الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هيكل.. أول عيد ميلاد بعد الابتعاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى أول عيد ميلاد، يأتى بعد الغياب لأستاذ الصحافة والكتابة السياسية والتاريخية محمد حسنين هيكل (٢٣ سبتمبر ٢٠١٦)، ربما يكون أول ما يخطر لنا مجددًا.. أو ما يهمنى هنا فى هذه السطور القليلة أن أعيده مؤكدًا:
اقرأوه.. تعلموا منه وأنصتوا بتواضع، وبعد أن تستوعبوا وتتأملوا.. ناقشوا، واتفقوا واختلفوا إن أحببتم، لقد كتب تاريخ مصر الحديثة والمعاصرة كلها:
عصر ما قبل ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ومقدمات الثورة فى كتابه المرجع التاريخى، المدقق المتعمق: (سقوط نظام: لماذا كانت ثورة يوليو ١٩٥٢ لازمة؟). ملحمة النضال والصراع الضارى ضد الاستعمار، بقيادة جمال عبد الناصر: فى رباعية «حرب الثلاثين سنة» (ملفات السويس/سنوات الغليان/الانفجار ١٩٦٧/أكتوبر ٧٣ السياسة والسلاح).. وعن نفسى أرى أن كتابه الفذ (حرب الخليج) هو المتمم لهذه الكتب، الذى يجعلها «خماسية».
أفضل كتاب من وجهة نظرى عن جمال عبد الناصر حتى الآن: (عبد الناصر والعالم)... والكتاب الذى له قيمة وأهمية خاصة فى الحقيقة ولدى هيكل نفسه، وهو فى الرد على كل خصوم عصر وتجربة وقيادة عبد الناصر: (لمصر.. لا لعبد الناصر).
أهم كتاب عن العهد الذى تلى عبد الناصر، وهو كتاب: (خريف الغضب قصة بداية ونهاية عصر أنور السادات).. إنه الكتاب المرجع الشامل عن تلك الحقبة «السبعينيات»، الذى لم يترك شاردة ولا واردة عن نظام السادات.
آخر ثلاثة كتب لهيكل، وقد أصدرها بعد ثورة ٢٥ يناير يؤرخ فى أحدها لعهد مبارك: (مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان)، والثانى يضم أحاديثه حول ذلك العهد وضده خلال سطوة حكم الثلاثين سنة لمبارك، والثالث يضم أحاديثه فى المرحلة الأخيرة منذ مستهل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وقد بدأت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة، فإنه يكاد لم يتوقف عن نشر المقالات والأحاديث، خلال ملحمة الثمانية عشرة يومًا فى ميدان التحرير.. عينه على الشعب وحركته، وقلبه ينبض بالفرح وعقله يشير وينير ويثير القضايا والملاحظات، اعتدادًا بثورة الشعب: ضد نظام امتد طويلاً وفسد كثيرًا، ووصفه بالعبارة المشهورة فى ذروة سطوته وقمعه بأنه نظام وسلطة «شاخت فى مقاعدها!»..
أما من يبحث عن ذروة متعة خالصة، فكرية سياسية تاريخية أدبية.. فليذهب إلى كتابه: (زيارة جديدة للتاريخ).. وليزوره معه وليمتلأ قلبه ووجدانه بالكثير الزاخر، والعميق الآسر، وبالطبع بنفس أسلوب هيكل فى كل ما كتب، وهو ما يقارب الخمسين كتابًا: أى أسلوب العالم المدقق المحقق، الواضح المحدد، وفى ذات الوقت أسلوب الأديب الفنان المبدع، الذى يعرف القارئ من أول وهلة عند القراءة، لفرط التميز والتفرد، أنها (كتابة لمحمد حسنين هيكل)، حتى وإن لم يكن قد قرأ توقيعًا عليها: (بقلم محمد حسنين هيكل).
ملاحظات حول سوريا:
لم أتحمس لبشار الأسد بسبب وصوله إلى رئاسة سوريا عبر (التوريث)، ولم أتحمس لبشار حينما تجاهل مطالب الإصلاح السياسى الديمقراطى لدى المعارضة الوطنية الحقيقية داخل سوريا، سواء قبل ٢٠١١، أو مباشرة عقب ثورتى مصر وتونس ٢٠١١.. لكنى أتحمس اليوم لبشار، بل منذ ما تلى بداية أو افتتاحية هذه الأحداث فى سوريا عام ٢٠١١ وإلى الآن.. فى معاركه ضد «الإخوان» و«النصرة» و«داعش»، ومعارضة الخارج السورية المرتبطة بالمخابرات الغربية، على غرار معارضة الخارج العراقية التى دخلت العراق على الدبابات الأمريكية!!
نعم.. إننى اليوم متحمس لسوريا: الدولة وجيشها وحتى نظامها.. بل ولا غضاضة حتى بالنسبة لرئيسها!.. لأننى مع ذلك كله: ضد قوى الإرهاب والوحشية والتخلف باسم الدين، وضد المعارضة تحت مظلة ودعم المخابرات الأمريكية والخليجية ولا نستبعد الصهيونية!
إن ذلك معناه.. أننا مع سوريا: الشعب.
وإذا الشعب يومًا فى سوريا أراد.. الثورة ضد نظامه، أو إذا أراد أى شعب الثورة ضد حكامه (كمصر وتونس فى ٢٠١١)، فليس هناك أبدًا أولى وأحق من الشعوب للوقوف فى صفها وخندقها، ومساندة قضاياها وأشواقها.
الخلاصة: لقد قامت ثورتان فى تونس ومصر.. وأما كل ما حدث فى العراق ثم سوريا وليبيا فإنه محض جرائم، وللأسف الشديد فإنها جرائم مستمرة... 
ملاحظات موضوعية وذاتية حول «الإخوان»:
نعم أنا معارض بكل وضوح وجلاء لكل رجعية فى الحكم المصرى، وسلطاته وتسلطاته، خاصة منذ العام المشئوم (١٩٧٤).. لكنى فى أى موقف أو موقع، لم، ولن، أضع يدى فى يوم من الأيام فى يد التيار الرجعى الديني، بكل فصائله وأشكاله، بكل عناصره وصوره!.
أولًا وأساسًا من منطلق موضوعى عقلانى فكرى ضد أى رجعية (محلية كانت أو إقليمية أو دولية)..
وثانيًا من منطلق إنسانى أو حتى شخصى، لأنهم من حاولوا قتل «أبي» فى يوم من الأيام: جمال عبد الناصر...
وأحسب أن هذا الموقف (بالبعدين فيه: الموضوعى، والذاتي)، هو الذى حمانى دائمًا وطول عمري! من الوقوع فى فخ التعامل أو التعاون مع (الإخوان)، ومن خرج من جوفهم من (فصائل تدعى أنها إسلامية!).
وهو الذى جعلنى أتوقع بل أتيقن من سقوطهم، ولفظ الشعب لهم، عندما يجربهم فى الحكم، وهو ما حدث بالفعل، بعد عام واحد فقط لا غير..!
واليوم أجدنى أحذر مجددًا من وقوع فئات أو أناس، هم بالطبيعة ضد رجعية ذلك التيار، لكنى أستشعر الآن أنهم يمكن أن يقعوا فى فخ التعاطف معهم، خاصة مع «المناحة» (أو حائط المبكى) الجديد، مما سعى الإخوان وأنصارهم إليه بخبث شديد، وبدأب تحت مسمى: ذكرى مذبحة فض تجمعهم فى (رابعة).
كما أشير أخيرًا هنا، ومجددًا إلى نقطتين بسرعة، الأولى: أنه لا يجب أن يكون للإخوان ومجمل التيار الدينى الرجعى، ومجمل القوى واضحة الرجعية والتناقض الحاد مع مصالح أوسع الجماهير، أى حق فى العمل السياسي/ التنظيمي، لكن فى نفس الوقت مع حماية كل الحريات الأخرى وحقوق وكرامة الإنسان لأفرادهم وأسرهم، وصون كل قيم وقوانين المواطنة بكل معنى الكلمة بالنسبة لهم.
أما النقطة الثانية: فهى أننى لا أتعاطف مع مصير أى إخوانى أو وهابى استخدم السلاح فى أى مكان من العالم، ولا أتعاطف مع كل الذين ذهبوا إلى «رابعة» أو «النهضة» باستثناء الذين ذهبوا ليأكلوا.
هؤلاء وحدهم أتعاطف معهم... وإلى حد البكاء.