الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إيران من التخطيط التوسعي إلى حلم الخروج من الوحل

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دفع نجاح دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ العديد من دول العالم لإعادة حساباتها وخططها المستقبلية. فقد جاء فوز «ترامب» بمثابة قنبلة، انفجرت فى وجه جميع مَن كان له حلم أو وضع آمالًا عريضة على الحزب الديمقراطى الأمريكى. أدى الانفجار إلى دفع الجميع لإعادة حساباته من جديد، بعد أن أصيب حلفاء الحزب الديمقراطى بالصدمة والرعب من فوز ترامب. 
تقف الجمهورية الإيرانية الإسلامية على رأس هذه التحالفات، التى بنت أحلامها وطموحاتها فى منطقة الشرق الأوسط على الحزب الديمقراطى الأمريكى، بقيادة الرئيس الحالى أوباما، ومن بعده المرشحة المنهزمة هيلارى كلينتون. فأوباما هو مَن سمح لهم بدخول العراق، بدعوى محاربة الإرهاب، ثم أغمض العين عن دخولهم سوريا، سواء عن طريق حزب الله اللبنانى، الشيعى، الممول من إيران، أو عن طريق الحرس الثورى الإيرانى، الذى يقود العمليات بجانب القوات الحكومية السورية. بالإضافة إلى الاتفاق النووى الإيرانى ـ الأمريكى والذى بمقتضاه تم رفع العقوبات الاقتصادية التى تم توقيعها على إيران منذ الثمانينيات فى القرن الماضى.
حلمت إيران طويلًا بتطور أعمق فى العلاقات الإيرانية الأمريكية، بما يساعدها على التوسع وإعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية. هذا الحلم ظهر على أرض الواقع بتدخل طهران العسكرى فى العراق وسوريا، وتكوين أذرع لها فى اليمن ولبنان ودولة البحرين، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، حتى أفاقت إيران على كابوس لم تكن تتوقعه، وهو فوز دونالد ترامب، صاحب الموقف المعروف بمعاداة إيران وحلمها النووى، والرافض لتدخلها فى العراق وسوريا.
اكتشفت إيران الآن أنها تغوص فى الوحل، بعد صحوها من الحلم على كابوس حقيقى، هو أنها لن تستطيع الخروج من الدول المتغلغلة فيها بسهولة. فهى تعرف جيدًا أن تنظيم داعش الإرهابى الذى اتخذ من سوريا والعراق مقرًا له صنيعة أمريكية، ويأخذ الدعم الكامل من إدارتها، ليكون ذريعة لواشنطن وحلفائهم فى تدمير المنطقة من أجل مصلحة إسرائيل، وعلى ضوء هذا التوجه الأمريكى تمددت طهران فى عدد من الدول، لكن كل هذه الخطط والتدابير باءت بالفشل، بعد نجاح ترامب، المعروف بآرائه العنصرية المتطرفة تجاه الشرق الأوسط والأمة الإسلامية، وقد بنى سياسته الخارجية على إعادة حساباته مع إيران.
ويبدو أن الوضع فى الشرق الأوسط فى المرحلة المقبلة، سوف يتغير مع وجود الرئيس الأمريكى الجديد، وستكون إيران هى الخاسر الأكبر، إذا ما نفذ ترامب وعوده التى قطعها على نفسه وقت ترشحه لمنصب الرئاسة. إذا ما حدث ذلك، ستواجه إيران مشكلة ضخمة داخليًا وخارجيًا.
فطهران الدولة التى أخذت على عاتقها نشر الفكر الشيعى، بعد أن تمكنت من إحكام قبضتها داخليًا، وبدأت مشروعها التوسعى خارجيًا فى المنطقة، هذا الفكر الانتشارى جعلها تغوص فى الوحل، فهى مطالبة فى الفترة المقبلة بالخروج من سوريا والعراق، والتوقف عن المشروع التوسعى فى الشرق الأوسط، مما سيصيبها بحالة من الجنون وعدم الاتزان قد تنتهى بها إلى القضاء على مشروعها القديم بإحياء الإمبراطورية الفارسية.
لقد عاشت إيران سنوات طويلة تخطط للانتشار فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، وبذلت فى إطار ذلك كل السبل القذرة، حتى أصبحت هى المسئول الأول عما يحدث فى المنطقة العربية من حروب أهلية، لقد ساعدت على تمزيق العراق وسوريا واليمن، ومن قبلها لبنان، والآن جاء الوقت الذى تقف فيه إيران عند حدها، لتعرف قيمتها الحقيقية، بعد أن ضمرت خططها التوسعية، وتحولت إلى حلمها بالخروج الآمن من الوحل.