الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التأمين الصحي بين التأجيل والتعجيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصحة والتعليم أساسا التقدم والرقى فى كل دولة.. ولا ننكر أننا فى مصر فى أشد الحاجة إلى الاهتمام بهذين الملفين اللذين طالتهما يد الإهمال منذ عشرات السنين.
ومع اقتراب مجلس النواب من الانعقاد بدأ الحديث عن قانون التأمين الصحى الجديد الذى يعد من أكثر القوانين تعقيدًا فى التطبيق كونه ظل حبيس الأدراج على مدى خمسة عشر عاما يبحث عن منقذ أو منفذ.. لكنه كان وما زال يحتاج للعديد من الدراسات التى تؤهله لكى يكون على أرض الواقع حتى وإن كان وزير الصحة يصر على تمريره.
القانون فى مجمله أكثر من رائع لكن وجود سلبيات فى القانون تجعلنا ندق ناقوس الخطر.. لأننا انتظرنا خمسة عشر عاما حتى يطبق القانون فلا بد إذن أن يخلو من الشوائب.
أبسط نقطتين أرى أنهما فى غاية الأهمية لعرقلة تطبيق هذا القانون هما:
أولًا: وجود اعتراضات من جانب نقابة الأطباء وهى التى تمثل الأطباء كافة، لذا من الأهمية أن يؤخذ فى الاعتبار كل الملاحظات التى وضعتها النقابة ويتم حلها.
ثانيًا: الجدل الدائر حول المادة الحادية عشرة من القانون الخاصة بتقديم الخدمة العلاجية عن طريق التعاقد مع أى من مقدمى الرعاية الصحية أو أى جهات أخرى ترغب فى التعاقد ووفقًا لمعايير الجودة.. ومما لا يدع مجالًا للشك أن مستشفيات الحكومة فى مصر لا توجد بها معايير جودة، وبالتالى هناك تخوف من أن يؤدى هذا القانون إلى إغلاق المستشفيات الحكومية أو بيعها أو مشاركة القطاع الخاص فيها بأى شكل من الأشكال.
وقد جمعنى لقاء تليفزيونى ضم رئيس هيئة التأمين الصحى وكل مسئولى القانون، ولفت انتباهى تعليق دكتور حسن القلا، وهو المسئول عن تقييم المستشفيات وإعطائها درجة الجودة التى بناء عليها سيسمح لها بالاشتراك فى تقديم الخدمة أم لا. ووجدت منه عدم حماس للقانون لأنه يرى باختصار ضعف مستوى المستشفيات ليست الحكومية فقط وإنما الخاصة أيضا باعتبار أننا نعانى من قلة عدد الأسرة وانخفاض مستوى الخدمة فى عدد من المستشفيات الخاصة، بالإضافة إلى ضعف مستوى التمريض.. واذا كان القانون نص على شراء الخدمة من المستشفيات فبطبيعة الحال سيلجأ المواطن إلى الأفضل من وجهة نظره. وبالتالى سيهرب إلى المستشفيات الخاصة ويهجر العامة «وهو نفس تخوف نقابة الأطباء».
من هنا يرى دكتور القلا أن مصر حتى الآن غير مهيأة لتنفيذ القانون وعلينا إصلاح حال المستشفيات الحكومية أولًا بعضها وليس كلها.. على أن تكون هناك خطة لتطوير الكل خاضعة لجهة مراقبة صارمة لكى تنفذ كما ينبغى أن يكون وفى الموعد المحدد، وبالتالى نضمن وجود تنافسية كبيرة بين كل المستشفيات فى تقديم الخدمة لصالح المواطن.. على جانب آخر يفتح المجال لتدريب الممرضات وتأهيلهن كما ينبغى أن يكون مع تحسين مستوى الأجور ومنع الحصول على مجاملات من المرضى. والحقيقة وإن كان البعض يرى أن دكتور «القلا» تصادمى فى قراراته.. إلا أنه محق لأننا وإن كنا تأخرنا عشرات السنين لتطبيق القانون.. فلا بد أننا فى النهاية نحصل على قانون مثالى يستحق كل هذا الانتظار.. ويكون بوابة مصر للخروج من أزمة ضعف الخدمات الصحية ولجوء البعض للسفر للخارج.
والسؤال الآن.. هل ستطبق الحكومة القانون رغم وجود عيوب واضحة فيه تجعل الخدمة المقدمة للمواطن يشوبها التقصير؟.. أم ستنتظر فترة زمنية تسارع فيها الزمن لإصلاح ما يمكن إصلاحه.. ومن ثم تقدم خدمة للمواطن تحترم فيها حقوقه الصحية التى تأخرت لسنين؟.. أعتقد الكرة الآن فى ملعب البرلمان الجديد.. فعلينا أن ننتظر فانتظارنا لن يكون بعيدًا.