السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"داعش" وإرهاب ما قبل الانهيار

داعش
"داعش"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال السنوات الثلاث الأخيرة عودنا تنظيم الدولة الإسلامية، ما يعرف بـ"داعش"، فى الاحتفال خلال شهر رمضان الكريم بتنفيذ مجموعة من العمليات الإرهابية القوية.
وبالنظر إلى ما أصاب التنظيم خلال الشهور الأخيرة من هزائم وانتكاسات قوية على أرض الواقع مما اضطر عناصره إلى الانسحاب من مساحات من الأراضى التى كانت تحت سيطرته ويبسط نفوذه على سكانها ومواردها النفطية.
ففى العراق جاءت معركة "النجف" لتحرر المدينة من قبضة داعش من خلال عملية عسكرية قوية، حيث تم حشد قوات الجيش العراقي إلى جانب الجيش الشعبى مع دعم من القبائل السنية، وهذه العملية لا تزال مستمرة حتى تحرير "الموصل"، لقد كشفت العملية عن هروب العديد من عناصر التنظيم تاركين أسلحتهم ومخازن السلاح والذخيرة لتقع تحت أيدى قوات الجيش العراقى، أما فى سوريا فقد جاء التنسيق الروسى/الأمريكى كل حسب أهدافه الاستراتيجية مما أسفر عن تحرير أجزاء كبيرة من الأراضي من سيطرة "داعش"، وجاءت النتائج لصالح نظام بشار ومن يدعمونه.
أما فى ليبيا فقد شن الجيش الليبى التابع لحكومة الوفاق الوطنى هجمات على مواقع التنظيم، خاصة مدينة سرت، إضافة إلى قيام قوات «حفتر» بملاحقة عناصر التنظيم والاستيلاء على أسلحتهم ومخازنهم.
كما فقد التنظيم خلال الفترة الأخيرة استحواذه على مصادر النفط، سواء فى سوريا أو العراق أو ليبيا، ولذلك جاءت رسالة قادة التنظيم إلى جميع عناصره المنتشرة فى العالم كله من خلال الهجمات فى شهر رمضان فى محاولة لكسر حالة اليأس التى انتابت التنظيم نتيجة الهزائم المتكررة، وبنظرة تاريخية لكيفية وصول تنظيم الدولة الإسلامية إلى هذا الحجم من التمدد على أرض الواقع سنعود لعام ٢٠٠٢ عندما أصدر أسامة بن لادن أوامره لعناصر القاعدة فى أفغانستان للتحرك فى اتجاه العراق شمالًا، خاصة فى المناطق السنية لمجابهة القوات الأمريكية التى ستغزو العراق، وأن يتم تجنيد عناصر من المناطق السنية، ثم أعلن بعدها عن (تنظيم القاعدة فى العراق والشام) تحت قيادة أبومصعب الزرقاوى والتى ارتكبت العديد من المذابح ضد المدنيين، وكان على خلاف مع قادة تنظيم القاعدة الأم، خاصة فى موضوع نظام الحكم فى المملكة العربية السعودية، وخلال فترة الاحتلال الأمريكى للعراق فيما بين ٢٠٠٣ حتى ٢٠١١، شارك التنظيم مع تنظيمات أخرى فى الحرب ضد القوات الأمريكية، وفى عام ٢٠١٤ أعلن أبوبكر البغدادى عن قيام تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، وذلك بهدف إعادة الخلافة الإسلامية والتى تمثل حلمًا لدى الراديكالية الإسلامية بشكل عام، وهنا قطع التنظيم علاقته بتنظيم القاعدة الأم، وقام بتأسيس شبكة إعلامية قوية عبر شبكات التواصل الاجتماعى حتى وصلت العناصر المنتمية للتنظيم والقادرة على عمليات إرهابية نوعية إلى أن تكون من ستين دولة، كما عقد التنظيم اتفاقيات مع تنظيمات مشابهة فكريا وعمليا مثل بوكو حرام فى نيجيريا، يتميز تنظيم داعش أن عناصره غير محلية بل هى دولية وينتمى للتنظيم عناصر من أوروبا وآسيا، وهذا ما يفسر قدرة التنظيم على اختراق الحدود الدولية كما حدث فى فرنسا وبلجيكا وتركيا، لأن العناصر التى تقوم بتنفيذ العمليات هم من أصل البلدان، وتعتبر هذه أخطر مصادر القوة لدى التنظيم والاستفادة من حالة السيولة الأمنية الشديدة لكل من العراق وسوريا وليبيا حيث يقوم بإعداد معسكرات تدريب على طريقة معسكرات القاعدة فى أفغانستان وتنتقل العناصر بتلقى التدريبات ثم العودة إلى بلدانهم الأصلية، كما استفاد التنظيم من عمليات اللجوء إلى أوروبا فى انتقال عناصره مع اللاجئين حتى وصل الأمر إلى أن فتيات أوروبيات قمن بالسفر إلى سوريا والعراق للالتحاق بالتنظيم وتنفيذ عمليات نوعية.
أما بالنسبة للدعم المادى فلا يزال التنظيم يحصل عليه من خلال عوائد النفط التى تباع فى السوق السوداء عن طريق تركيا وقطر، إضافة إلى فرض الضرائب والإتاوة والجبايات على السكان فى المناطق التى تقع تحت السيطرة، وبتحليل العمليات التى تمت خلال شهر رمضان الماضى نجد أن أهمها السبت ٢٧ يوليو، حيث استهدفت سلسلة تفجيرات انتحارية فى وقت الفطار فى مواقع عسكرية فى الجيش اليمنى فى (المكلا) حيث أسفرت عن ٤٨ قتيلًا و٣٧ مصابًا وأعلنت داعش مسئوليتها الثلاثاء ٢٨ يونيو وهجوم فى مطار أتاتورك بمدينة (إسطنبول) راح ضحيته ٤٣ قتيلا ومائة مصاب، والأحد ٣ يوليو وقع تفجير دام فى منطقة الكرادة وسط بغداد خلف ٢١٩ قتيلا و٢٠٠ جريح وتم تنفيذ الهجوم بسيارة مفخخة، كما أحبطت الحكومة الكويتية ثلاث هجمات فى عمل استباقى أمنى داخل البلاد وخارجها كانت ستنفذ من خلال التنظيم.
أما فى السعودية فقد وقعت يوم ٤ يوليو الجارى ثلاثة تفجيرات: الأول وقع عندما فجر انتحارى نفسه أمام القنصلية الأمريكية فى جدة متسببًا فى جرح شرطيين، والثانى وقع بعد ذلك لدى تفجير انتحارى آخر نفسه بالقرب من مسجد بمدينة القطيف ذات الغالبية الشيعية شرق المملكة.
دون أن يصاب أحد بضرر غير مقتل الانتحارى والانفجار الثالث وقع بجانب المسجد النبوى فى المدينة المنورة والذى أودى بحياة أربعة من رجال القوات الأمنية.
وأخيرًا هل سيستطيع التنظيم مواصلة دفع عناصره فى أنحاء العالم بتنفيذ عمليات جديدة أم أن الإجراءات الأمنية قد تحول دون ذلك؟.