح المسلسل وكانت نعيمة فيه الممثلة الإذاعية القديرة (كريمة مختار).
وأدرك الخميسى مدى شغف سعاد بالدور فبدأ يطلب منها تمثيل مقاطع من الحلقات ففكر فى تحويل القصة إلى فيلم سينمائي، وبعد نقاش طويل مع المخرج الكبير بركات.. اقتنع بركات بالوجه الجديد، وحمل شهر مارس 1959 مولدها كنجمة جديدة فى السينما المصرية، وذلك عندما عرض فيلم "حسن ونعيمة" بطولتها والفنان محرم فؤاد.
تزوجت سعاد حسنى فى بداية مشوارها الفنى من المصور السينمائى صلاح كريم لكن زواجهما لم يستمر طويلا، ثم تزوجت من المخرج على بدرخان حيث بدأت قصة حبهما مع تصوير فيلم "نادية"، وكان بدرخان وقتها يعمل مساعدا لوالده المخرج أحمد بدرخان واستمر زواجهما 11 عاما ثم انفصلا إلا أن انفصالهما لم يمنع من تعاونهما الفنى حيث قدم لها العديد من الافلام من بينها "الراعى والنساء"، وبعد على بدرخان تزوجت من زكى فطين عبدالوهاب ابن الفنانة الراحلة ليلى مراد إلا أن زواجهما كان سريا بسبب معارضة والدته ثم انفصلت عنه وتزوجت أخيرا من كاتب السيناريو ماهر عواد واستمر الزواج إلى أن رحلت السندريلا.
عاشت سعاد حسنى رحلة فنية خصبة حافلة بالعطاء المتميز والمتنوع قدمت خلالها 83 فيلما من بينها إشاعة حب، رجال وامرأة، عائلة زيزى، المراهقات، صغيرة على الحب، شباب مجنون جدا، الزوجة الثانية، حب فى الزنزانة، البنات والصيف، خلى بالك من زوزو.
وقد عانت السندريلا فى السنوات الأخيرة من عمرها من آلام شديدة فى العمود الفقري، ففرضت على نفسها العزلة لتعيش آلامها وحدها، وقد أنفقت كل مالها على رحلة علاجها، وبعد أن نفدت مدخراتها عادت إلى مصر ولكن طبيبها الخاص نصحها بالعلاج فى لندن، وقامت بعض الشخصيات العربية بطلب تغطية تكاليف علاجها مهما تكلف بدون غرض سوى إعجابهم بفنها ولكنها كانت ترفض، حتى صدر قرار بسفرها إلى لندن لتعالج على نفقة الدولة كنوع من التقدير العميق للفنانة.
وظلت سعاد فى لندن تتلقى العلاج حتى رحلت عن عالمنا يوم 21 يونيو 2001 عن عمر يناهز 58 عاما، عندما عثر عليها جثة هامدة على أرضية الجراج الخلفى لبرج ستيوارت تاور بمنطقة (ميدافيل) بوسط لندن والتى لا يزال الغموض يكتنف حادث مقتلها.