رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رقابة الصعايدة "30"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجاء صبحي يومًا ليخبرنى أن رجاء عبده الممثلة والراقصة القديمة تعتزم إنتاج وتمثيل بعض المسرحيات لتصويرها خارج مصر ويقوم المخرج التليفزيونى عادل صادق بالإدارة وتقابلنا معهم واتفقوا أن يأخذوا منى ثلاث مسرحيات دفعة واحدة.
على أن يمثل فيها صبحى ويكون المخرج المساعد فى مسرحيتين ويخرج واحدة منهما بنفسه وكتبت معه عقدا وكانت المسرحية الثالثة باسم «سطوحى يجد عقلا» على وشك الانتهاء من كتابتها! فلما قرأها الأستاذ عادل أعجبته كثيرا وقرر أن يخرجها بجوار مسرحية أخرى ويترك الثالثة لصبحى ليخرجها لكنى صدمته عندما صممت أن يخرجها صبحى فقال لى معاتبا: هل صبحى مخرج أفضل مني؟ «ولم يكن صبحى قد قام بدور كبير فى مسرحية أو أخرج شيئا» فقلت له إن اختيارى ينبع من تفاهمى معه حول هذه المسرحية بالذات فتضايق وقال فورا بحسم: إذن فلنمزق العقد ونلغى الأمر كله.. «ربما ظنا منه أننى سأخضع لرغبته» ولكن كان ردى بهدوء: أوكا.
كنت قد تزوجت وفى أشد الحاجة إلى النقود وعقد بثلاث مسرحيات يعنى مبلغا محترما وقتها وهو تسعمائة جنيه للثلاثة أعمال! وكان الأستاذ عادل من أصل صعيدى ورأسه ناشفة ولكنه لم يكن يعلم أن أصلى صعيدى أيضا، مع أنى لم أذهب إلى الصعيد.
وحاول صبحى أن يغير رأيى متنازلا هو عن إخراجها فقد يضمن هذا أن يقوم ببطولتها لكنى لم أقتنع.. وفى اليوم التالى ذهبت للمخرج فى مكتبه كما اتفقنا لنمزق العقد فقال بخجل إنه كان قد وقع عقدا مع ناهد شريف الممثلة لتلعب بطولة مسرحية «امرأة بلا ماضي» وأعطاها عربونا وستضيع عليهم النقود ولذا يطلب ألا نلغى هذه المسرحية فقط.. قلت بنفس الهدوء لن أحرجك حتى لا تخسر نقودك! وقد كان.. ولكن صبحى تضايق لأنه خسر كل المبلغ فقلت لا يهم ولكنى لن أضحى بالمسرحية التى يمكن أن تصنع منك نجما دفعة واحدة.. ثم إن المسرحيات سيتم تصويرها خارج مصر وبشكل تجارى والغالب أنها لن تعرض على مسرح إلا يوما واحدا ويكتفوا بتصويرها.. ولن تذاع فى مصر.
وبالفعل تم تسجيل المسرحية فى الأردن ولم نرها ولكنى قرأت عنها خبرا فى مجلة الكواكب فى يونيو ٧٥ وقد أسماها أحد الجهابذة ولعله المخرج اسم «الست اللى نسيت جوزها» هاها.. ربما خوفا من أن تطرد جملة «بلا ماضى» الناس من أمام شاشة التليفزيون أو ظن أنهم فى الأردن لا يعرفون اللغة العربية!
كنت مقتنعا بأننى لم أخسر شيئا بل شعرت براحة لأفلت بالمسرحية بل بالمسرحيتين.. وكان لى زميل بالمعهد يعمل مساعدا مع محمد فاضل وبحكم صداقتنا حكيت له فكرة المسرحية فأصر أن يأخذ النص ليعطيه لعادل إمام وكان قد أصبح النجم الكوميدى الأول فى العالم العربى بعد مسرحية مدرسة المشاغبين.. لكنى رفضت لأنى كنت أخطط لدفع صبحى للنجومية رغم صعوبة الأمر لأنه لم يصبح معروفا بعد.. وحتى أتمكن من عمل مسرحية منضبطة لأن هذا لا يتنافر مع الكوميديا بل العكس هو الصحيح.
غير أن صبحى لم يطق الانتظار وضغط علىّ لأن أعطى المسرحية لمحمد عوض على أن يقوم هو بالدور الثانى رغم أنه لم يكن مكسبا له ورأيت أن عوض الذى لم يتجاوب من قبل مع مسرحيتين لي، سيكرر نفس موقفه أما إذا وافق فليكن من حظه هو.
وعليه ذهبنا له فى بيته مساء وكان عائدا من تصوير فيلم واستمع إلى العمل كله ثم قال «الفصل الأول معدى والثانى تنقصه صمولتين.. أما الثالث فهو ديستنجيه».
واعتذر أيضا لأنه ارتبط بمسرحية ستعرض فى الإسكندرية.. شعرت بالراحة وقلت لصبحى إن هذه المسرحية لا بد أن تقوم أنت ببطولتها.. وإلا
لن تخرج كما أحب وتحب أنت.
وأخبرنى صبحى بعد أيام أنه لم يبق أمامنا إلا بركة الذى أستأجر مسرحا فى باب اللوق وعرض عليه مسرحية لم تنجح، فجاء به صبحى إلى منزلى.. وجلست أقرأ له الفصل الأول فى حضور صبحى.. وكان الرجل لا ترتسم على وجهه أى ملامح مفهومة.. وتوقفت لحظة أطلب كوبا من الماء قبل أن أواصل وسألته عن رأيه فى الفصل الذى سمعه؟ وفجأة نظر لى بعصبية وقال «دى بتسميها مسرحية كوميدية؟ أنا قاعد بتقطع على سطوحى يا بابا».. وهنا طويت الأوراق بهدوء وقلت لصبحى أمامه «مش قلت لك يا صبحى نديها لمحمد عوض».. وهنا انتفض بركة وقال «انتوا بتقولوا أسماء غريبة يا بابا».
وسكت صبحى وقد نسى أنه كان قد أخبرنى أن بركة كان يدير مسرح عوض ثم تشاجرا معا.
ثم وقف بركة ووضع يده فوق ملف المسرحية المغلق بحركة عفويه وبدأ يسألنا عن الذين سيمثلون فى هذا العرض.. فقلت دعنا نفكر ونلتقى غدا.