الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خيبة الأمل التى تنتظر ترامب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سبق أن أدت علاقة ترامب الغامضة بالكرملين وقائده، إلى مصادر اضطراب كبيرة فى السياسات الأمريكية والشئون العالمية، لكن نظرة الرئيس المنتخب الأكثر إيجابية إلى روسيا تقدّم فرصة واحدة مثيرة للاهتمام على الأقل. ربما تنجح واشنطن وموسكو أخيرًا فى الاتفاق بشأن نظام أمنى أوروبى جديد وإنهاء الصراعات المجمدة أو غير المجمدة تمامًا فى المحيط الروسى.
تستمر الصراعات المجمدة أو غير المجمدة تمامًا فى دول أوكرانيا، ومولدوفا، وأرمينيا، وأذربيجان، وجورجيا، فيما تواجه روسيا البيضاء حالة من الركود، ونتيجة لذلك يتواصل خطر الانفجار فى هذه المنطقة، التى قلما تتقدم اقتصاديًا أو سياسيًا.
لا تنجح عمليات السلام المختلفة بين الأطراف المحلية فى تقديم حل لهذه الصراعات، لطالما اقتضى الحل أن تتوصل الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق يستطيع كلا الطرفين تقبّله، ويحدد طريقة التعامل مع هذه الدول، ولكن فى جو من انعدام الثقة العميق بشأن نوايا الآخر، الذى يصل إلى حد الريبة المرضية، ظلّ هذا الاتفاق بعيد المنال أو حتى مستحيلًا. نتيجة لذلك اعتُبر الانجرار إلى حرب باردة جديدة محتمًا. حتى قبل تسلّم ترامب منصبه، دفع موقفه من روسيا اللاعبين المحليين إلى القبول بضرورة التوصل إلى تسوية، ففى مقال نُشر أخيرًا فى مجلة وول ستريت جورنال، أعرب فيكتور بينتشاك، صناعى أوكرانى ثرى ومحسن بارز فى طموحات أوكرانيا الأوروبية، عن استسلامه فى خطوة استباقية. عند تأمل مقاربة ترامب الجديدة، أيّد بينتشاك قبول الأوكرانيين «بتسويات السلام المؤلمة»، التى تعهد بوروشينكو بألا يرضى بها مطلقًا، بما فيها التخلى عن أهداف مثل عضوية الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى، بكلمات أخرى رضخ بينتشاك أخيرًا للمأساة الجغرافية التى تعانيها أوكرانيا بسبب قربها من روسيا.
لكن المفارقة تكمن فى أن ترامب وبوتين بحد ذاتهما، فضلًا عن التفاعل المحتمل بينهما بعد تسلّم ترامب منصبه، سيشكلان العقبة الكبرى فى طريق تسوية مماثلة. تنبع وجهات نظر ترامب من روسيا، كما من جميع مسائل السياسة الخارجية، من وجهات نظر خاصة به. لا تولوا اهتمامًا كبيرًا للكثير من إعلاناته المتناقضة بشأن سياسات محددة، إذ يسعى ترامب إلى تصوير نفسه كقائد قوى و«منتصر» يستحق احترام كل مَن يقف أمامه ويناله، صحيح أن بوتين أكثر تحفظًا، إلا أنه يتبع مقاربة متفاخرة مماثلة إلى السياسة.
بكلمات أخرى، لا يشدد كل من بوتين وترامب على الانتصار فحسب، بل أيضًا على ملاحظة الجميع انتصارهما، ولكن فى منافسة القوى العظمى، التى تشمل دومًا غالبًا ومغلوبًا، من الصعب أن يُعتبر كلاهما فائزين. فضلًا عن ذلك، قلما يُقاوم الكرملين ووسائل الإعلام الروسية أى فرصة تُتاح لهما للسخرية من مشقة الولايات المتحدة، ولم يبدلا عادتهما هذه قبل انتخاب ترامب وبعده.
على غرار الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما من قبله، يبدو أن الرئيس المنتخب ترامب سيُصاب بخيبة أمل فى تعامله مع بوتين، ولكن بخلافهما يتراجع احتمال تفاعله مع أنواع الإذلال الجيو سياسى التى يهوى بوتين التسبب بها بمهارة تنبع من إحساس المرء بقوته وغايته، ولكن بما أن ترامب كثير التقلب وسريع الاستياء، قد تولّد ردود فعله منافسة أكبر بين روسيا والولايات المتحدة بشأن «الدول المتنافس عليها بينهما»، وقد نكتشف فى السنوات المقبلة أن الأوكرانيين الغربيين أنفسهم يفتقدون بأسى انفصال أوباما الهادئ عن مشاكلهم.
نقلًا عن «الجريدة الكويتية»