رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

شهادة خاصة عن تجنيد "داعش" لشباب "الأولتراس"

يدلى بها عضو فى الرابطة فشل فى توصيل معلوماته للأمن

داعش
داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ أبرز المنضمين للتنظيم من «وايت نايتس» وأعدادهم تصل إلى ٢٥ شخصًا
■ «علامة تعجب» حول دور «سيد مشاغب» فى العملية
■ طلبوا منهم استهداف السياح الروس بعد الضربة الجوية فى سوريا
تحاول الجماعات الإرهابية، تجنيد الشباب وإقناعهم بالانضمام للتنظيمات المختلفة للقيام بعملياتهم، بالانتشار فى أماكن تجمعهم مثل الجامعات أو على مواقع التواصل الاجتماعى، حتى تستطيع نشر أفكارها المتطرفة، وبث سمومها فى عقولهم، وتستغل هذه الجماعات كل نقاط الضعف المحيطة بالشباب، من العزلة التى يعيشون فيها، وفشل اندماجهم فى المجتمعات الجديدة، والبطالة، والاكتئاب. وهنا تكشف «البوابة» عن معلومات مهمة وخطيرة حول كيفية تجنيد التنظيمات الإرهابية للشباب المصرى خاصة من مشجعى الكرة.
«إ. هـ» شاب فى النصف الأخير من العشرينيات، ينتمى إلى رابطة مشجعى نادى الزمالك «أولتراس وايت نايتس»، وهو من الوجوه الشابة والبارزة فى العمل السياسى، اطلع على معلومات خطيرة تفيد تجنيد التنظيمات الإرهابية لأكثر من ٢٥ شابا ينتمون إلى حركات سياسية مختلفة وغير سياسية، إذ أثبت أن معظمهم ينتمون إلى «أولتراس زملكاوى»، ومن بين هؤلاء الشباب، الشابان المنفذان للحادث الإرهابى الذى وقع فى أحد فنادق الغردقة، وأسفر عن إصابة سائحين روس، بالإضافة إلى مقتل واحد من المنفذين، وهو الشاب الجانى والضحية «شيكا»، والقبض على الآخر «على رمضان» أو كما يعرفه زملاؤه «محمد مجدى».
«إ. هـ» حاول التواصل مع الجهات الأمنية لكى يطلعهم على طرق تجنيد هؤلاء الشباب، وكيفية تنفيذهم لمخطط الجماعات الإرهابية بالسيطرة على بؤر إرهابية فى مصر، دون دخول جنود التنظيم إلى الأراضى المصرية، ولكن الجهات لم تهتم بالأمر، ولا يعرف السبب هل يعود للرعب من إعلان حقيقة سيطرة تلك التنظيمات على بعض الكيانات، أو رغبة فى عدم الاعتراف بالخطأ فى التعامل مع الشباب واحتواء غضبهم.
«إ. هـ» روى أن الشابين المسئولين عن حادث فندق «بيلا فيستا» بالغردقة، كانا من الشباب التابعين لتنظيم أولتراس زملكاوى، ويقول: «الشاب شيكا الذى قتل خلال تنفيذ الحادث لم تكن لى علاقه به، أما على رمضان كما ذكر اسمه فى التحقيقات أو كما نعرفه محمد مجدى، وهو المسئول الآخر والذى نجا من الحادث، ومحتجز حاليًا فى سجن العقرب، فكان من أصدقائى المقربين، وعملنا سويًا فى أحد المواقع الإخبارية، كمسئولين عن صفحات التواصل الاجتماعى، وشبكات اتصال أجهزة الحاسوب الخاصة بالموقع، وكان «رمضان» كمعظم الشباب الذى تلهيه الحياة ومرحلة الشباب، فكان غير ملتزم بتعاليم دينه، وكان «مبيركعهاش»، ولكن فجأة تغير تمامًا، فأثناء العمل وجدته يطلق لحيته ويلتزم بالصلاة، ويتحدث فى بعض الأمور على نحو يحمل كثيرا من التطرف، وكان يتشاجر معى لو خرج منى لفظ خارج بمزحة، أو حين أعرض عليه «سيجارة»، رغم أن تلك الأمور كان يقوم بها عادة فى السابق، ولكنى فى البداية لم أنشغل بهذا التغيير، فكان يخطر ببالى «يهدى من يشاء»، ولكن الأمور بدأت تزداد غرابة بالنسبة لى».
ويضيف الشاب، أنه قرر أن يسأل «رمضان» عن التغير المفاجئ الذى طرأ عليه، خاصة بعد أن جاء الأخير ذات يوم، وأخبره أنه يقوم باختراق جميع الحسابات الشخصية التى تعمل من خلال شبكة الموقع الإخبارى الذى يعملون به، والخاصة بالمحررين وجميع العاملين، وأشار إلى أن النظام الذى كانت تعمل به شبكة الموقع الإخبارى من الصعب للغاية اختراقه إلا من خلال محترف، ولم يكن «رمضان» محترفًا فى الاختراق.
ويتابع «إ. هـ» قائلا: «رمضان» فى هذا اليوم جعلنى أطلع على جميع الكلمات السرية لحسابات العاملين، وكنت أنا منهم، مما جعلنى أصاب بذهول شديد، وكدت أقول له «هى دقنك وصلاتك ممنعتكش من التجسس على زمايلك» لكن كان داخلى شك أن المسألة أكبر من اختراق أو تسلية شباب بمشاهدة محادثات زملائهم، فآثرت الصمت، وعرضت عليه قائلًا: «ما تيجى بقى نعمل «هاكينج» لصفحات شخصيات عامة»، وكنت من خلال ذلك أحاول معرفة نواياه، وحينها وعدنى أنه سوف يفكر فى الأمر، ولكنه فى اليوم التالى فاجأنى قائلًا: «هحكيلك على كل حاجة عشان أنا خايف جدًا».
ويتابع الشاب بلسان حال صديقه صغير السن الذى تم التلاعب بعقله: «الحكاية بدأت بحديث أحد الشيوخ معى عندما كنت أصلى الجمعة فى المسجد القريب من بيتى معى، وعرفنى أن الجهاد ومحاربة الكفار واجب علينا، والصراحة أقنعنى أن الجماعات اللى إحنا بنقول عليهم إرهابيين فى «سوريا» و«ليبيا» و«سيناء» دول أبطال، خاصة أنهم عارفين يجيبوا حقهم وحقنا ولو بالقوة، الشيخ ده لما عرف أنى شاطر فى الإنترنت واستخدام الكمبيوتر، رشحنى إلى شخص فى ليبيا، وبدأت أتواصل معه، وهو من علمنى كيفية اختراق أى موقع، وفى الوقت ده عرفونى بـ «شيكا» وكنا بنشتغل سوا، وكانت مهمتنا أن إحنا ننشئ حسابات وهمية على موقع «فيس بوك»، ونقوم بإضافة الضباط، وبعد التعارف عليهم من خلال المحادثات، نتمكن من اختراق حساباتهم، ونطلب أرقام هواتفهم التى تكون فى الأصل مربوطة بالحساب الخاص بهم، ونحاول الدخول على حسابهم، وعندما يطلب إدخال الكود الموجود على الهاتف، وغالبًا نكون متنكرين فى حسابات فتيات، نرسل رسالة على «الفيس بوك» نطلب ضرورة إرسال الكود الذى جاء على الهاتف، مبررين ذلك أنه ضرورى فى تنشيط طلب الصداقة، وكان يساعدنا فى ذلك أن أغلب رجال الأمن استخداماتهم للإنترنت بدائية جدًا، وكان الاختراق يساعدنا بشكل كبير فى معرفة جميع تحركاتهم، وده بيساعد التنظيم فى كثير من عملياته».
ويشير «إ. هـ» إلى أن اعترافات صديقه كانت فى وقت مقارب من استشهاد المستشار «هشام بركات»، مما جعله يحاول الربط بين طريقة مقتل المستشار وملاحقة رجال الأمن من خلال تلك التنظيمات عن طريق مواقع الإنترنت، وعند سؤال صديقه عن احتمالية وقوع ذلك، أكد له أن الأمر جائز جدًا لم ينكره أو يثبته.
الشاب أكد أنه بعد سماعه القصة كاملة من «رمضان»، حاول إقناعه أن ما يقوم به أمر فى منتهى الخطورة، ويعد خيانة للوطن، لافتًا إلى أن «رمضان» كان يستجيب تارة ويعاند تارة أخرى، وكان له مبررات دائمًا لقتل الأبرياء كما تعلم على أيدى أعضاء التنظيم الذين كان يراسلهم فكان يقول: «إحنا شباب الثورة لو جات لنا فرصة عشان نقتل وننتقم هنعمل كدة، والحكومة كمان بتقتل، بس الفكرة إن كل دول بيقتلوا بغير حق لكن المجاهدين يقاتلون فى سبيل الله».
ويشير «إ» إلى أنه بعد فترة تركا الموقع الإخبارى، وعمل هو فى إحدى حملات مرشحي مجلس الشعب، وانشغل عن «رمضان» وعن كثير من أصدقائه، ولكنه بدأ يلاحظ أن عددا كبيرا من الشباب وخاصة المحسوبين على «الأولتراس» يتبادلون التعليقات مع «رمضان» و«شيكا»، وكلها تدور فى فلك «الشهادة» وحلم السفر إلى سوريا للالتحاق بالمجاهدين، مؤكدا أن عدد هؤلاء الشباب تجاوز الثلاثين، تتراوح أعمارهم بين الـ١٦ والـ١٩ عاما، وأن البعض منهم عرض عليه أن ينضم إليهم، ولكنه لم يجبهم بالرفض أو القبول لكى لا يفقد ثقتهم، حتى أنه بدأ فى تتبع الصفحات التى يقومون بإنشائها، وكانت من بينها صفحة «داعش للأمام» والتى اكتشف فيما بعد أن «على رمضان» هو الذى كان يديرها، بالإضافة إلى أن مجموعة منهم مع مجموعة أقل فى التطرف الدينى بدأت تدعو إلى ما أسموه «حاربوهم بالبذاءة»، وهى الفكرة التى قام عليها الفيديو الشهير للفنان الشاب «أحمد مالك» والمعد «شادى أبوزيد».
ويتابع: «بعد فترة من انقطاع الاتصال بينى وبين «رمضان»، اتصل بى ليطلب «سبوبة» لمدة شهر واحد فقط، لأنه يحتاج مبلغا من المال، فتعجبت من طلبه جدا وسألته عن السبب، فتهرب أكثر من مرة قبل أن يقول لى الحقيقة، ولكن نظرا لأنى كنت أعطى له شعورا أننى ممكن أن أنضم إليهم، أكد لى أنه يحتاج المال للسفر إلى سوريا، وبعد وقوع عملية الغردقة وصلت إلىّ معلومات أنه كان يحتاج المال لشراء أسلحة للقيام بالحادث، وهذا أحد شروط الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية وإثبات الولاء أن تكون العملية الأولى من أموالك الخاصة».
«إ. هـ» أكد أنه حاول كثيرا التواصل مع الجهات الأمنية لكى ينقل إليهم معلوماته، ولكنهم لم يستمعوا إليه قائلًا: «عرفت قصة طلب الولاء وأنهم طلبوا منه ضرب السياح الروس انتقامًا لما تقوم به روسيا من ضرب الجيش الحر فى سوريا، وبهذا يكون هو أثبت ولاءه لهم وإن قُتِل يكون قد نال الشهادة التى يتمناها كما كان ينقل لهم رغباته»، مشيرا إلى أنه بعد الحادث وجد على صفحة «رمضان» و«شيكا» تعليقات مؤيدة لموقفهما وتنتظر أن تسنح لهم الفرصة بأن يلحقوهما فى نيل الشهادة والجهاد من العديد من الشباب الذين يعرفونها ويعرفون انتماءاتهما السياسية الغاضبة من تعامل النظام الحالى مع الشباب المصرى، غير أن معظمهم ينتمون إلى الأولتراس كما أشار من قبل، ويقول «همام»: «استقطاب شباب الأولتراس خاصة ليس صعبا على تلك الجماعات المتطرفة أولًا، لأن الطرفين لديهما قدر من التعصب، وثانيًا لأنه لا يخفى على الجميع انتماءات «سيد مشاغب» أحد مؤسسى رابطة نادى الزمالك، والتى تميل للفكر السلفى وأنه كان من المؤسسين للحملة الرئاسية لحازم أبو إسماعيل».
وأخيرًا يقول: «لم أعترف على أصدقائى لا لأنى أكرههم أو لأنهم مجرمون، ولكن لأنى كما قلت لبعض المسئولين، إنهم شباب غاضب يتم التعامل معهم بشكل خاطئ يتيح الفرصة للإرهابيين لاستقطابهم، فى الوقت الذى لا بد للدولة من احتوائهم وأخذهم فى صف الحفاظ على أمنها وسلامها القومى، وأؤكد للذين يرفضون فكرة تسلل تنظيم «داعش» إلى مصر واتهام الأمن بأنه يحاول ترويع المواطنين، أن هذا ليس حقيقيًا، فبالفعل التنظيم استطاع أن يجند له بعض الأفراد داخل مصر دون حاجته للدخول إليها، فالتنظيمات الإرهابية فكرة سيئة تجد أرضًا خصبة لها من الشباب اليائس».