الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا.. لاستمرار قضايا الحسبة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قمنا بثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو فى فترة زمنية بسيطة، وأبهرنا العالم كله، وأصبحنا مضرب الأمثال للشعوب الساعية إلى الحرية، والتحرر من كل أشكال القهر، والاستغلال.
كما نجحنا فى صياغة دستور يضاهى أعظم الدساتير على مستوى العالم، وأصبح لدينا مجلس نواب عكس جميع أوضاعنا السياسية والاقتصادية.
ومع ذلك كله يوجد خلف أسوار السجن المفكر إسلام بحيرى، الذى يقضى عقوبة سنة سجنًا بسبب آراء دينية لا تتعلق بالثوابت أدلى بها فى برنامجه التليفزيونى «مع إسلام» والذى كانت تبثه قناة «القاهرة والناس» بتهمة فضفاضة: «ازدراء الأديان»!!
وفى الطريق إليه.. الكاتبة، والأديبة الصحفية «فاطمة ناعوت» بعد أن أصدرت محكمة جنح الخليفة حكما بحبسها ثلاث سنوات وغرامة عشرين ألف جنيه.
وإذا بقى الحال على ما هو عليه سيلحق بهما آخرون! ما لم نصرخ جميعا بأعلى أصواتنا «ألغوا المواد ٩٨ و١٦٠ و١٦١ من قانون العقوبات».. حتى يسمعنا أعضاء مجلس النواب، ويعدون مشروع قانون بإلغاء هذه المواد لأنها تخالف الدستور وكل المواثيق الدولية، ومن مخلفات العصور الوسطى.
فالرأى، والفقه قابلان للنقاش طالما بعيدًا عن الثوابت الأساسية.
وبقاء هذه المواد يشكل قيدًا وحكرًا على تطوير الخطاب الدينى الذى ينادى به السيد الرئيس، ونؤيده فى ذلك، واستمرارًا لآراء التطرف، والإرهاب.
لا يعقل أبدًا.. أن يستمر بقاء هذه المواد، والمادة ٦٤ من الدستور تنص على «حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون».
والمادة ٦٥ من الدستور تنص على: «حرية الفكر والرأى مكفولة.. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر».
والمادة ٦٧ من الدستور تنص على: «حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك.
و«لا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون».
و«للمحكمة فى هذه الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزئى للمضرور من الجريمة إضافة إلى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها وذلك كله وفقًا للقانون».
والمادة ٩٢ من الدتسور التى تنص على: «الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلًا أو انتقاصًا، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها».
ونأمل أن يصدر السيد المستشار الجليل النائب العام تعليماته للنيابات المختلفة بالتوقف عن إحالة بلاغات المحتسبين للمحاكم، وحفظها عملا بنصوص هذا الدستور سالفة الذكر، وذلك بعد التعديل الذى تم للمادة الثالثة من قانون المرافعات رقم ٨١ لسنة ١٩٩٦.
فبمجرد الاستفتاء الشعبى على مواد هذا الدستور، وموافقة الشعب عليه، ونشره بالجريدة الرسمية يصبح نافذًا عملًا بنص المادة ٢٤٧ من الدستور، وتنسخ مواده القوانين المخالفة له.
ونأمل فى تدخل فورى لأعضاء مجلس النواب بوقف، وإلغاء كل القوانين سيئة السمعة، لأنها تخالف كل المواثيق الدولية، وتوقفت دول العالم عن تطبيقها، وعفى عليها الزمن.
ولا يعقل أبدًا أن نكرر ما كان يحدث قبل ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو حيث كنا نستشهد بدستور ١٩٧١ الذى أخذنا أغلبية مواده، خاصة «باب الحقوق والحريات العامة»، من الدستور الفرنسى، وقام بإعداده الراحل جمال العطيفى، ومع ذلك استمر تطبيق القوانين سيئة السمعة.
ولن أنسى أبدا كمحامى حريات، ومحامى نقابة الصحفيين، حينما أقام أحد المحامين الجنحة المباشرة رقم ١٧٩٩ لسنة ٢٠٠٧ جنح العجوزة ضد أربعة من رؤساء تحرير الصحف الخاصة، مطالبًا بتوقيع أقصى العقوبات المقررة بالمواد ١٣٣، ١٣٤، ١٧١، ١٧٤، ١٧٨ مكرر ثانيا فقرة أولى، والمادة ٢٠٠ مكررا.
«.. لأنهم فى الفترة من ٣١/٧/٢٠٠٦ حتى ١/٩/٢٠٠٦ دأبوا على نشر مطبوعات صحفية بصفتهم رؤساء التحرير تعمدوا فيها الإساءة إلى السيد محمد حسنى مبارك، رئيس الحزب الوطنى، والسيد جمال مبارك، أمين السياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى، وأعضاء حكومة الحزب الوطنى الديمقراطى، وعلى رأسهم الدكتور أحمد نظيف، رئيس الحكومة، متعمدين نشر شائعات كاذبة، وبيانات عارية عن الصحة، وصور مشينة لرموز الحزب الوطنى الديمقراطى من شأنها إثارة الحقد، والكراهية، وتأليب الرأى العام على الحزب الوطنى الديمقراطى، واستند فى ذلك إلى مجرد مقالات رأى تنتقد سياسات الحزب الوطنى، وقياداته الضارة بأمن، وسلامة الوطن، والشعب.
وكان يمكن للحزب أن يرد من خلال أجهزة الإعلام التى كان يسيطر عليها، وتنتهى المسألة عند هذا الحد.
إلا أن المحكمة أصدرت حكمها بحبسهم سنة مع الشغل، وكفالة عشرة آلاف جنيه لكل منهم لإيقاف التنفيذ مؤقتًا، وتغريم كل منهم مبلغ عشرين ألف جنيه، وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت، وخمسين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة، وألزمتهم بالمصاريف الجنائية.
وما أشبه الليلة بالبارحة، ومطلب وقف وإلغاء المواد ٨٩ (و)، ١٦٠، ١٦١ من قانون العقوبات المتعلقة بتهمة ازدراء الأديان.. «الحسبة الدينية»، وكذلك المواد الأخرى المتعلقة بالحسبة السياسية.
ومن حقنا أن نتوقف لحظة تأمل، وإدراك لتوقيت إصدار هذه الأحكام، فهى تأتى عقب نجاح الشعب المصرى فى إسقاط حكم الفاشية الدينية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وحلفائهم من المتطرفين من جماعة الإسلام السياسى المسلحة.
ونضج الوعى الشعبى بالتفرقة ما بين الإسلام الحقيقى والمتأسلمين الذين عينوا من أنفسهم أوصياء على ديننا الإسلامى الحنيف، ويرفض هذه الأحكام، ويعتبرها اعتداء على حرية الرأى، والفكر، والعقيدة، وتؤدى إلى المزيد من التطرف، والإرهاب ضد الوطن، والشعب، وما زلنا نعانى منها.