الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

بيرم التونسي.. هرم الزجل

محمود محمد مصطفى
محمود محمد مصطفى بيرم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محمود محمد مصطفى بيرم وشهرته بيرم التونسي، شاعر مصري ذو أصول تونسية، ويعد من أشهر شعراء العامية المصرية، لقب بـ"هرم الزجل"، عندما أدرك بعد فترة أن الشعر وسيلة محدودة الانتشار بين شعب غالبيته لايقرأ اتجه إلى الزجل، ليقرب أفكاره إلى أذهان الغالبية العظمي من المصريين، وكانت أزجاله الأولى مليئة بالدعابة والنقد الصريح الذي يستهدف العلاج السريع لعيوب المجتمع، وكان يعتمد في لقطاته الزجلية على السرد القصصي، ليصور العلاقات الزوجية، ومشكلات الطلاق، والعادات الاجتماعية الساذجة الموجودة آنذاك، مثل حفلات الولادة والطهور والزار.
ولد الشاعر بيرم التونسي لعائلة تونسية كانت تعيش في الإسكندرية بحي السيالة في 23 مارس عام 1893، واستطاع في وقت مبكر من شبابه أن يربط الفن بينه وبين سيد درويش كتب خلالها له عدة أغانٍ.
دخل بيرم مجال الصحافة حيث أصدر صحيفة "المسلة"، تبعها بعد ذلك بالعمل في عدة صحف مصرية، بعدها تم نفيه عدة مرات؛ فقد نُفيَّ من مصر إلى تونس ثم إلى باريس، لتبدأ حياته كشاعر منفي يحن إلى وطنه؛ وظهر ذلك في أعماله التي كان يقوم بها وهو في المنفى.
في عام 1952 قامت الثورة في مصر، ففرح بها بيرم وأيدها وقال فيها الأشعار والأزجال فدخل المجال الفني فقام بتأليف الكثير من الأغاني والمسرحيات الغنائية لأم كلثوم، وفريد الأطرش، وأسمهان، ومحمد الكحلاوي، وشادية، ونور الهدى، ومحمد فوزي، كما قدم العديد من الأعمال الإذاعية، وهو ما دفع الرئيس جمال عبد الناصر إلى منحه جائزة الدولة التقديرية عن جهوده؛ في الأدب والفن عام 1960، وكان قبلها قد حصل على الجنسية المصرية عام 1954.
قرر بيرم الزواج وهو في السابعة عشرة، خاصة بعدما ماتت أمه، فكلف شقيقته الكبرى للبحث له عن زوجة من أسرة محافظة في الحي، ويتم الزواج ويعيش معها في حجرة في بيت أبيها ولكن الحياة كشرت عن أنيابها مبكرًا فأغلق بيرم محل البقالة الذي كان قد فتحه قبل الزواج، وباع المنزل الذي تركه له أبوه، ليعمل في تجارة السمن، واشتري بباقي النقود بيت صغير في الأنفوشي؛ ثُم ماتت زوجته بعد ست سنوات تاركة له ولدًا اسمُه محمد وبنتًا اسمها نعيمة، فاضطر للزواج مرة أخرى بعد 17 يومًا من موت الزوجة.
كاد بيرم أن يقنع تمامًا بعمله الجديد، ويمضي في الكفاح من أجله إلى نهاية المشوار، لولا أنه فوجئ ذات يوم بالمجلس البلدي في الإسكندرية وهو يحجز على بيته الجديد، ويطالبه بمبلغ كبير كعوائد عن سنوات لا يعلم عنها شيئًا، وكأن الدنيا أرادت بهذا الحدث أن تعلن عن مولد فنان، فقد اغتاظ بيرم، وقرر أن يرفع راية العصيان ضد المجلس البلدي بقصيدة يجعله فيها"مسخرة" في أفواه الناس تدل السخرية والنقد التي بدأ بها بيرم حياته كشاعر ونشرت القصيدة كاملة بجريدة "لأهالي"، وكانت أول قصيدة تُنشر له وأحدث نشرها دويًا، فلم يعد في الإسكندرية من لم يتكلم عنها، أو يحفظها أو يرددها، كما طلب موظفوا المجلس البلدي ترجمتها إلى اللغات الأجنبية ليستطيعوا فهمها، فقد كانوا جميعًا من الأجانب؛ ولم يكتفي التونسي بذلك بل أصدر كتيبًا يتضمنها فراج رواجًا عظيمًا بدأ بيرم بعد هذه القصيدة يتجه إلى الأدب فترك التجارة واهتم بتأليف الشعر.
في مايو عام 1961 رحل بيرم عن عالمنا بعد صراع مع مرض الربو، تاركًا للأجيال التالية إرثًا كبيًرا من الأزجال والقصائد والمسرحيات، وتجربة عريضة مملوءة بالدروس؛ خاصة في مجال النضال الاجتماعي من أجل الوطن، مما جعل يُطلق عليه وبحق؛ فنان الشعب، وشاعر العامية، وهرم الزجل.