الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لحية وجلباب الإسلام السياسي في الكاريكاتور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نوقشت تحت إشرافى بكلية الإعلام جامعة القاهرة رسالة دكتوراه مهمة لتلميذتى إنجى محمد سامى عن «أنماط تقديم الإسلام السياسى فى الكاريكاتور»، والتى تناولت فيها الفترة من بداية العام ٢٠١٢ حتى قيام الشعب المصرى بعزل مرسى فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ومن بين مدارس الكاريكاتور السياسى التى ركزت عليها الباحثة مدرسة «أخبار اليوم».
وبدأ الراحل مصطفى حسين وكذلك الفنان عمرو فهمى رسوماتهما الكاريكاتورية مع بداية حكم مرسى متوسّميْن خيرًا فى الرئيس الجديد بعيدًا عن حكم الإخوان، ورسم الراحل مصطفى حسين كاريكاتورًا بمناسبة فوزه فى الانتخابات الرئاسية عندما احتفل مرسى فى التحرير مع الثوار وأعلن فرحه فى كاريكاتور آخر بفوزه على شفيق الذى اعتبره من الفلول، وعارض دولة الإمارات الشقيقة عندما اعترضت على فوز الإخوان ورد مصطفى حسين فى كاريكاتور له أن مرسى هو رئيس لكل المصريين بعيدًا عن حكم الإخوان وهو يمثل الثوار وليس جماعة الإخوان، ومن هنا نجد أن الراحل المتحرر دائمًا مصطفى حسين افترض حسن النية فى مرسى واحتفل بفوزه مع الثوار وتوسم فيه خيرًا، وقد يقال هنا إن جريدة «الأخبار» هى جريدة قومية تحدد سياستها التحريرية وفقا للنظام الحاكم، وقد يكون هذا الكلام صحيحًا، ولكن بالنسبة للراحل مصطفى حسين والراحل أحمد رجب فهما معروفان بنزاهتهما واستلهام أفكارهما من مشاكل الفقراء بعيدًا عن أى نظام حاكم، لذا فعندما بارك مصطفى حسين فوز مرسى فإن هذا معناه أنه يفترض فيه حسن النية ويتوسم فيه خيرًا بعيدًا عن أى مجاملات تخص النظام الحاكم، فهو معروف بنزاهته وشفافيته واهتمامه فقط بمشاكل الفقراء.
ومع مرور الأيام وقيام مرسى بممارسة المهام الرئاسية اتضحت الصورة أكثر لمصطفى حسين وكذلك عمرو فهمى فبدأ الراحل مصطفى حسين بتغيير النغمة الكاريكاتورية التى كان يتبناها، ولكنه أيضًا لم يبدأ بالهجوم، ولكن فقط بدأ يوضح من خلال رسوماته أن الطريق قد أصبح مجهولاً، فرسم كاريكاتورًا لمواطن مصرى يبكى ويغنى «يا وابور قولى رايح على فين» ليوضح أن المواطن أصبح تائهًا لا يستطيع أن يرى طريقه وإن ما توسمه مع حكم مرسى من استقرار ورخاء اقتصادى لم يتحقق، ومع تقاعس مجلس الوزراء بقيادة هشام قنديل فى القيام بالمهام المنوطة بهم رسم مصطفى حسين كاريكاتورًا آخر يوضح فيه أن مجلس الوزراء يحتاج مقويات، ومع استمرار مرسى فى حكمه والحكومة التى شكلها استقر الراحل مصطفى حسين والفنان عمرو فهمى على معارضة النظام، وإن كان الراحل مصطفى حسين قد قام بذلك بعنف وحدة أكبر من عمرو فهمى، إلا أننا فى النهاية نجد أن فن الكاريكاتور هو فن يفرض حيادته على أى نظام تحريرى وأى سياسة قائمة ويتميز بالاستقلالية بعيدًا عن الجريدة التى تحدد سياستها وفقًا للنظام القائم.
وبناء على ما سبق نجد الراحل مصطفى حسين يبدأ هجومه على مرسى وجماعته وجماعات الإسلام السياسى برسمه له يرسم فيها نفسه وهو يقوم برسم سيدة ترتدى الملابس السوداء ويكتب عليها «مصر» ويقول أيوه راسمها لابسة أسود حزينة على اللى بيجرى لنا، ليوضح الحال التى وصلت له مصر على يد تلك الجماعة برئاسة مرسى، ثم يرسم رسمة أخرى لشخص مريض متهالك لا يستطيع الوقوف يصوره على أنه الاقتصاد المصرى ويكتب عبارة «الرئيس يطلب الاطمئنان على الاقتصاد المصري» ليوضح وضع الاقتصاد المصرى فى عصره، فهو اقتصاد متهالك ضعيف لا يقدر على الصمود، ويستقر عمرو فهمى أيضًا على فكرة ضياع مصر فيرسم كاريكاتورًا يوضح أنها تاهت وعلى من يجدها أن يتصل بالثوار الأحرار، ومع التعنت وعدم المرونة التى يعانى منها من ينتمى إلى هذه الجماعات ينتقد مصطفى حسين الوضع ويرسم كاريكاتورا له بعنوان «دعوة جديدة للتحاور» ويرسم شخصًا يحاول أن يتحاور مع شخص آخر ينتمى إلى تلك الجماعات ليقول له ثالث «تحاوره إزاى ده مخه عضم ونافوخه تيفال ما يلزقش فيه حاجة» ليوضح أن التحاور مع مثل هؤلاء يكاد يكون مستحيلاً.
ونجد أن عمرو فهمى يرسم من الرسومات ما ينتقد به الحكومة وتقصيرها فى حق الشعب أكثر مما ينتقد مرسى، وهى الفكرة التى يؤكد عليها مصطفى حسين عندما يرسم هشام قنديل وهو مفلس ليوضح أنها حكومة تعانى من الإفلاس، وعلى عكس عمرو فهمى يقوم مصطفى حسين بانتقاد مرسى شخصيًا وانتقاد رجوعه فى قراراته وعدم التزامه بكلمته حتى إنه هو نفسه ينسى ما يقول ويستند على عبارة «جل من لا يسهو» ونجد أن رسومات مصطفى حسين تتمتع بقدر من الحرية هو أكبر نسبيًا من رسومات عمرو فهمى، كما تتفق رسومات مصطفى حسين مع رسومات عمرو فهمى فى إظهار إرهاب الجماعات المتأسلمة وقيامها بإهدار دم من يخالفها وهو ما يخالف الإسلام كليًا وجزئيًا، ونجد أن فكرة السخرية غالبة فى كل رسومات مصطفى حسين ورسومات عمرو فهمى وهى السخرية من الأفكار السلفية المتطرفة وكذلك من الهيئة التى اختاروها لأنفسهم وهى الهيئة التى أظهرتها الرسومات تناسب القرون الوسطى ولا تناسب ما يعيشه العالم من تطور، كما أوضحت الرسومات الكاريكاتورية غياب فكرة الديمقراطية وأظهرتها أملاً كاذبًا كانت تريد مصر تحقيقه من خلال ثورة ٢٥ يناير، ولكن كانت النتيجة ديكتاتورية بشكل أوسع من الشكل السابق.
وكعادة معظم العقلاء فى الإعلام جاءت الرسومات التى توضح أن الأمل الأخير فى الجيش فهو المؤسسة الوحيدة التى تستطيع إنقاذ مصر من المصير الذى تواجهه على يد الإخوان، فأوضحت الرسومات أن الجيش بجنوده يقف دائمًا لحماية الوطن ليس فقط من أى عدوان خارجى وإنما أيضًا من أى عدوان داخلى وأن اللـه ألف بين قلوب الشعب والجيش ولا يستطيع أحد تفرقتهم، كما جاءت الرسومات التى توضح أن شرعية مرسى هى شرعية مستمدة من تأييد الشعب المصرى له، فإذا سحب الشعب تأييده، غابت تلك الشرعية الوهمية التى يتمسك بها، فالشعب هو من أعطى مرسى شرعية وهو من يستطيع أن يسحبها منه فى الوقت الذى يريده إذا نقض عهده الذى التزم به أمام الشعب المصرى.
إن السخرية وفى القلب منها الكاريكاتور سلاحٌ جبار استطاع الفنانون المصريون استخدامه فى الحرب ضد الإسلام السياسى بشكلٍ عام وجماعة الإخوان بشكلٍ خاص، لتنتصر فى النهاية إرادة الشعب المصرى فى التخلص من حكم الإخوان.