رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المؤامرة الكبرى وأحقر خائن في التاريخ یهوذا الإسخریوطي

یهوذا الإسخریوطى
یهوذا الإسخریوطى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أشعر بالاستیاء والشفقة والغرابة إلا مع هذه الشخصیة، فالرومان وثنیون لا یعنيهم الأمر ورؤساء الیهود كانت لهم مصالحهم، والتى تعارضت مع رسالة المسیح والجموع التى هتفت فى بیلاطس اصلبه اصلبه، لم تكن تدرى جیدًا ما تقول بسبب الحماسة الطارئة والتضلیل، أما یهوذا فقد كان تلمیذًا وأمینًا لصندوق الجماعة، وقد خصه المسیح بهذا الشرف أن یكون من خاصته من بین ملایین فلماذا یخون؟ وما المقابل؟ هلموا نقترب من هذه الشخصیة، ونحاول إلقاء الضوء علیها، ونغوص فى داخلها قلیلًا فى إنجیل القدس الإصحاح الثانى عشر نواجه صورتین متناقضتین المرأة الخاطئة التى سكبت الطیب على قدمى المسیح فهى خاطئة محتقرة من مجتمع محافظ وشكلى فى آن واحد، ومع ذلك فهى تقدم توبة للمسیح وإكرامًا له بحب وصدق ثم یهوذا والمحسوب ضمن تلامیذ الرب وأمین الصندوق بحسد وغش یذكر على المرأة محبتها وإكرامها للرب كما یذكر على الرب أیضا قبوله لقربان تلك الخاطئة (یوحنا ٨ -١:١٢)، ولكن الرب خصها بمكافأة غیر متوقعة إذ خلد فعلها وأمر بالمناداة بما قدمته حیثما كرز بالانجیل «الحق أقول لكم حیثما یكرز بهذا الإنجیل فى كل العالم یخبر أیضا بما فعلته هذه تذكارًا لها» (متى ١٣ : ٢٦)، راجع أیضًا (مرقس ٩ : ١٤) هذا فعلت بحب وذلك بكت بریاء.. ومع أن قصة یهوذا صریحة وواضحة ومكتملة الأركان من جهة التآمر والتنفیذ، إلا أنه شخصیًا یعد الأشد سذاجة بین الذین اشتركوا فى دراما الصلیب من هو یهوذا ؟ یهوذا الإسخریوطى: معنى الاسم: «إیاك یحمد اخوتك» (أى محمود أو ممدوح)، وقد ارتبط اسمه بإحدى صفتین، إما الإسخریوطى (أى رجل من قریوط)، وإما «یهوذا مسلمة أو یهوذا الذى أسلمه اسمه بالكامل» یهوذا سمعان الإسخریوطى.
والسبب أن السید سبق فحدد الموعد والطریقة التى یموت بها.
كان الیهود قد اتفقوا أن یرجئوا أمر القبض علیه إلى ما بعد الفصح لئلا یثور بعض الحجاج وبعض من مریدیه تعاطفًا معه، ولكن یهوذا استطاع بعرضه أن یعدل لهم الخطة حیث سیهیئ لهم الوقت والمكان الذى یقبضون فیه علیه وبسهولة وقبل الفصح فراقت لهم الخطة ووضعوها موضع التنفیذ وجاء اتفاقهم معه كأسوأ وأحقر اتفاق تم فى التاریخ البشرى كله! حینئذ ذهب واحد من الاثنى عشر الذى یدعى یهوذا الإسخریوطى إلى رؤساء الكهنة وقال ماذا تریدون أن تعطونى وأنا أسلمه إلیكم؟ فجعلوا له ثلاثین من الفضة، ومن ذلك الوقت كان یطلب فرصة لیسلمه (متى١٦ – ٦:١٤)، وسواء كانت هناك صلة قربى بین یهوذا ورئیس الكهنة اسطاعوا استثمارها فى الخطة أم لا فقد ذهب یهوذا لیلًا إلى حنان حمى قیافا یعرض علیه ذلك فراقت الفكرة لرئیس الكهنة ومن ثم اتجه قیافا إلى بیلاطس فى یوم الخمیس، الذى كان فیه بیلاطس قد جلس للقضاء وحكم فیه الاثنان بالبراءة بینما سجن واحد وأعدم آخر (نفذ فیه الحكم قبل اللیل)، وتكلم قیافا مع بیلاطس بخصوص یسوع فقد خانه أحد تلامیذه (أو تخلى عنه) وحدد مكان وزمان تسلیمه لهم، وأن الأمر سیمر بهدوء فوافق بیلاطس مبدئیًا، ومن هنا جاءت الإجراءات سریعة مخـالفة فــــى ذلك «المشناه» والناموس بل والقانون الرومانى نفسه طلب قیافا من بیلاطس أن یرسل معهم جنودًا للقبض على یسوع، ولكن بیلاطس نصحه بالاستعانة بجند الهیكل، وإذا استدعى الأمر یمكن طلب جنود من قلعة أنطونیا فقد كره بیلاطس أن یقبض على نبى مثلما فعل هیرودس مع یوحنا المعمدان.
قبلة یهوذا: وللأسف لقد اتفق یهوذا مع الذین جاءوا معه على العلامة التى یتعرفون على الشخص المراد القبض علیه، وهى القبلة حتى لایخطئوا الهدف لاسیما والضوء خافت والملامح متقاربة مع بعض التلامیذ، فللوقت تقدم إلى یسوع وقال السلام یاسیدى وقبله (متى ٤٩ : ٢٦)، ولقد عاتبه السید قائلًا «أبقبلة تسلم ابن الإنسان»؟ (لوقا ٤٨ : ٢٢)، وكانت القبلة من التلمیذ على ید معلمه أمرًا مقبولًا وشائعًا، وأحیانًا تكون على القدم، لكنها هنا لا معنى لها، بل إن مناداة یهوذا المسیح «یاسیدى» كانت إهانة متعمدة.
ولكن لماذا خان:
هل لأنه وطنى غیور، ولذلك خاف على شعبه من المسیح؟ ولكن هل الغیور على وطنه یأخذ أجرًا على هذه الخدمة؟ أم أنه انضم إلى تلامیذ المسیح بغرض الخیانة؟ لكن السید المسیح هو الذى اختاره ودعاه «لیس أنتم اخترتمونى، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ویدوم ثمركم» (یو ١٦ : ١٥)، بینما رأى البعض الآخر أن یهوذا بما فعله اشترك فى إتمام الفداء، ولكن هذا أمر مردود علیه ذلك، لأنه ندم ومضى وشنق نفسه، أم أنه یأس عندما وجد المسیح قد مات، وبالتالى لم یحقق الخلاص الذى ظن یهوذا أنه اشترك فیه؟ (حسبما ظن البعض مدافعًا عنه)؟!