الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل ينجح "اتفاق الصخيرات" في إنقاذ ليبيا؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد عام كامل من المباحثات بين الأطراف المتنازعة فى ليبيا، وتحت رعاية الأمم المتحدة، شهدت مدينة الصخيرات المغربية الخميس ١٧-١٢-٢٠١٥ توقيع اتفاق بين الأطراف الليبية المتنازعة، حيث وقع أعضاء من كلا البرلمانين المتنازعين فى ليبيا «برلمان طبرق ـ برلمان طرابلس»، وحيث نص هذا الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، ورغم معارضة رئيسى المجلسين فى ليبيا على هذا الاتفاق، إلا أن المبعوث الأممى مارتن كوليز، قد أعلن أن الغالبية العظمى من الليبيين يؤيدون الاتفاق، وأن ١٧ دولة أيدت فى روما مسودة الاتفاق ورحبت بها. هذا وقد نص اتفاق الصخيرات على تشكيل حكومة وحدة وطنية فى ليبيا، تقود مرحلة انتقالية من عامين تنتهى بإجراء انتخابات تشريعية، وقد تم تكليف على القطرانى وعبد السلام قاجمان نائبين لرئيس الوزراء فايز السراج، وقد حضر حفل التوقيع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوليز ووزراء خارجية عرب وأوربيون، وممثلون عن هيئات دبلوماسية ودولية، إضافة إلى أعضاء فى مجلس النواب المنحل، والمؤتمر الوطنى العام. وبناء على بنود الاتفاق، فإن رئيس حكومة الوحدة الوطنية فايز السراج، يرأس كذلك المجلس الرئاسى الذى يضم ٥ أعضاء آخرين يمثلون جميع الأطراف الليبية و٣ وزراء كبار يقومون بتسمية الوزارات، ونص الاتفاق أيضًا على أن يكون مقر الحكومة فى طرابلس؛ وأن السلطة التشريعية ستكون ممثلة فى مجلس النواب المنعقد بطبرق شرق البلاد، أما المؤتمر الوطنى العام المنعقد فى طرابلس، فسوف يشكل المجلس الأعلى للدولة وهو بمثابة مجلس استشارى للحكومة التى ستكون مدتها عامًا واحدًا قابلًا للتمديد، وأن الحكومة المؤقتة ملزمة بإصدار مشروع دستور جديد يعرض للاستفتاء. أما مجلس رئاسة الوزراء، فإن أهم اختصاصاته القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبى وتعيين وإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة، بعد موافقة مجلس النواب إلى جانب تعيين وإعفاء السفراء وممثلى ليبيا لدى المنظمات الدولية، بناء على اقتراح من وزارة الخارجية. كما يختص المجلس بتعيين كبار الموظفين وإعفائهم من مهامهم وإعلان حالة الطوارئ والحرب والسلم، واتخاذ التدابير الاستثنائية بعد موافقة مجلس الدفاع والأمن القومى، كما يقوم المجلس بعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، على أن يتم التصديق عليها من مجلس النواب ويتطلب اتخاذ مجلس الوزراء لأى قرار إجماع رئيس المجلس ونوابه. وهو ما يعنى أن لرئيس الحكومة ونوابه حق الاعتراض على أى قرار، كما يتطلب اختيار وزراء حكومة التوافق بإجماع رئيس الوزراء ونوابه، بعد التشاور مع أعضاء الحوار السياسى الليبى، وإذا تعذر الإجماع فى التصويتين الأول والثانى يتخذ القرار فى التصويت الثالث بأغلبية أعضاء مجلس رئاسة الوزراء، على أن يكون رئيس مجلس الوزراء من بينهم. إن الصيغة السابقة والتى حاول المجتمعون أن يتجاوزوا بها حالة الانقسام الذى تشهده الساحة الليبية منذ ٤ سنوات عندما انهارت فيها جميع مؤسسات الدولة، ويظهر ذلك جليًا وبوضوح فى تشكيلة المجلس الرئاسى التى تم الإعلان عنها بموجب الاتفاق حيث تكون كالآتى:
فايز السراج رئيسًا للحكومة، وهو من غرب ليبيا، فتحى المجدى نائبًا لرئيس الحكومة وهو من شرق ليبيا، على القطرانى نائبًا لرئيس الحكومة وهو من شرق ليبيا، عبد السلام القاجيجى نائبًا لرئيس الحكومة، وهو من جنوب ليبيا، موسى الكدنى نائبًا لرئيس الحكومة، من جنوب ليبيا، أحمد معيق نائبًا لرئيس الحكومة، وهو من غرب ليبيا، وبذلك تصبح أقاليم ليبيا الثلاثة ممثلة بنائبين عن كل إقليم فى تشكيلة المجلس الرئاسى المشكل حديثًا، وحتى الآن لم تنجح الأطراف المتصارعة بعقد اجتماع المجلس النواب الليبى وعلى مدى يومى ٢٧، و٢٨-١٢-٢٠١٥، حيث قرر مجلس النواب الليبى بمدينة طبرق، تأجيل جلسة مناقشة حكومة الوفاق الوطنى، إلى منتصف الأسبوع الأول من يناير، حيث أعلن المستشار الإعلامى لرئيس مجلس النواب الليبى فتحى الريمى، أن رئيس مجلس النواب وعددًا من السادة النواب، عقدوا اليوم جلسة تشاورية بمقر مجلس النواب بمدينة طبرق، وذلك لعدم اكتمال النصاب القانونى للأعضاء وللمرة الثانية. إن أشد ما يهدد الاتفاق هو الانقسام بين كل معسكر من المعسكرين على حدة، وقد كان غياب عن حفل التوقيع لكل من رئيسى البرلمانين المتنافسين فى كل من طبرق وطرابلس، حيث ناب عنهما كل من محمد شعيب ممثلًا لمجلس النواب وصالح المخزوم، ممثلًا للمؤتمر العام فى طرابلس، وعلى الرغم من تأكيد المبعوث الأممى مارتن كوليز على الدعم الدولى للاتفاق، إلا أن عملية تثبيته على الأرض وإخراج بنوده إلى حيز الوجود ستصطدم بالعديد من العقبات وستواجه الكثير من التحديات، أولها الفصائل المسلحة والمرتبطة بشكل أو بآخر بالقوي السياسية فى شرق البلاد أو غربها، وهذه الفصائل تدين بالولاء لقادتها أكبر من ولائها للدولة، وهى تقاتل من أجل الظفر بالثروة النفطية بالبلاد، ومع انتشار هذه الجماعات بطول البلاد وعرضها، فإن بناء جيش وطنى موحد قد يستغرق وقتا طويلا ومن الممكن ألا يتحقق بالأساس، وفى ظل هذه الفوضى استطاع تنظيم الدولة الإسلامية، أن يستولى على مدينة سرت وسط البلاد، ومارس التنظيم هجمات إرهابية وإعدامات ضد المسيحيين والمسلمين من جنسيات مختلفة ولا توجد قوة عسكرية على الأرض قادرة على مواجهة التنظيم، ويخشى الكثير من الليبيين أن يكون الاتفاق ما هو إلا محاولة للالتفاف على مستقبل ليبيا النفطى، فقد تلجأ حكومة التوافق أو مجلس الوزراء إلى طلب دعم عسكرى من الخارج لمواجهة التنظيمات المسلحة، فى حالة عجز الجيش الليبى عن مواجهتها، وبالتالى تتم الشرعنة لدخول قوات أجنبية فى ليبيا وكان من الأفضل الاعتماد على قوات اللواء حفتر، كبداية لإنشاء مؤسسة عسكرية، خاصة أن هذه القوات نجحت فى بعض المعارك والمواجهات ومن الممكن الاستعانة بالخبرات المصرية والجزائرية فى دعم هذه القوات وتدريبها، حيث إن مصر والجزائر خاضتا حروبًا ضد الجماعات المسلحة وتمتلك الخبرة لمواجهتها، بينما خلت بنود الاتفاق من آليات بناء جيش ليبي قوي.
فهل تستطيع الأطراف الدولية الداعمة للاتفاق إنقاذ ليبيا، أم تكتفي بالتهليل لمائدة المفاوضات وحسب؟