الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بعيدًا عن الفن.. مأخذ سياسي على "مأمون"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عمل عادل إمام هذا العام بعنوان «مأمون وشركاه»، من إخراج رامى إمام، ونص يوسف معاطى، هو مسلسل فكاهى تقليدى وعندنا أنه يمكن تقبله على هذا الأساس، وحتى الاستمتاع بمناطق ومشاهد فيه وبعناصر.. وإن كانت لنا عليه ملاحظة سلبية رئيسية، هى أن به كثيرًا من الترهل فى المسار الدرامى والأحداث ومجمل الإيقاع، ولم يخل المسلسل من مواهب قديرة وأخرى واعدة فى فن التمثيل.. وعادل إمام نفسه فى دور (مأمون: كمثال يقدمه المسلسل لأقصى حالات البخل)، كان محتفظًا بلياقته كممثل، فضلًا عن حضوره الخاص للغاية كنجم وكوميديان، وقدمت لبلبة أحد أفضل أدوارها. لكن أسوأ ما فى مسلسل «مأمون وشركاه»، على الإطلاق، هو أمر سياسى لا فني!.. هو الموقف الذى يحاول أن يلعب على كل الحبال فى قضية «التطبيع» مع الكيان الصهيونى، بل ويقع فى سقطة واضحة أثناء محاولة هذا اللعب!!.. فقد كانت ضمن الخطوط الكثيرة من غير داع (التى فتحها على نفسه السيناريو المترهل لمعاطي): مسألة الدعوة إلى التسامح والتعايش الجميل بين أصحاب الديانات السماوية الثلاث.. وحتى هو يدخل غير السماوية (كالهندوسية وعبادة البقر) أيضاً!. ولم يكن فى ذلك مشكلة فكرية وإنما درامية.. على أننا فجأة فى المسلسل، نعلم أن ذلك الطرف الجديد «اليهودى» الذى دخل فى العائلة، من خلال زواج أحد أبناء مأمون (خالد سليم)، هو طرف ليس يهوديًا فحسب وإنما صهيونيًا أيضًا.. إذ يتضح أن الزوجة ووالديها الفرنسيين، ومن أصل مغربى، يهود متحمسون متعصبون لمشروع «كيان إسرائيل» على أرض فلسطين وما يسمونه أرض الميعاد، بل ولديهم بالفعل فى تل أبيب مسكن عازمون على الإقامة فيه، والانطلاق إليه من القاهرة التى مروا بها.. وكارثة المسلسل أن الشاب ابن مأمون، قرر أن يذهب مع تلك العائلة ليقيم معها فى تل أبيب، كما أن فى صحبتهم غلامه الصغير!.. ولا يوجد فى كل المسلسل على الإطلاق من يعترض على هذا التصرف للشاب سوى أمه فقط (لبلبة)، وهى فى مكالمة تقول للشاب: منذ الآن لا تعتبرنى أمًا لك.. ولا تحضر يومًا حتى جنازتى.. لكن كارثة المسلسل تكمن، فى أن الشاب لا يترك العائلة الصهيونية فى مطار القاهرة ويتراجع عن فكرة سفره اللعينة، سوى لسببين فقط: إرضاء لأمه.. ولأن هناك مشاعر وقصة حب جديدة ورغبة فى الارتباط بزواج ثان من فتاة مصرية، ولا يبدو على الشاب فى المسلسل إطلاقًا أى قلق أو تردد من ناحية خطيئة وخطورة ذهابه للإقامة فى الكيان الصهيونى، ومعه ابنه الذى سوف يصير إسرائيليًا.. وقد يكون هذا الشاب (ابن مأمون) نذلًا قميئًا وليس لديه ذرة وعى ووطنية، مثله كعدد ما أقام هناك، فلا يعيب المسلسل أن يرصد ذلك، لكن يعيبه ويشينه أنه لا يدين ذلك.. ويتعامل مع الشاب على نحو عادى وحنون، بل ويكافئه باستقبال أسرته المصرية «العادى» أيضًا، ويكافئه بالزوجة الجديدة التى يحبها، ولا لوم عليه فى شىء أبعد أو أكثر من ذلك، ولا هو نفسه يعاتب نفسه على شىء!!!.. ثم الطامة الكبرى والمذهلة، حينما يعود من المطار تاركًا العائلة الصهيونية، فإنه يترك معهم ولده، ولا نراه يصمم على الاحتفاظ به أو يستبسل لاستعادته، بل يدعه يذهب فى يسر ويضحى به هكذا!.. ليصير إسرائيليًا، وسيكون ذات يوم بالطبع مجندًا مقاتلًا صهيونيًا فى «جيش الدفاع الإسرائيلى»، يقاتل أبناءنا ويحارب مستميتًا من أجل أن يقتل أهلنا!!. وكل هذا... «عادى» عند المسلسل!!!!.