الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

هُنا تونس.. الحنين إلى أيام "بن علي"

«البوابة» فى رحلة خاصة إلى الأرض الخضراء «١-٢»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شباب: قبل الثورة كان الوضع الاقتصادى «أكثر بحبوحة» و«تونس باهية برشا»
الأهالي منعوا وجدى غنيم بأجسادهم من دخول مسجد الزيتونة حفاظًا على قدسيته من التدنيس
الابتسامة لا تفارق الوجوه رغم غياب السياحة وتردى الأحوال المعيشية 
من نافذة الطائرة، كانت تونس تشبه صفحة المياه البيضاء، تتخللها سلاسل خضراء، فاللون الأبيض الذي يكسو الأبنية يضفى عليها نوعا من السكينة، في حين يشعَرك اللون الأخضر بالراحة.. استغرقت الرحلة لتونس التي هي حقًا «خضرا»، ما يقرب من الساعتين و٤٥ دقيقة، يكسو الأخضر جنبات مطار قرطاج الدولى، فما أن استقرت الطائرة على أرضه، حتى كانت في استقبالنا مضيفات تونسيات لطيفات تعلو وجوههن ابتسامة مبهجة. 
تشعرك نسمات الهواء العليل في تونس، بالسكينة والصفاء، فالسماء دائما بيضاء إلا من بعض الغيوم، فالشمس تخشى على التونسيين من سطوتها وشدة حرارتها، لذا دائمًا ما تتخذ ستارا، أغلب الأبنية التونسية مصممة على الطراز الأوروبي، خاصة الفرنسى، حيث الشوارع الواسعة، والأرصفة الكبيرة. 
في الطريق إلى فندق البلفيدير الفراتى، موقع إقامتنا، كانت وزارة الاستثمار التونسية، وموقع وزارة الصناعة، وعلى بعد خطوات منها، يقع أكبر محال تونس التجارية. «رضا» السائق الذي أقلنى من مطار قرطاج، إلى الفندق، لم ينقطع يحكى عن مباراة كرة القدم، التي كانت ستُقام عصر ذلك اليوم، بين فريقى الترجى والإفريقى.
يقول «رضا»: «إن الترجى هو نادي الشعب والحكومة، أما الإفريقى فهو نادي الطبقة المتوسطة من التونسيين»، يشَّبه «رضا» العلاقة بين الترجى والإفريقى بأنها مثل الأهلي والزمالك في مصر. 
كان وصولى يوم الأحد، وهو يوم العطلة في جمهورية تونس، خرجت من الفندق، أبحث عن مقهى أدخن فيه «الشيشة»، إلا أننى لم أجد إلا مكانا فارغا في مقهى منزو، الكل يتابع المباراة بين الفريقين، في اهتمام شديد، حتى ربما تعذر عليِ أن أجد مارًا في الطريق من الفندق إلى شارع غانا، وهو شارع على مقربة من شارعين من شارع العاصمة التونسية الرئيسى «الحبيب بورقيبة». 
يلفت نظرك، كثرة المقاهى التونسية ذات الطراز الهندسى المميز، فغالبًا ما يكون المقهى مكونا من طابقين، يحوى كراسى وثيرة، تزينه شابات أو شباب تونسى ظريف مرح، أمام المقهى يتم افتراش عدد من الكراسى ذات لون داكن غالبًا، أما الأكثر لفتًا للانتباه هو «بوندان»، حيث تقريبًا كل مقاهى تونس تحمل نفس الاسم، دون أن يكون هناك سبب واضح، فالمقهى بجوار الفندق «بوندان» والمقهى الكائن في شارع غانا «بوندان». 
«بوندان» ليس مجرد اسم يطلقه التونسيون على المقاهي، مع كثرة البحث والتساؤل، وجدت أن بوندان هي أول شركة تونسية لصناعة القهوة، التي تأسست عام ١٩١٠، وقد احتفلت الشركة بمرور ١٠٠ عام على تأسيسها عام ٢٠١٠. 
«إيناس» شاب تونسى، يعمل في مقهى بوندان في شارع الولايات المتحدة، متوسط الطول، في مقتبل عمره، يروح ويجيء بسرعة لافتة للنظر، دائمًا مبتسم؛ يقول عن مصر إنها «أم الدنيا»، يشكو «إيناس» من الوضع الاقتصادى، حيث غابت السياحة عن تونس منذ ثورة بوعزيزى، قائلًا: «قبل الثورة كانت تونس أكثر بحبوحة وكان الوضع الاقتصادى قويا»، باللهجة التونسية كانت «تونس باهية برشا». 
تعد المقاهى في تونس ملتقى للكبار والصغار، للغنى والفقير، حيث المكان متسع للجميع، فعلى اليمين تجد شبابا من الجنسين يضحكون، وعلى اليسار تجد رجالا ذوى بزات داكنة ينهون أعمالهم، وبين هذا وذاك، تجد الشاب الذي يحمل جيتاره ليعزف نغما هادئًا، لا يقطع ضحكات هؤلاء الشباب، ولا يزعج الرجال. 
لا وجود في تونس للشاى الذي نعرفه هنا في مصر، إذ إن الشاى التونسى يميل للون البنى الفاتح، تغلفه قطع من النعناع الأخضر دائمًا، وحبات الصنوبر أو الجوز. 
الأرجيلة أو الشيشة، هو اسم الشيشة في تونس، ولا يدخن التونسيون الشيشة إلا فيما ندر، فضلًا عن أن أكثر الأنواع شيوعًا هي نكهات الشيشة الملونة مثل التفاح أو النورمال أو الجيراك. 
على بعد خطوات قليلة من تمثال العلامة الشهير «ابن خلدون»، يقع الموقع الأثرى «باب البحر» أو باللهجة التونسية «باب بحَرَ»، الذي يعد البوابة الرئيسية للسوق الشهيرة بالعاصمة تونس «السوق التقليدية أو العتيقة»، أزقة ضيقة، ومحال فاضت عن آخرها بالبضائع المزخرفة والمنقوشة بأجمل الأشكال والعبارات، ابتسامات وضحكات، يقابلك بها التجار التونسيون أينما وليت وجهك، وكأنها أحد طقوس الإيمان.
صناعة الجلود والتحف، أشهر ما لدى التونسيين، فهم بارعون في النقش على الجلود، والتحف المنقوش عليها في الغالب صور لتونس وزخارف تنتمى للنوع الأندلسى والقوطي. 
على باب أحد المحال، يقف مسندًا ظهره لبضاعته، رجل أربعينى، يغطى رأسه بـ«شاشية تونسية»، وهى الطاقية التي تشبه ما يرتديه المتصوفة المصريون، ابتسم وهو يلوح لنا بالدخول إلى حانوته، وما أن دخلنا، حتى رأينا أنواعا مختلفة من الحقائب اليدوية المنقوشة والمزخرفة، وتحفا فنية أخرى.
حركة السوق لا تهدأ، والباعة الواقفون ينادون على بضاعتهم، فبين محل يبيع الساعات الفضية الكبيرة ذات الألوان الزاهية، وآخر يختص بلوازم الشيشة التونسية، ومحال تبيع الجلاليب التونسية التقليدية البيضاء، ومحال الشواشين، وهى محال بيع الطاقية التونسية، فضلًا عن محال الفخار والخشب والنحاسين، في قلب السوق يقومون بنقش أسماء الراغبين في الشراء على بعض التحف النحاسية، خاصة من السياح الأوروبيين.
تشتهر بعض المحال، ببيع ما يعَرف بكسوة المطهر، وهى لوازم طهور الأطفال في تونس، وما يمكن أن يطلق عليه حمام العروسة، وهو عبارة عن قفة تحتوى على قبقاب وبعض الفوط، تستخدم في حمام العروسة التونسية عند زواجها.
بعد السوق العتيقة مباشرة، يوجد المسجد الأشهر في شمال أفريقيا، ربما بما يحمله من رمزية شديدة لأهل الشمال الإفريقى، أو لأن التونسيين يعتبرونه «أزهرهم» كحالنا في مصر.. على بعد ٣٠٠ كيلو متر، يوجد المسجد الجامع، على شكل دائرى، تحيطه أبواب المدينة القديمة «باب البحر – باب الجزيرة – باب عليوة – باب الجديد – باب منارة». 
تحكى خولة وهى صحفية تونسية، رافقتنا خلال جولاتنا في تونس، أن جامع الزيتونة، مر على بنائه نحو ١٣٠٠ سنة، وهو يمثل قلعة الإسلام في تونس، وأنه أثناء حكم «الترويكا» حزب النهضة الإسلامى وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بقيادة الرئيس السابق له المنصف المرزوقي، حاول الداعية المصرى وجدى غنيم، الهارب إلى قطر، الدخول إلى باحة المسجد. 
تقول خولة، وعينها تفيض بالقوة والعزة: «احنا ما كنا ندخله جامع الزيتونة أصلًا».. حاول غنيم الدخول إلى المسجد مرات، بمعاونة عدد من أعضاء حزب النهضة، إلا أن التونسيين سيدات ورجال، عملوا كردونا من أجسامهم، منعوا به غنيم من الدخول. 
بضحكة ساخرة، تتابع خولة: «إن التونسيين ظلوا في المسجد حتى صباح اليوم التالى، خوفًا على قدسية مسجدهم من أن يدنسه أحد هؤلاء المتشددين». 
مسجد الزيتونة، رمز للتصوف الذي هو أحد أهم أركان الإيمان في الشمال الإفريقى، بصفة عامة، يعتبره التونسيون جزءا من إرث زعيمهم الحبيب بورقيبة، واضع أسس الجمهورية العلمانية التونسية. 
يختلف التونسيون حول أصل تسمية المسجد، حيث يقول بعضهم إنه عند الشروع في بناء المسجد، وجد الفاتحون شجرة زيتون، عند صومعة راهب مسيحى، فيما خرج البعض الآخر، بأن السبب هو كثرة وجود شجر الزيتون في مكان بناء المسجد، يتميز مسجد الزيتونة بوجود «قبتين»، الأولى أمام محراب الصلاة، والثانية على مدخل البلاط الأوسط، الذي يلى صحن المسجد الفسيح، ويحمل قبة المحراب ٣٢ عامودًا تتخللها شرفات متعاقبة، تزين المحيط الدائرى للقبة. 
«حيث السكينة والدفء والفرح والانبساط».. هذه العبارة تلخص بعضًا مما يمكن أن توَّصف بها تلك البقعة التي تعانق السماء البيضاء، وتسبح في المتوسط شديد الزرقة، بمجرد أن تذهب إلى هناك، حتى تقابلك رياح الهوى والعشق، فهى بقعة خضراء، شديدة البياض، مدينة سيدى بوسعيد، جوهرة تونس وكعبة السياح هناك. 
في أول الأيام، اصطحبتنا الصحفية التونسية ابتسام، وركبنا الترام إلى مدينة «سيدى بوسعيد».. إلى هنا، «لم أكن أعلم عن مدينة بوسعيد سوى الاسم فقط»، أكثر من ٢٤ محطة يقطعها الترام حتى يصل بك إلى بوسعيد، بمجرد أن دخلنا إلى محطة الجمهورية، حتى بادرت ابتسام بقطع تذكرة لنا، كعادة العرب في أي دولة. 
٧٠٠ فرنك هي ثمن التذكرة، وهى أقل من دينار تونسي، داخل الترام اصطفت الكراسى على جانبى العربة، كان موقعنا في العربة الثالثة بين ٧ عربات هي كل حمولة الترام، وجوه تونسية باسمة، فما بين فتاة تتبادل نظرات الحب مع شاب وسيم في ردهة الترام الذي كان مزدحمًا، وبين تونسية حسناء تحمل رضيعها بين يديها، جاورتها مجموعة من الشباب تحدثوا باللهجة التونسية التي من العسير على غير أهل بلدهم «استيعابها». 
تبعد مدينة سيدى بوسعيد عن العاصمة تونس ٢٠ كيلو مترًا، بينما تفصلها عن مدينة قرطاج ذات السحر الرومانى ٥ كيلومترات فقط، ويعد الترام هو الوسيلة الأرخص التي تنتظرك لتشد الرحال إليها، بمجرد أن تلقى بناظريك على تلك البقعة الخضراء التي تسبح في الأبيض والأزرق، حتى تجد القباب تزين سقوف المنازل، ذات الطابع المتوسطى المميز، مع مزيج من تأثيرات ثقافة الشمال الإفريقي.
مجرد ملامسة جدران المدينة، تشَّعرك بالدفء والحميمية، تشعر بعظمة التاريخ مع كل خطوة ومع كل حجر أقيمت به بيوت البلدة، حتى المحال والمبانى الإدارية متماشية مع النسق التاريخى والحضارى للمدينة الفريدة، أما الأبواب، فهى مصنوعة من الخشب على الشكل الإسلامى مع تأثيرات أوروبية، حيث تجد الباب على شكل نصف دائرى كأبواب المساجد، تزينها المسامير على الطراز «الإسبانى / المغربي»، بحسب وصف التلمسانى، ولا تخلو البوسعيد من تأثيرات إيطالية وإسبانية. 
يجملْ مداخل بعض البيوت «الموازييك» –وهو فن صناعة المكعبات الصغيرة- لتزيين الأرضيات باستخدام الأحجار والمعادن والزجاج والأصداف، وأطلق عليها العرب اسم الفسيفساء، كما لا تخلو الشرفات المبنية على الطراز الإسلامى، وهى شرفات على شكل مشربية كانت منتشرة في مصر خلال العصر المملوكى، من الحواجز الحديدية، المزدانة برسومات على أشكال هندسية. 
يحتضنها البحر من جهات ثلاث، فيها تتلاقى سحب السماء البيضاء مع أبنية أندلسية ذات لون أبيض، وسماوى، خضرة لا تنتهى، وهواء لا ينقطع، ونسمات وضحكات وعشاق وآهات.. كل هذا في المدينة السعيدة «سيدى بوسعيد»، وهى ضاحية تونسية تقع على بعد ٢٠ كيلو مترا من شمال العاصمة تونس، تقع على منحدر صخرى يطل على قرطاج وخليج تونس.
يلَزم المجلس البلدى أهالي المدينة بأن يكون اللون الأبيض هو لون الأبنية، بينما يكون الأزرق السماوى هو لون النوافذ، يقطنها نحو ٥ آلاف نسمة، أبواب عتيقة، وزخارف ونقوش جميلة تأخذ الطابع الأندلسى، حتى المقاهى تلتزم بنفس النهج، حيث يوجد مقهى سيدى بوشعاب، والمقهى العالية.
يعود أصل تسمية المدينة إلى ولى من أولياء الله الصالحين هو «أبو سعيد الباجي» (١١٥٦ – ١٢٣١م)، وله مقام في الضاحية المسماة باسمه، فقديمًا، كانت سيدى بوسعيد يطلق عليها جبل المرسي أو جبل المنار، حيث كانت ترابط عليه الجيوش للدفاع عن قرطاج، فكان عبارة عن حصن كبير، وقد تم تغيير اسمها في عام ١٨٩٣.
ولكن، من هو أبو سعيد الباجى، صاحب التسمية، وفقا للموسوعة التاريخية؟ فإنه أبو سعيد خلف ابن يحيى التميمى الباجى، ولد في مدينة باجة، مدينة تونسية قديمة، لم يعد له وجود الآن، درس في مسجد الزيتونة، مقر الصوفية في شمال أفريقيا ومستودع العلم هناك.
قبل أبو سعيد، كان المكان مقفرًا من الناس، إذ أنه منحدر صخرى، يرابط عليه بعض الجنود، ولكن أبو سعيد، وهبه الحياة، فالمكان كان ملاذا للتأمل وممارسة التعاليم الروحية الصوفية التي وهب أبو سعيد نفسه لها.
عاش أبو سعيد هنا، وجاءه تلاميذه ينشدون علمه، وكان من بينهم الصوفى الكبير أبو الحسن الشاذلى، أو كما يطلق عليه «سيدى بلحسن»، وظل المكان ملجأ للزاهدين والعازفين عن الحياة، والراغبين في العبادة والتأمل.
إذا كان أبو سعيد هو الذي وهب المنحدر الصخرى الحياة، فإن «حسن باي» حاكم وهران، وهو بايك أو حاكم عثمانى حكم في الفترة من ١٨٢٧ – ١٨٣١» هو الذي بنى أول مسجد في سيدى بوسعيد، إذ تم بناء جامع الزاوية الذي شمل ضريح أبو سعيد.
استقطب الضريح أهالي تونس المعروفين بولعهم بالطرق الصوفية، حيث قام الأهالي ببناء مساكن حول الضريح، بينما آخرون أنشئوا منازل للاصطياف هربًا من حر تونس، وبين هذا وذاك، كانت تقام الاحتفالات الصوفية التي يعد أشهرها «الخرجة»، حيث يرتدى التونسيون السفسارى وهو زى تونسى تقليدى، وفيها يتم سرد قصائد المديح وضرب الدفوف وإشعال البخور، فضلًا عن الزغاريد المتميز بها أهالي الشمال الإفريقي.
بعد يوم مبهج وسريع، احتجنا لكوب شاى، وكانت أمامنا مقاهٍ فسيحة، ذات طراز أندلسى، وأشهر المقاهى الكائنة في سيدى بوسعيد، هما «القهوة العالية» و«مقهى سيدى بوشعاب» أحد أشهر الأماكن في البلدة، إذ يستقطب أن العديد من الزائرين، الذين يستمتعون بتناول «البمبالوني»، وهى حلوى تشبه البقلاوة المصرية، إلا أنها تأخذ شكلا أكبر، والاستمتاع بالمشموم التونسى، وهو عبارة عن باقة من الورد والفل والياسمين الأبيض ذات رائحة خلابة.
القهوة العالية، هي أقدم المقاهى الموجودة في تونس، إذ كانت في عهود البايات، وهم حكام تونس في عهد الولاية العثمانية، المقصورة على أعيان البلاد. 
١٢ درجة، تجعلك داخل القهوة العالية، وهى مقهى ذات طراز عربى وأندلسى، يعج بالسياح، وكثيرًا ما يجلس السياح أمام المقهى، إما انتظارًا لمكان يخلو منه أصحابه، وإما ربما أرادوا الاستمتاع بالنظر إلى وجوه المارة. 
حسناء تونسية، تجلس بمفردها على طاولة في ركن من المقهى، ربما تنتظر حبيبًا، أو تنشد الاستمتاع بالجمال، إذ تقع المقاهى مباشرة على أطراف الجبل، مرتفعة عن البحر بنحو ٣٠٠ متر، مما يجعل الهواء منعشا، خاصة في ليالى المساء الرقيقة. 
كانت سيدى بوسعيد ملاذًا للكثير من الأدباء والشعراء، حيث قضى الرسام الألمانى الشهير بول كلى ساعات في أزقتها وحواريها، والأديب الفرنسى صاحب أول رواية واقعية في العصر الحديث جوستاف فلوبيرت، يستقى من نقاء هوائها مادة للكتابة، وصاحب نوبل في الأدب أندريه جيد.