الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المنظمات الأهلية بين الغوغائية والالتزام المجتمعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس هناك من شك فى أن المجتمع المدنى يعد جزءًا أصيلا من أى نظام ديموقراطى. ذلك لأنه فى رحاب المجال العام يتوسط بين الدولة والمواطنين وتدور فى سياقه الحوارات النقدية الفعالة التى تتعرض بالتحليل للسياسات الحكومية. وهكذا نشأت المنظمات الأهلية التى تعددت صورها بين منظمات حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان بالمعنى الواسع للكلمة، ومنظمات أهلية تنموية لا تكتفى بالمطالبات الحقوقية ولكنها تتعدى ذلك للإسهام الفعال فى مجالات التنمية المختلفة دعما لجهود الدولة فى المجالات الاجتماعية المتعددة.
غير أن نظرة موضوعية لممارسات المنظمات الأهلية فى مصر تكشف عن أنها فى مجملها حادت عن المسار الصحيح, وأول مؤثر على ذلك هو أن المنظمات الأهلية الحقوقية تبنت منظورا بالغ الضيق لحقوق الإنسان التى تدافع عنها. فقد درجت على أن تركز على الحقوق السياسية فى مجال التعبير عن الرأى مغفلة أن حقوق الإنسان أوسع بكثير من هذا المنظور الضيق.
وذلك لأن الحق فى العمل حق من حقوق الإنسان، وكذلك الحق فى الأجر العادل، كما أن حق السكن، وحق الرعاية الصحية، والرعاية الاجتماعية كلها من حقوق الإنسان.
ويكشف عن صحة هذا المفهوم الواسع لحقوق الإنسان سياسة الدولة بعد تولى الرئيس «السيسى» لرئاسة الجمهورية, والذى صرح بحق ذات مرة أن حق السكن حق أصيل من حقوق الإنسان بالإضافة إلى الحقوق السياسية.
وإذا عرفنا- وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء- أن ١٨ مليون مصرى يعيشون فى العشوائيات لأدركنا أن انتشال هؤلاء من واقعهم الاجتماعى المتردى مسئولية الدولة فى المقام الأول احتراما لحق السكن.
ومن هنا نفهم الاهتمام الشديد الذى أولاه الرئيس «السيسى» لبناء مجتمعات سكنية متكاملة مثل حى «الأسمرات» لكى ينتقل إليه من يسكنون فى العشوائيات، احتراما لحق أساسى من حقوق الإنسان.
وإذا كانت المنظمات الأهلية الحقوقية تركز فى خطابها على الحقوق السياسية فقد آن أوان إحداث التوازن فى ممارساتها والاهتمام بحقوق الإنسان الأخرى، بالإضافة إلى أهمية أن تنزل إلى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتدعم جهود الدولة فى تنمية المجتمع.
غير أن أبرز سلبية من سلبيات ممارسة المنظمات الحقوقية أنها فى مجال الحصول على التمويل الأجنبى لم تمارس قواعد الشفافية المطلوبة مما أدى إلى انتشار الفساد، خصوصا بين القائمين عليها، والذين تربحوا من نشاط المنظمات التى يشرفون عليها والتى حصلت بصور مشبوهة على ملايين الجنيهات لا يعرف الرأى العام أوجه إنفاقها لأنها تمتنع عن نشر ميزانياتها.
وأخطر من ذلك أن هذه المنظمات الحقوقية- أو بعضها على الأقل- استخدمتها الدول والهيئات الأجنبية الممولة للهجوم على سياسات الدولة فى مجال الحريات العامة بل التشهير بها بصورة مكشوفة، مما جعل هذه المنظمات الحقوقية أشبه ما تكون بمنظمات عميلة مدفوعة الأجر!.
وهذه الممارسات المنحرفة تتعمد تجاهل الأوضاع الأمنية فى مصر حيث برزت ظواهر الإرهاب بعد إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وقيام عدد من خلاياها النشطة باغتيال كبار المسئولين فى الدولة، مثل النائب العام أو بعض كبار ضباط القوات المسلحة والشرطة، مما جعل الدولة تطبق سياسات أمنية تهدف إلى حماية المواطنين بين الأحداث الإرهابية، حتى لو كان فى ذلك بعض التضييق على الحريات السياسية.
وهذا هو الذى يبرر أن الدولة أصدرت تشريعا ينظم حق التظاهر حتى لا يصبح التعبير المشروع عن الرأى أو عن المعارضة وسيلة لنشر الفوضى التى تؤدى بالضرورة إلى عدم الاستقرار.
وقد شهدنا فى المرحلة الانتقالية بعد ثورة ٢٥ يناير كيف غاب الأمن وسادت ظواهر ترويع المواطنين فى ظل فوضى المظاهرات والمظاهرات المضادة، والتى كادت أن تسقط الدولة ذاتها بعد أن تفكك المجتمع وتحول إلى شراذم متصارعة تواجه خلافاتها باستخدام العنف.
ومن هنا فإن النقد المغرض لبعض المنظمات الحقوقية ولعدد من الناشطين السياسيين لقانون التظاهر، والدعوة إلى أن يكون التظاهر بالإخطار، إنما هما فى حقيقتها ليسا إلا دعوة لنشر الفوضى فى المجتمع، وليسا للتعبير عن الآراء المعارضة.
على المنظمات الأهلية الحقوقية وغيرها أن تعلن عن حجم الأموال التى تلقتها من مصادر خارجية وكيف أنفقت. هذا هو حق الرأى العام فى أن يعرف الحقيقة كل الحقيقة!.