السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

موسى الصدر.. إمام المحرومين الغائب

السيد موسى الصدر
السيد موسى الصدر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أسس حركة «أمل» لمساعدة الفقراء في جنوب لبنان وأول من دعا إلى مقاومة إسرائيل بالسلاح
دعا إلى تجاوز الخلافات الطائفية وأكد أن وظيفة الدين هي الاستقامة الأخلاقية
اختفى في ليبيا عام 78 بعد زيارة غامضة لليبيا

السيد موسى الصدر هو ابن صدر الدين ابن السيد إسماعيل ابن السيد صدر الدين ابن السيد صالح شرف الدين، من جبل عامل في جنوب لبنان، أقام والده في النجف وعرف باسم السيد الصدر، وانعقدت له المرجعية العامة للشيعة إلى أن توفى، تاركًا أربعة أولاد صاروا علماء دين، منهم موسى الصدر، الذي ولد في مدينة قم الإيرانية، عام ١٩٢٨م ودرس في كلية الحقوق بجامعة طهران، وحاز الإجازة في الاقتصاد، وصار أستاذًا محاضرًا في الفقه والمنطق في جامعة «قم» الدينية.
انتقل موسى الصدر في سنة ١٩٥٤ إلى العراق وبقى فيها أربع سنوات، ثم هاجر إلى لبنان وأقام فيها إقامة دائمة، وفيها ألف كتبه «منبر ومحراب، الإسلام عقيدة راسخة، منهج حياة»، وغيرها من المؤلفات الأخرى.
كان للصدر نشاط موسع في العمل الدينى عن طريق المحاضرات والندوات والاجتماعات والزيارات، حيث تجاوز سلوك الوعظ الدينى واهتم بالشئون العامة لشيعة لبنان.
في كنيسة الكبوشية بلبنان ألقى خطبة حول الاهتمام بشئون المجتمع، داعيًا إلى نبذ التفرقة الطائفية باعتبار أن وظيفة الدين هي الاستقامة الأخلاقية.
نجح الصدر في مدينة صور، في القضاء على التسوّل والتشرّد، وشارك في «الحركة الاجتماعية» مع المطران جريجوار حداد في عشرات المشاريع الاجتماعية.
اعتبر الصدر أن شيعة لبنان مهمشون ومحرومون، ومع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان سنة ١٩٧١ وما يليها، طالب بالتجنيد الإجبارى وتعميم الملاجئ وتحصين القرى وتأمين وسائل الدفاع الحديثة، إلى جانب مطالبته بتنمية المناطق المحرومة وإلغاء التمييز الطائفى.
رأى الصدر أن الشيعة يحتاجون إلى حركة مسلحة تحميهم، فقرر إنشاء حركة «أمل»، وتعاون مع ياسر عرفات لتدريب قوات الحركة، وقال إن «أمل» هي حركة المحرومين اللبنانيين، و«المنظمة» حركة المحرومين الفلسطينيين.
في خطاب ألقاه بتاريخ ٢٠/١/١٩٧٥ بمناسبة ذكرى عاشوراء، دعا المواطنين اللبنانيين إلى تشكيل مقاومة لبنانية تتصدى للاعتداءات الإسرائيلية وللمؤامرات التي تدبرها إسرائيل لتشريد اللبنانيين من أرضهم «لأن الدفاع عن الوطن ليس واجب السلطة وحدها، وإذا تخاذلت السلطة فهذا لا يلغى واجب الشعب في الدفاع».
في مؤتمر صحفى عقده الصدر بتاريخ ٦/٧/١٩٧٥، أعلن ولادة أفواج المقاومة اللبنانية «أمل»، وقدمها بأنها «أزهار الفتوة والفداء ممن لبوا نداء الوطن الجريح الذي تستمر إسرائيل في الاعتداء عليه من كل جانب وبكل وسيلة».
بادر الصدر بعد الاجتياح الإسرائيلى لجنوب لبنان بتاريخ ١٤/٣/١٩٧٨ إلى القيام بجولة على بعض الدول العربية داعيًا لعقد مؤتمر قمة عربى محدود يضم بعض الدول العربية بهدف الضغط على الإسرائيليين للإسراع في تنفيذ القرار ٤٢٥ والانسحاب من الأراضى اللبنانية المحتلة، وسعيًا لإنهاء محنة لبنان وإنقاذ جنوبه، وهو ما أعلنه بنفسه في حديثه لصحيفة «أخبار الخليج» البحرينية.
قام الصدر بزيارة إلى ليبيا بناء على إشارة خاصة من الرئيس الجزائرى هوارى بومدين، ووصل إلى ليبيا بتاريخ ٢٥/٨/١٩٧٨ مع مرافقيه محمد يعقوب والصحفى السيد عباس بدرالدين، ونزلوا في «فندق الشاطئ» بطرابلس الغرب.
أغفلت ساعتها وسائل الإعلام الليبية أخبار وصول الصدر إلى ليبيا ووقائع أيام زيارته لها، ولم تشر إلى أي لقاء بينه وبين القذافى أو أي من المسئولين الليبيين الآخرين.
صدر كتاب يحمل عنوان «سقوط السماء.. البهلويون والأيام الأخيرة لإمبراطورية إيران»، ووفقًا له، فإن اتصالات سرية كانت قائمة بين الشاه وموسى الصدر، رغم التوتر الظاهرى بينهما، وهذا ما يؤكد رغبة الشاه في عودة الصدر إلى إيران لإحباط طموحات الخمينى، في الأشهر التي سبقت قيام الثورة.
وقدم الكتاب برهانا على انعدام الثقة بين الصدر والخمينى، ويقول المؤلف، البروفيسور في جامعة كولومبيا، أندرو كوبر، إن شاه إيران كان مستعدًا للدخول في حوار مع موسى الصدر، مؤكدًا أن كتابه يوفر معلومات لم يتم نشرها من قبل بشأن اتصالات بين الصدر والشاه، والتي تشمل تحذيرات أرسلها الصدر بشأن الخطابات التخريبية لآية الله الخمينى في منفاه، كما تتضمن عرضًا تم تقديمه في مطلع صيف ١٩٧٨، قبل اختفاء الصدر بأسابيع، لمساعدة الشاه في كبح جماح الخمينى.
بحسب رواية الكتاب فإن الخمينى طلب من معمر القذافى عقد لقاء مع الصدر عبر أحد المقربين منه وهو رجل الدين محمد بهشتى لإقناعه بمفهوم ولاية الفقيه، ووصل الصدر إلى ليبيا ولم يأت ممثل الخمينى، ما أزعج الصدر فقرر العودة إلى بيروت، لكن بهشتى طلب في اتصال مع القذافى منع الصدر من السفر مدعيًا أن الصدر عميل للغرب.
وتكتمل القصة حين يطلب الخمينى من القذافى إقفال ملف الصدر نهائيًا، بأن يقتل ويدفن في الصحراء، أو يوضع في صندوق مغلق بالخرسانة ويلقى في البحر وفقًا لرواية الكاتب.
فيما كشف المستشار الدكتور محمد بشير الخضار آخر «مدعى عام عسكري» في نظام العقيد الليبى معمر القذافى النقاب عن قيام القذافى بالتخلص من عدد من كبار مساعديه السابقين من بينهم وزيرا الخارجية والعدل الأسبقان، إضافة إلى معارضين عن طريق الاغتيال.
وأكد الخضار الذي شغل الكثير من المناصب أبرزها منصب المستشار القانونى للمفتش العام للقوات المسلحة لسنوات كثيرة، وكان شاهدًا على واقعة سجن أبوسليم، أن الإمام الشيعى موسى الصدر، مؤسس «حركة أمل» في جنوب لبنان قتل في آخر زيارة له إلى ليبيا عام ١٩٧٨، بعدما دخل في مشادة كلامية مع القذافى واتهمه بالكفر وكاد يضربه، على حد قوله، ولم يكن للخمينى أي دور في قتله.
وأعلن الخضار الذي عمل مستشارًا قانونيًا لوزارة الدفاع الليبية طيلة ٢٥ عامًا، عن العثور على جثة في ثلاجة بميناء طرابلس يرجح أنها لأحد المرافقين اللذين اصطحبهما الصدر في زيارته إلى ليبيا، مشيرًا إلى أن الصدر دفن في مدينة سرت مسقط رأس القذافى قبل أن تنقل جثته إلى مدينة سبها ومنها إلى عدة أماكن غير معلومة.
وذكرت صحيفة ديسيرا الإيطالية، الواسعة الانتشار، أن أبونضال، رئيس المجلس الثورى لحركة فتح، والذي كان مكلفًا بقتل أكثر من ألف شخص من معارضى النظام الليبى، اتصل به العقيد معمر القذافى وطلب منه تصفية موسى الصدر ورفيقيه.
واجتمع أبونضال مع لجنة العمليات الخاصة المؤلفة من خمسة أشخاص فقط وكانوا مرتبطين به مباشرة، ونفذ عملية القتل بموسى الصدر ورفيقيه بعدما طلب منهم الذهاب معه بسيارتين لمقابلة العقيد معمر القذافى، وبأنه قادهم إلى نقطة بعيدة عن العاصمة الليبية لمدة ساعة، حيث كان يدفن معارضى النظام الليبى الذين كان يقتلهم، وأطلق هو ولجنة العمليات الخاصة النار عن قرب على الإمام موسى الصدر ورفيقيه وقتلهم وألقى بهم بحفر رملية، كان قد أعدها قبل يوم، وجهز جرافة لطمر القبور بالرمال، إثر ذلك عملت المخابرات الليبية على ختم جوازات سفر الإمام موسى الصدر ورفيقيه على أنهم دخلوا إيطاليا.
وذكر الإعلامي محمود بوراس أنه أثناء تواجده في مدينة بنى وليد جاءه أحد الأشخاص وأبلغه أن لديه معلومات يود الإدلاء بها كشاهد عن الإمام موسى الصدر وروى له القصة وأخبره أنه مستعد للشهادة والإفادة بما لديه من معلومات أمام أي محكمة.
وقال الشاهد لبوراس إنه كان يشتغل أثناء وصول الإمام موسى الصدر إلى ليبيا بمكتب الاتصال الخارجى التابع لمؤتمر الشعب العام (البرلمان) الذي كان يرأسه السيد أحمد الشحاتى، وكان عمره حينها عشرين عاما، وكان من ضمن أعضاء المكتب السادة محمود الخفيفى، وهو من بنغازى، وفرج السعيطى وحسين الفلاح، وقد تم تكليف السيد رئيس المكتب باستقبال الإمام موسى الصدر، وأنه كان من ضمن المستقبلين لإتمام إجراءاته الإدارية.
وأبلغ الشاهد بوراس أن الإمام موسى الصدر وصل بعد المغرب في شهر رمضان إلى مطار طرابلس الدولى، وكان معه اثنان من المرافقين يلبسان «الجلابية الطويلة» وقد التقينا بهم جميعًا في إحدى الردهات بالمطار.
وذكر الشاهد لبوراس أنه عند وصولهم إلى الفندق تم حجز جناح للإمام الصدر، ولرفيقيه حجرة، ولم تكن هناك أي مظاهر احتفالية لاستقبالهم.
وقال الشاهد إن الصدر سافر إيطاليا، ولم يكن «زعلان» من الاستقبال فقط، بل أيضًا لأنه لم يقابل القذافى.
وأضاف: «في عام ٢٠٠٢ كان هناك مؤتمر للرؤساء العرب بلبنان لم يحضره معمر القذافى، حينها تم استدعائى من قبل الأمن الخارجى بمدينتي (بنى وليد) وأخذوا منى معلومات شخصية وأبلغونى بأنى يجب أن أذهب لإدارتهم بطرابلس، لأنهم يريدون التحقيق معى، فذهبت إلى طرابلس وأبلغونى بأن المسئولين في أمانة العدل (وزارة العدل) يريدون التحقيق معى بخصوص اختفاء الإمام الصدر، فقلت لهم بأن هذه القضية قد نسيتها، فقالوا لى اطّلعْ على هذا الملف، فقد ينشِّط ذاكرتك، فاطّلعتُ عليه، وذُهلت من عدد الأشخاص الذين تم التحقيق معهم خلال كل هذه الفترة ويعانون نفس معاناتى، فقلت لهم إنى لا أذكر شيئا من هذه القضية فأقفلوا التحقيق ورجعت إلى بيتى، والحمد لله أنه جاءت ثورة ١٧ فبراير وحصلت على حريتى، وإننى أستطيع الحصول على جواز سفر، والسفر متى أريد، وهذه ختام قصتى مع الإمام موسى الصدر وأنا جاهز لأى تحقيق، لإثبات ما قلت». أبلغت الحكومة الإيطالية رسميًا كلًا من الحكومة اللبنانية والمجلس الإسلامى الشيعى الأعلى في لبنان، وحكومة الجمهورية العربية السورية، أن الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضى الإيطالية ولم يمروا بها «ترانزيت». أوفدت الحكومة اللبنانية بعثة أمنية إلى ليبيا وإيطاليا لاستجلاء القضية، فرفضت السلطة الليبية السماح لها بدخول ليبيا، فاقتصرت مهمتها على إيطاليا، حيث تمكنت من إجراء تحقيقات دقيقة توصلت بنتيجتها إلى التثبت من أن الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى روما وأنهم لم يغادروا ليبيا في الموعد. حتى الآن لا يوجد أي تأكيد على ما إذا كان موسى الصدر ما زال على قيد الحياة أم لا؟ فعائلته تؤكد أنه لا يزال حيًا، وهذا ما أكدته وتؤكده شقيقته رباب الصدر في أكثر من مناسبة، لكن المؤكد أنه تم التخلص منه لإنشائه حركة «أمل» التي كانت مقدمة فيما بعد لإنشاء حزب الله، أو لأنه اختلف مع مرجعية ولاية الفقيه كما ذكر البعض.