الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

25 يناير الآخر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى عام ١٩٥٢ كانت منطقة القناة تحت سيطرة قوات الاحتلال الإنجليزى بموجب اتفاقية ١٩٣٦، ولكن لم يرتضى أهالى مدن القناة هذه الاتفاقية التى تقر وجود قوات الاحتلال الغاصب على أراضيهم، فقاموا بعمل مجموعات مقاومة كانت تقوم يوميا تقريبا بعمل عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال الإنجليزى، والتى كانت توقع بين صفوف الاحتلال خسائر مادية وبشرية ومعنوية جسيمة، وكانت تلك العمليات الفدائية عشوائية فى بادئ الأمر إلى أن تدخل البوليس المصرى للتنسيق معهم الأمر الذى أدى لوقوع خسائر أكبر بكثير مما كان عليه الوضع قبل ذلك.
وحين علمت قوات الاحتلال بدور الشرطة المصرية فى التنسيق بين أفراد المقاومة أصدرت القوات البريطانية قرارًا بأن يخرج كافة أفراد الشرطة المصرية من مدن القناة، وكان ذلك فى فجر ٢٥ يناير ١٩٥٢، وعندما ذهب رجال الشرطة المصرية لعملهم وجدوا قوات الاحتلال الإنجليزى تطالبهم بإخلاء مبنى المحافظة، ودار الحديث فى ذلك بين ملازم أول مصطفى فهمى، وبين قائد القوات الإنجليزية فى الإسماعيلية «إكس هام» وجاء رد الملازم أول مصطفى قاطعًا حاسمًا مدهشًا لـ«إكس» فقد قال له «إذا لم تأخذ قواتك من حول المبنى سأبدأ أنا الضرب لأن تلك أرضى وأنت الذى يجب أن ترحل منها وليس أنا، وترك «إكس» مندهشا ودخل مبنى المحافظة لينقل لزملائه ما دار بينه وبين قائد القوات البريطانية بالإسماعيلية فما كان من زملائه الا أن ثمنوا موقفه وأصروا على عدم الرحيل والمقاومة حتى آخر نفس يتردد بصدورهم. 
فى تلك الأثناء كانت قوات الاحتلال تحاصر مبنى المحافظة بالمدفعية الثقيلة والأسلحة المتطورة نسبيًا لما كان يملكه أفراد الشرطة المصرية آنذاك، ودارت الاشتباكات التى سقط على أثرها ٥٠ شهيدًا من أفراد الشرطة و٨٠ مصابًا من أفراد الشرطة ومن أبناء الإسماعيلية الذين كانوا يتسللون إلى داخل مبنى المحافظة أثناء تلك الاشتباكات لتقديم الدواء والطعام لمساعدة وإسعاف أفراد الشرطة. 
دربًا من دروب الإيثار والكرامة سطرتها أفراد الشرطة فى ذلك الوقت ولا زال العديد منهم يقدمون أسمى معانى العزيمة والتضحية إيمانا منهم بأحقية الوطن فى رجال مخلصين يدافعون عن وحدة وأمن وسلامة هذا الوطن.. ولعل آخر هذه التضحيات وحتى كتابة هذه السطور استشهاد ٣ من أفراد الشرطة فى استهداف كمين للشرطة بالعريش، وبعيدًا عن الألم الذى يعتصر قلوبنا على استشهاد زهرة شبابنا وقنصهم بأيادى الغدر والخسة والنذالة فلا زلنا نتساءل منذ استهداف كمين ثابت للشرطة فى مدخل مدينة المنصورة واستشهاد ثلاثة أيضا من بين أفراده فى ٢٠١٣ عن جدوى الأكمنة الثابتة؟ فهل نعرض أولادنا فى فتارين للإرهابيين ونحن على يقين أن كل فرد فيهم مستهدف من جماعة لا تعرف الله!!!!
لماذا يا سيادة وزير الداخلية لا يتم تطوير أسلوب الكمائن واللجوء للأكمنة المتحركة أو المتخفية، مع تكرار هذا المشهد المأسوى لا بد من وجود حلول أخرى. يا سيادة الوزير استحداث خطط أمنية جديدة ضرورة ملحة، ارحموا قلوبنا من الحسرة.. لا أحد ينكر أن الأمن فى عهد وزارتك قد تقدم كثيرا ولكن أمن أفرادك هو جزء لا يتجزأ أيضًا من أمن الوطن.. وكل عام وأنتم بخير.