الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

التحالف الإسلامى الجديد.. خطوة نحو التوازن في الشرق الأوسط

مصر ركيزة أساسية عسكريًا وفكريًا

 الملك «سلمان بن
الملك «سلمان بن عبدالعزيز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم المفاجأة الكبيرة التي أصابت العالم من إعلان المملكة العربية السعودية عن أكبر تحالف إسلامى لمحاربة الإرهاب، يضم ٣٤ دولة من بينها مصر، فإن المتتبع لسياسة المملكة العسكرية خلال الأشهر الماضية وتحديدا منذ تولى العاهل السعودى الملك «سلمان بن عبدالعزيز» الحكم، وتعيين نجله الأمير «محمد بن سلمان» وزيرا للدفاع ووليا لولى العهد، سيكتشف أنها تميل إلى اتخاذ خطوات مفاجئة خاصة فيما يتعلق بتحركاتها العسكرية.
فالإعلان عن التحالف العسكري للحرب في اليمن واستعادة الشرعية والقضاء على سيطرة الحوثيين، الموالين لإيران، على اليمن جاء بشكل مفاجئ أيضا، وأعلنت السعودية عن التحالف مع بداية شنه لهجمات فعلية في اليمن.
ومن قبل حرصت المملكة على سرية تحركاتها ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، ولم تحدد معالم دورها في التحالف الدولى، الذي تقوده الولايات المتحدة، حتى اتضح مؤخرا حجم تأثيرها سواء في محاربة تنظيم داعش الإرهابى، أو دعم وتسليح فصائل المعارضة التي تحارب الرئيس بشار الأسد، والتي اجتمعت مؤخرا في الرياض وشكلت هيئة عليا للمفاوضات.
رسائل سياسية 
ويرى الكثير من المحللين أن إعلان المملكة العربية السعودية عن هذا التحلف فجر يوم الثلاثاء، ١٥ ديسمبر، حمل رسائل قوية لجهات وأطراف عديدة كان أبرزها الرسائل السياسية والعسكرية التي استهدفت إيران، والتي تم استبعادها من هذا التحالف الضخم.
وضم التحالف وفقا للإعلان السعودى ٣٤ دولة، يمكن تقسيمها إلى دول عربية «السعودية، مصر، الإمارات، الأردن، البحرين، تونس، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية، السودان، جيبوتى، الصومال، موريتانيا، المغرب، واليمن».
ودول أفريقية «بنين، تشاد، توجو، السنغال، سيراليون، الجابون، غينيا، ساحل العاج، مالى، النيجر، نيجيريا». ودول آسيوية «تركيا، باكستان، بنجلاديش، المالديف، وماليزيا».
وأعلنت السعودية أنها ستحتضن مقر القيادة المركزية لقوات التحالف الإسلامى، وكذلك تنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، وستكون مهمته محاربة الإرهاب في كل مكان بالعالم. ويعد هذا التحالف من بنات أفكار الأمير محمد بن سلمان، وقال عنه إنه يأتى حرصا من العالم الإسلامى لمحاربة هذا الداء، ولكى يكون شريكا للعالم كمجموعة دول في محاربة هذا الداء. وأوضح أن التحالف سينسق مع الدول المهمة في العالم والمنظمات الفاعلة في محاربة الإرهاب، ولن تقتصر مهمته على محاربة الإرهاب عسكريا فقط، بل ستتطور إلى محاربته «فكريا وإعلاميا» إضافة إلى الجهد الأمنى، ولن تقتصر على محاربة «داعش»، بل سيتصدى لأى منظمة إرهابية تظهر.
مصر ركيزة أساسية 
وتعد مصر ركيزة أساسية في هذا التحالف، خاصة أن موقف القاهرة ثابت منذ البداية، وهو مساندة أي جهد عالمى لمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط والعالم، وأنها ستقدم كل المساعدة الممكنة للقضاء على الإرهاب.
وأعلنت القاهرة انضمامها إلى هذا التحالف، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يعلن محمد بن سلمان عن هذا التحالف قبل ساعات من زيارته المهمة إلى مصر، الثلاثاء الماضى، والتي التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء شريف إسماعيل، وترأس وفد المملكة في الاجتماع الثانى للمجلس التنسيقى المصرى- السعودى، والذي عقد أول اجتماعاته في الرياض، ٢ ديسمبر الماضى.
وفور إعلان السعودية عن التحالف رحبت مصر بالمشاركة فيه، وأكدت الخارجية المصرية أنها ترحب بالمشاركة في أي تحالف أو جهود لمحاربة الإرهاب. وقال وزير الخارجية سامح شكرى إن مصر من أوائل الأطراف المشاركة في التحالف الإسلامى ضد التنظيم الإرهابى «داعش». موضحًا أن المصلحة المصرية هي التي تحدد أسلوب وإطار المشاركة في الحرب على الإرهاب. ورفضت مصر محاولات بعض الأطراف وشائعات تنظيم الإخوان الإرهابى من أن مصر تغامر بالمشاركة في مثل هذه التحالفات. وشدد شكرى في حوار مع إحدى القنوات الفضائية، على أنه لا يقبل ما يشاع من أن المملكة العربية السعودية قدمت بعض المساعدات لمصر مقابل موافقة الدولة على التحالف ضد الإرهاب، ولا يقبل ربط البعض مشاركة مصر في التحالف الإسلامى بالدعم السعودى.
وتزداد أهمية مصر في هذا التحالف، نظرا لأنه يسعى لمحاربة الإرهاب فكريا وعقائديا أيضا، ولا يمكن بأى حال من الأحوال حدوث هذا بدون وجود دور قوى وفعال من مؤسسة الأزهر، أبرز مؤسسة دينية وسطية سنية في العالم أجمع، والتي تحظى باحترام بالغ في جميع أنحاء العالم. ولم تتحدد بعد ملامح هذا التحالف أو شكل المشاركة العسكرية المصرية فيه، لكن خبراء أكدوا لشبكة «سى إن إن» الأمريكية أنها لن تشارك بقوات برية خارج حدودها لمحاربة الإرهاب، مثلما يحدث في اليمن، لكن مصر بقدراتها العسكرية الحالية أو المستقبلية والمتمثلة في حصولها على حاملتى طائرات هليكوبتر من طراز «ميسترال» سيكون بإمكانها تعزيز دورها في هذا التحالف العسكري مستقبلا، وستكون مشاركتها البحرية والجوية أكثر فاعلية.
تحالف سنى ضرورى 
يرى الكثير من المراقبين أن مثل هذا التحالف في هذا التوقيت يعد أمرا ضروريا لإحداث نوع من التوازن على الساحة الإقليمية، فالعالم يعج الآن بتحالفات لمحاربة الإرهاب وجميعها تعمل في منطقة الشرق الأوسط.
فهناك تحالف غربى تقوده الولايات المتحدة، وهناك تحالف شرقى تقوده روسيا بالتعاون مع نظام بشار الأسد، وهناك تحالف شيعى إيرانى عراقى ومع حزب الله اللبنانى يعمل في كل من سوريا والعراق، إذن فإن الحاجة لوجود تحالف سنى تقوده السعودية كان أمرا ضروريا وملحا في الوقت الحالى.
ويساعد التحالف السنى الإسلامى العربى الإفريقى الآسيوى الجديد في وقف دعاية تنظيم داعش لتجنيد المزيد من الشباب، بحجة أن التحالف الدولى الشيعى ضد الإسلام يمهد الطريق أمام معركة نهاية العالم، المعروفة باسم «هرمجدون»، وهى الدعاية التي قالت وسائل إعلام غربية إنها رصدتها على مواقع التنظيم التي تحاول جذب الشباب الغربى إلى أرض الميعاد في سوريا وبلاد الشام محاربة التحالف العالمى ضد الإسلام.
وبما أن السعودية ومصر تقودان العالم الإسلامى السنى في العالم، فإن وجودهما في هذا التحالف يساعد في مواجهة الحرب الدعائية التي يشنها داعش، فضلا عن تشجيع دول وجماعات أخرى إلى هذا التحالف لمحاربة التطرف.
تكرار لتجربة اليمن 
ويرى آخرون أن نجاح السعودية والدول العربية في تشكيل تحالف عربى للحرب في اليمن، والنجاح الذي تحقق حتى الآن في تحرير مدن وضرب معاقل الحوثيين القوية ووقف مخطط إيران للهيمنة والسيطرة على اليمن وتحويله إلى عراق وسوريا جديدة، شجع الدول العربية والإسلامية على الانخراط في مثل هذا التحالف الجديد. وأطلقت السعودية في مارس الماضى «عاصفة الحزم» ضد تحالف الحوثيين وعلى صالح في اليمن بداية لتصدى دول المنطقة بنفسها للأخطار التي تواجهها، ومنها تمدد مشروع الهيمنة الإيرانى إلى اليمن، بعد أن اجتاح كلا من العراق وسوريا ولبنان.
ويبدو أن رسالة تشكيل التحالف الإسلامى لها بعد إقليمى بالدرجة الأولى، بعد أن لمست دول المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية مدى الخطر الذي يشكله مشروع الهيمنة الإيرانى، الذي راح بعض ساسته يتفاخرون، بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء، بسيطرتهم على أربع عواصم عربية.
التصدى للمشروع الإيرانى
ولا يمكن لعين أن تخطئ أن إيران تمثل هدفا رئيسيا لهذا التحالف، لأن تهديدها على دول الخليج لا يقل كثيرا عن تهديد التنظيمات الإرهابية، لذلك جرى استبعاد طهران وحلفائها في العراق وسوريا من هذا التحالف.
ويبدو أن رسالة تشكيل التحالف الإسلامى لها بعد إقليمى بالدرجة الأولى، بعد أن لمست دول المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية مدى الخطر الذي يشكله مشروع الهيمنة الإيرانى، الذي راح بعض ساسته يتفاخرون، بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء، بسيطرتهم على أربع عواصم عربية. والواقع أنه مشروع قومى أيديولوجى، يتخذ أشكالا مختلفة في المنطقة، ويقف وراءه عقل سياسي إيرانى متشدد، يزاوج ما بين الدينى والقومى، أي ما بين العقيدة المؤولة مذهبيا، وفق فهم رجال الدين الإيرانيين، وبين الطموح القومى الضارب في عمق الأيديولوجيا والتاريخ الغابر، الأمر الذي يجعل منه مشروعا جامعا ما بين السعى إلى الهيمنة وإلى التغيير الديمغرافى، وهادفا إلى تحقيقهما بمختلف الوسائل، المشروعة وغير المشروعة.
وإن كان الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة على دول الخليج ليس بسيطا، لكنه لا يضاهى مستوى التهديد العسكري المباشر الذي يشكله الحوثيون في اليمن، بعد أن انخرطوا في تنفيذ أجندة المشروع الإيرانى.
تركيا وحزب الله صد التحالف 
ورغم الترحيب الكبير بهذا التحالف من دول وأطراف إقليمية ودولية، واعتبروه فكرة إيجابية يمكن البناء عليها فيما بعد لتحقيق أهدافه على أرض الواقع، إلا أن هذا الإعلان أثار استياء ورفضًا لدى البعض لاعتبارات سياسية وطائفية.
فمثلا في لبنان، إحدى الدول العربية المعلنة بين التحالف، خرج حزب الله اللبنانى الموالى لإيران، ليعلن رفضه لهذا التحالف ومشاركة لبنان فيه، ويؤكد أنه يمثل انتهاكا للسيادة اللبنانية، وادعى أن الحكومة لم توافق رسميا على الانضمام للتحالف.
وأكدت الخارجية التركية عدم نية أنقرة تشكيل قوة عسكرية في إطار التحالف الإسلامى الجديد، مكتفية بكلمات دبلوماسية رنانة حول ضرورة التعاون الاستخباراتى في تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب بالمنطقة.
وقالت إندونيسيا، إنها لن تقدم دعما عسكريا للتحالف العسكري الإسلامى بقيادة السعودية. 
وكشفت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرصودى، أن نظيرها السعودى عادل الجبير، تحدث معها في عدة مناسبات حول تلك المبادرة «لكن الرياض لم توضح بعد كيف ستمضى في هذا العمل»، حسبما نقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن صحيفة «كومباس» الإندونيسية.
وفى سياق متصل، أعلن وزير الدفاع الماليزى هشام الدين حسين، بصحيفة «ستار» الماليزية، أن بلاده لن تشارك في التحالف عسكريا، لكنها تتضامن معه ضد التطرف.