الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

المسجد الأقصى فـــيـن؟

على هامش المعركة بين يوسف زيدان و"الأزهر"

المسجد الأقصى
المسجد الأقصى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أديب «عزازيل»: مُصلّى صغير فى شبه الجزيرة العربية كان يمر به الرسول كلما خرج إلى الطائف ولا علاقة له بالموجود حاليًا فى القدس
تاريخيًا: «الأقصي» بُنى فى عهد عبدالملك بن مروان الخليفة الأموى بعد الهجرة بـ72 عامًا

هذا المسجد يوجد فى المكان الذى أحرم منه رسول الإسلام، وقد اعتمر منه بعد غزوة الطائف وبعد عودته منتصرًا على ثقيف وحليفتها هوازن فى وادى حنين فى السنة الثامنة من الهجرة
قال الدكتور يوسف زيدان، فى حوار له مع الإعلامى عمرو أديب، عبر برنامجه «القاهرة اليوم»، إن القدس كلمة «عبرانية»، وإنه لا وجود للمسجد الأقصى فى مكانه القائم الآن، مما أثار حفيظة الأزهر والسلفيين معًا، واتهموا يوسف زيدان بالخروج عن الملة والفسق.
ونقدم هنا حقيقة وجود المسجد الأقصى، فليس دخولا فى معركة مع أحد أو وقوفًا بجانب أحد، وإنما لإثبات حقيقة علمية توصلنا إليها عبر ما تركه أسلافنا من كتب التراث، حيث يذكر التاريخ الإسلامى فى أكثر من موضع أن المسجد الأقصى بنى ٧٢ هجرية وبناه الخليفة عبدالملك بن مروان، ولم يكن موجودًا فى حياة محمد (ص)، وأن كتب التراث الإسلامى تذكر وتؤكد أن المسجد الأقصى الذى ذكره محمد (ص) موجود فى الجعرانة بالحجاز وليس فى القدس/ أورشليم.
فالمسجد الأقصى المذكور فى القرآن هو مسجد صغير يقع فى شبه الجزيرة العربية، وتحديدا فى الطريق بين مكة والطائف، وقد اعتاد محمد (ص) كلما خرج إلى الطائف التى تبعد مسيرة يومين عن مكة أن يقضى ليلته فى قرية الجعرانة، ويصلى فى أحد مسجدين بهذه القرية، الأول هو المسجد الأدنى، والثانى هو المسجد الأقصى، وقد فهم الصحابة الذين عاشوا فى عصر النبى محمد هذا المعنى الجغرافى الوارد فى الآية الأولى من سورة الإسراء، وأن واقعة الإسراء والمعراج حدثت فى المسجد الأقصى بالجعرانة، لكن الفقهاء المتأخرين، وخاصة فى عصر الأسرة الأموية، عندما أرادوا صرف المسلمين عن الحج لمكة بعد أن دمروها، ادعوا أن المسجد الأقصى المذكور فى القرآن يقع فى مدينة القدس، وجعلوا من القدس ثالث الحرمين الشريفين بعد مكة والمدينة.
ويقع مسجد الجعرانة على مقربة من بئر عذبة المياه، فى الجهة الشمالية الشرقية لمكة المكرمة، ويبعد المسجد عن الحرم حوالى ٢٥ كيلو تقريبا. فى وادى جعرانة على أرض منبسطة المُتَّخَذ على الأكمة فى الجعرانة وقرية صغيرة فى صدر وادى سرف الذى تحيط به بعض الجبال، تربط جعرانة اليوم بمكة المكرمة شبكة طرق رئيسية حيث يعتمر منه أهل مكة وتربطها بمكة طريق السيل- مكة.
وهذا المسجد يوجد فى المكان الذى أحرم منه رسول الإسلام، وقد اعتمر منه بعد غزوة الطائف وبعد عودته منتصرًا على ثقيف وحليفتها هوازن فى وادى حنين فى السنة الثامنة من الهجرة، قسم الرسول (ص) الغنائم التى اغتنموها من هوازن فى غزوة حنين عام الفتح، وقد أقام بها الرسول صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة لم يقسم الغنائم منتظرا قدوم هوازن تائبين، ولما وزعها جاء وفد هوازن تائبًا وهو بالجعرانة فسألوه أن يرد إليهم سبيهم وأموالهم فقال لهم اختاروا إما السبى وإما المال فاختاروا السبي.
ويقع مسجد الجعرانة وراء الوادى بالعدوة القصوى، وقد رمم ووسع عدة مرات آخرها فى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، حيث أعيد بناء مسجد ميقات الجعرانة على مساحة مقدارها (٩٧٤) مترًا مربعًا ليتسع لنحو (٦٠٠) مصلٍ.
الحقيقة فى كتب التراث
١- كتاب المغازى للواقدى إذ يقول فيه :
وَانْتَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْجِعِرّانَةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ فَأَقَامَ بِالْجِعِرّانَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَلَمّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ إلَى الْمَدِينَةِ خَرَجَ مِنْ الْجِعِرّانَةِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ ذِى الْقَعْدَةِ لَيْلًا؛ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الّذِى تَحْتَ الْوَادِى بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى، وَكَانَ مُصَلّى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا كَانَ بِالْجِعِرّانَةِ، فَأَمّا هَذَا الْمَسْجِدُ الْأَدْنَى، فَبَنَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَاِتّخَذَ ذَلِكَ الْحَائِطَ عِنْدَهُ.
٢- كتاب «بحوث فى الفقه المعاصر»، الجزء الثانى، إذ جاء فيه:
الجعرانة هى موضع بين مكّة والطائف من الحِلِّ، بينها وبين مكّة ثمانية عشر ميلا على ما ذكره الباجي، وتقع شمال شرقى مكة المكرمة، وفيها علما الحدّ، ومنها أحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعمرته الثالثة على ما نصت عليه الروايات، وفيها مسجده الذى صلّى فيه وأحرم منه عند مرجعه من الطائف بعد فتح مكة، ويقع هذا المسجد وراء الوادى بالعدوة القصوى ويعرف بالمسجد الأقصى لوجود مسجد آخر بُنى من قبل أحد المحسنين يعرف بالمسجد الأدنى.
٣- جاء فى حواشى الشروانى على تحفة المحتاج بشرح المنهاج ج ٤ ص ٥٠:
«اعتمر منها، أى من الجعرانة، قال الواقدى إنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها من المسجد الأقصى الذى تحت الوادى بالعدوة القصوى، فى ليلة الأربعاء لاثنتى عشرة بقيت من ذى القعدة.. وقوله [ثم أصبح] أى ثم عاد بعد الاعتمار إلى الجعرانة فأصبح فيها فكأنه بات فيها ولم يخرج منها».
جاء فى كتاب أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار للأزرقى ج ٢ ص ٢٠٧:
قال محمد بن طارق: «اتفقت أنا ومجاهد بالجعرانة فأخبرنى أن المسجد الأقصى الذى من وراء الوادى بالعدوة القصوى مصلى النبى كان بالجعرانة، أما هذا المسجد الأدنى فإنما بناه رجل من قريش».
٤- جاء فى مسند أبى يعلى ج ١٢ ص ٣٥٩، عن أم سلمة، أنها سمعت رسول الله يقول من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة».
وهنا نرى ارتباطا فى الحج والعمرة بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام، وهذا لا يتحقق إلا إن كان محمد (ص) يحكى عن المسجد الحرام الذى بمكة والمسجد الأقصى الذى بالجعرانة.
سر الجعرانة
ضبطها «بكسر الجيم وإسكان العين المهملة وتشديد الراء المهملة المفتوحة» كما عن الجمهرة. وعن الأصمعى والشافعى: «بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء. قيل العراقيون يثقلونه والحجازيون يخففونه»، وحكى عن ابن إدريس: بفتح الجيم وكسر العين وتشديد الراء أيضًا، فالراء فيها تخفف وتشدّد لاستعمالين موثقين.
وهى موضع بين مكّة والطائف من الحِلِّ، بينها وبين مكّة ثمانية عشر ميلا على ما ذكره الباجى، وتقع شمال شرقى مكة المكرمة، وفيها علما الحدّ، ومنها أحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعمرته الثالثة على ما نصت عليه الروايات، وفيها مسجده الذى صلّى فيه وأحرم منه، عند مرجعه من الطائف بعد فتح مكة، ويقع هذا المسجد وراء الوادى بالعدوة القصوى ويعرف بالمسجد الأقصى لذلك، ولوجود مسجد آخر بُنى من قبل أحد المحسنين يعرف بالمسجد الأدنى. وبالقرب من مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بئر واسعة عذب ماؤها. وهى اليوم قرية صغيرة تبعد عن مكة فى الشمال الشرقى لها بحوالى أربعة وعشرين كيلو مترًا، وفيها المسجد الذى أقامته الحكومة السعودية محرمًا، شرقى أرض المسجد القديم دونما فصل بينهما..١٦.
ولكن مؤلف معجم معالم الحجاز ذكر عن الجعرانة: «ومن قال: إنها (الجعرانة) بين مكة والطائف فقد أخطأ، فهى شمال مكة، مع ميل إلى الشرق ولا لزوم فى ذكر الطائف فى تحديدها أبدًا، إذ هى لا تبعد عن مكة بأزيد من (٢٩) كيلو مترًا»١٧.
كما ذكر مؤلف مختصر معجم معالم مكّة التاريخية أن «جبل الستار يقع قُرب الجعرانة من الجنوب، وهو الجبل الذى يُشرف على علمى طريق نجد من الشمال، والذاهب من مكة إلى نخلة يجعل الستار على يساره عن قرب، والجعرانة اليوم قرية صغيرة فى صدر وادى سَرِف» ١٨.
أيكفى هذا برهانًا عن موقع المسجد الأقصى الحقيقى وأنه قرب مكة وليس فى القدس؟.