الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

المسلم بين الإيمان الحق .. والتأسلم (32)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فسيد قطب يبدأ خطى شهرته أدبياً وناقداً وشاعراً وكاتباً ويقدم بقرائه أفكاراً صارخة ذات طابع ليبرالى براق وأيضاً ذات طابع رومانسى حالم ، فهو يكتب عديداً من المقالات والدراسات عن الترجمة التى قام بها د.إبراهيم الشواربى لغزليات الشاعر الفارسى حافظ شيرازى وينتقى من حديقتها العبارات الأكثر رومانسية وعذوبة “,”إن شفه الحبيب ياقوته ظمأى الى الدماء وأنا من أجل رؤيتها أضحى بالروح“,” وكذلك “,”مبعثر الخصلات ، محمر الوجنات ، ضاحك الاسنان تلعب به الخمر ، سكران ، ممزق القميص ، يتغنى بالالحان ، فى يده إبريق من بنت ألحان ، وها قد شربنا ما صبه الساقى فى رؤوسنا“,” [سيد قطب – كتب وشخصيات – المرجع السابق – صـ73] ويمضى قطب معلقاً فى رومانسية هو الآخر فيقول “,”إن كتاب هذا الشعر نشوان بالخمر الإلهية أو النواسية [نسبه لأبى نواس وليقل ما يشاء وكيف يشاء فهو خير عند نفسه وعند الله من المرائين والمنافقين ومن الواعظ الثقلاء“,” [المرجع السابق – صـ75] وبكلمات كهذه نال قطب من خصومة هجمات قاسية إتهمته بالكفر . أنه ذات الكأس الذى سقاه قطب لمخالفيه عندما أنقلب متأسلماً . ففى معركة قطب دفاعاً عن العقاد هاجمه د.محمد الغمراوى الذى يناصب العقاد العداء مؤيداً الرفاعى فى المعركة ضده وقال “,”إن المسألة ليست إختياراً بين أدب وأدب كما تبدو فى المعركة بين القديم والجديد ، ولكنها فى صحيحها مسألة إختيار بين دين أو لادين“,” ويرد قطب رداً صاعقاً “,”قد والله أخفتنا وأفزعتنا وأن تجعل المسألة ديناً أولا دين ، وتلخص المعركة بين المدرستين القديمة والجديدة فى أنها المعركة بين أهل الجنة وأهل النار . نعم هكذا مرة واحدة ، ومن لم يكن قد عرف الخوف فليعرفه الآن ، فها هو ذا رجل يمسك بيده ميزان الحسنات والسيئات ،فأما من كان مع الرافعى فقد أزلقت له الجنة، ,أما من كان مع العقاد فقد فتحت له جهنم أفواهها ،ويهاجم الغمراوى لأنه ليس من أهل الاختصاص فقد كان أستاذاً للكيمياء بكلية الطب فيقول “,”إن الدين هو صيحة الواهن الضعيف يحتمى بها كلما جرفه التيار وهو لا يملك من أدوات السباحة ولا وسائلها شيئاً . وأشد الجناة على الدين المشوهين له والمشككين فيه هم أولئك الذين يضعونه مقابلاً للعلم تارة ،والفن تارة ثم يحكمون أيهما أصلح وأولى بالاتباع“,” .. ثم يقول“,”الدين .. قولوها مائة مرة فلسنا والحمد الله منهم تخيفهم هذه الصيحات الفارغة ونحن أكثر منكم دراسة وفهماً للدين“,” [الرسالة – 18 يوليو 1938 – مقال السيد قطب] والآن هل نعيد نشر هذا المقال لنضعه فى أعين الذين يتبعون الفكر التكفيرى لسيد قطب دون معرفة بصحيح الدين؟ وإذا كان سليمان فياض يؤكد أنه سمع بأذنيه سيد قطب وهو يقول أنه ظل ملحداً أحد عشر عاماً ثم عاد من حيرة الإلحاد إلى طمأنينة الإيمان“,” [الهلال سبتمبر 1986 – مقال سليمان فياض] فإن دارساً آخر يقول إنه درس كتابات سيد قطب طوال هذه الفترة ولم يجد فيها ما يشير الى إلحاد أو زندقه“,” [حلمى النمنم – سيد قطب وثورة يوليو (1999) – صـ35] كما أن أحد المقربين من سيد قطب طوال هذه المرحلة يقول “,”قال زنديق لسيد قطب إن إثبات وجود الله أمر صعب فرد عليه قائلاً ولكن نفى وجوده أصعب، وكان يردد دائماً “,”إن الدين ضرورى لقيادة القطعان البشرية ولا يمكن أن يسلس قيادها بغيره [عباس خضر – هؤلاء عرفتهم – سلسلة أقرأ – مارس 1983 – صـ56] ويروى الأستاذ محمود عبد الحليم المؤرخ المعتمد لجماعة الإخوان أنه “,”قرأ مقالاً منشوراً فى أهرام 17 مايو 1934 للأستاذ سيد قطب يدعو فيه للعرى والى أن يسير الناس فى الشوارع عراة تماماً وأنه عرض على الأستاذ البنا أن يرد عليه لكن البنا منعه حتى لا تشتهر هذه الفكرة ولعل الله يهدى سيد قطب“,” [محمود عبد الحليم – المرجع السابق – الجزء الأول – صـ190] فيما يؤكد الأستاذ شريف يونس أنه بحث عن المقال المزعوم فى عدد الأهرام المذكور وفيها سبقه وما تلاه من أعداد فلم يجد مقالاً هكذا“,” [شريف يونس - سيد قطب وأثره فى الفكر السياسى – رسالة ماجستير غير منشورة ] والحقيقة أن مقالاً هكذا لو كان صحيحاً لكان قد أحدث ضجيجاً لا يمكن خفاء أثره ، بل أن سيد قطب قد نشر مقالات عدة يبشر فيها برفض الاختلاط بين الجنسين“,” [البلاغ الاسبوعى – أعداد إبريل – مايو 1929]. فما هو الهدف من ترويج الإخوان لفكرة الدعوة للعرى فى الطريق العام هذه ، خاصة بعد أن أصبح سيد قطب إخوانياً .. هل هو الزعم بغرس فكرة أن الانضمام إلى الإخوان هو السبيل للخلاص من الإلحاد والإباحية ؟ أم غرس الإيمان بأن حسن البنا كان ملهماً يستشرف ما سوف يحدث بعد عشرين عاماً ؟ أما سيد قطب نفسه فقد كتب فى قمة كتبه المتطرفة “,”معالم فى الطريق“,” “,”إن الذى يكتب هذا الكلام عاش يقرأ أربعين سنة كاملة كان همه الأول فى القراءة والاطلاع فى مختلف حقول المعرفة الانسانية وما هو فى تخصصه ، وما هو من هواياته ثم عاد الى مصادر عقيديه وتصوره فإذا هو يجد كل ما قرأه ضئيلاً الى جانب ذلك الرصيد الضخم ، وما هو بنادم على ما قضى فيه أربعين عاماً من عمره ، فإنما عرف الجاهلية على حقيقتها وانتفاشها ، وعلى غرورها وإدهائها وعَلم عِلم اليقين