الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لجان لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعنا ما أقدم عليه النائب توفيق عكاشة، عضو مجلس النواب، باستضافته السفير الإسرائيلى بالقاهرة «حاييم كورين»، رجل الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد»، الذى أمضى فى العمل بها أكثر من عشر سنوات، ولعب دورًا مهما فى تعزيز العلاقات الإسرائيلية الإفريقية.
وكان ذلك بمنزل النائب الكائن بقرية ميت الكرماء- مركز نبروه- محافظة الدقهلية.
وكان هذا الأمر صادمًا لنا جميعا، حيث تحدث النائب مع السفير باسم الحكومة المصرية، وأنها على استعداد لتقديم مليار متر مكعب من مياه النيل لإسرائيل مقابل تدخلها فى حل أزمة سد النهضة الإثيوبي، حيث إنها هى التى تقوم ببنائه، كما طالب إسرائيل بأن تقوم ببناء ١٠ مدارس عوضًا للمصريين عن مجزرة بحر البقر، واستقبلت أجهزة الإعلام الإسرائيلية هذا الحدث بفرحة عارمة، وكذلك أعضاء الكنيست الإسرائيلى خاصة عن كتلة الليكود الذين أعلنوا أنهم سيقومون بتوجيه دعوة للنائب توفيق عكاشة لزيارة الكنيست الإسرائيلى حتى يقوم بإلقاء خطاب على غرار ما فعله الرئيس الراحل أنور السادات.
وأعقبت هذا الحدث تداعيات عديدة أهمها الثورة العارمة لأهالى الدقهلية ضد مسلك نائبهم، وشرعوا فى جمع التوقيعات لسحب الثقة منه، وكذلك ثورة أعضاء مجلس النواب.
حيث قام النائب الناصرى كمال أحمد بخلع حذائه، وضرب به النائب توفيق عكاشة على رأسه، اعتراضا على ما قام به، وما صرح به من تصريحات، الأمر الذى حدا ببعض النواب أن يتدخلوا للفصل فيما بينهما، مع تأكيدات من النائب كمال أحمد بأنه «كل مرة هيشوف النائب توفيق عكاشة هيضربه بالجزمة».
أما النائب توفيق عكاشة علق على ما تعرض له بقوله: «إن النائب كمال أحمد أكبر من أبويا، وهو ضربنى بالجزمة، ويا رب حتى يضربنى بـ٣٠ جزمة، والمجلس صاحب القرار فى اتخاذ الإجراءات اللازمة فى ذلك».
واستطرد «بدل ما يطلبوا إسقاط عضويتى يطالبوا بإلغاء معاهدة السلام، وأنا معاهم على أن أحترم مصر، وإذا كان فى ناس فهمهم تحت رجليهم أنا مش هستفيد حاجة، والإسرائيليين هما اللى بنوا سد النهضة، مش هنكدب على نفسنا، وأنا بخطر الأجهزة الأمنية، وهذا واجبى الوطني»، وقام باستدعاء بعض أنصاره للتجمهر أمام بوابات مجلس النواب، حيث أخذوا يهتفون «أسد مصر.. أسد الإعلام.. بالروح بالدم نفديك يا عكاشة»، وتم حمله على الأعناق.
وماذا بعد؟! سؤال نطرحه جميعا على أنفسنا، فالأمر جلل، ويحتاج لمناقشة هادئة، وعقلانية، وليس «الضرب بالجزمة».
أعداؤنا ما زالوا مستمرين فى مخططهم منذ اتفاقية «سايكس بيكو»، وما أعقبها من وعد بلفور، وقيام دولة إسرائيل فى عام ١٩٤٨ ككيان استيطاني، وعنصرى فى قلب المنطقة العربية حتى يضمن الاستعمار العالمى الأمريكى الذى حل محل الإنجليزى فى الزعامة لبسط نفوذه، وسيطرته على خطوط المواصلات العالمية، ونهب ثروات وخيرات الشعوب العربية، خاصة البترول.
وهذا الكيان نجح فى إجبار شعبنا العربى الفلسطينى على ترك أرضه، واغتصابها عن طريق المذابح التى أعدها له، سواء فى كفر قاسم أو دير ياسين.
وما زالت اعتداءاته مستمرة، حيث شن حرب إبادة ضد شعبنا العربى الفلسطيني، ولم يتوقف عن ذبحه أو حرقه كما حدث فى مخيمات صبرا وشاتيلا أو قطاع غزة، والضفة، والإعدامات الميدانية للشباب الفلسطينى فى هبة القدس، وثورة السكاكين خير شاهد، ومحاولاته المستمرة لإعادة احتلال الأراضى الفلسطينية فى قطاع غزة، والضفة الغربية، ورفض إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضى الفلسطينية التى احتلها فى عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
وما زال حلمه بإقامة دولته الكبرى من النيل للفرات قائما، والدليل على ذلك خريطة دولة إسرائيل الكبرى المعلقة بالكنيست.
ولم تنجُ دولة عربية من اعتداءاته، سواء بلدنا مصر أو غيره، حيث قامت قواته باستغلال العدوان الثلاثى علينا فى ١٩٥٦ عقب تأميم قناة السويس، واحتلت سيناء، وقامت بشن عدوان ٥ يونيو ١٩٦٧ لوقف خطة التنمية والتحولات الاقتصادية التى كانت تشهدها البلاد فى ظل قيادة الزعيم الوطنى جمال عبدالناصر.
وكذلك سوريا الشقيقة باحتلال الجولان التى ما زالت تئن تحته حتى الآن، وقيام الكيان الصهيونى باستغلال الأزمة السورية الحالية بإمداد بعض المليشيات بالأسلحة والعتاد، وعلاج أفرادها بالمستشفيات الإسرائيلية، وتوجيه ضربات فى أحيان أخرى من خلال سلاحه الجوي.
ولبنان بعدوانه المستمر على الجنوب اللبناني، ومذبحة فانا خير دليل، وفرض الحصار البحرى على الشواطئ اللبنانية، واحتلاله لمزارع شبعا، وضرب المفاعل النووى العراقي، والتصفية الجسدية لعلماء الذرة العرب، وأصابعه تعبث بأمننا المائى فى منابع النيل بإفريقيا، والدليل سد النهضة، ولا يفوتنا فى هذا المقام أن نذكر خطأنا الفادح بإهمال القارة الإفريقية، الأمر الذى سمح له أن يملأ الفراغ الذى تركناه خلال فترة الرؤساء الذين تولوا البلاد قبل ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، سواء الرئيس الراحل أنور السادات أو الرئيس المخلوع حسنى مبارك أو المعزول محمد مرسى الذى تسبب لنا فى فضيحة عالمية خلال الاجتماع الذى عقده للعناصر المحسوبة عليه بقصر الاتحادية لمناقشة أزمة سد النهضة، والمذاع على الهواء، والتخاريف التى ذكرها البعض وما زلنا نعانى من أثره حتى الآن.
ولكن نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزارة الخارجية فى استرداد صداقتنا الإفريقية.
وبالتالى، نحن ملتزمون بالمحافظة على حقوقنا التاريخية فى مياه النيل، والتى كفلتها الاتفاقية الدولية فى إطار الأسرة الإفريقية، وليس عجزا كما ذكر السيد النائب توفيق عكاشة، فالمفاوض المصرى لم يفشل، حيث إن المفاوضات ما زالت مستمرة، ولا يمكن لنا التلويح باستخدام القوة، فهذه أمنية إسرائيل حتى نقع فى الفخ المرسوم لنا، ونخسر إفريقيا بالكامل، وتتغلغل إسرائيل، ولا يمكن لنا أن نلجأ لإسرائيل لكى تحل لنا هذه الأزمة، ونذكر سيادة النائب أن ما أقدم عليه يؤدى إلى بث اليأس والإحباط لدى الشعب المصري، وتضخم قوة إسرائيل، وأذكره أيضا بالرغم من هزيمتنا فى ٥ يونيو ١٩٦٧ لم نلجأ لإسرائيل من أجل استرداد سيناء، وإنما لم تمض أيام قليلة حتى قامت قواتنا المسلحة بخوض معركة رأس العش، وتلقين قوات العدو درسا لم ينسوه، وكانت بداية الصمود لمعركة التحرير، حيث أعقبتها إغراق المدمرة إيلات، وحرب الاستنزاف، والعبور اليومى لقواتنا المسلحة حتى كان الانتصار العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، ودحر القوات الإسرائيلية فى رمال سيناء التى كانت تفتخر بأنها لا تهزم.
فعلينا أن نعيد تنظيم صفوفنا، وإعداد الدراسات والأبحاث بخصوص الصراع العربى الإسرائيلى كإحدى القضايا الأساسية للتوعية، وإحياء لجان مقاطعة التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتضامن مع شعبنا العربى الفلسطيني، وهذا هو الطريق لحل أزمة سد النهضة.