الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هدر الإمكانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هى واحدة من فلتات الزمان، أن يمسك باحث رفيع المستوى فى اللحظة، ويكتب عنها، بالفعل هى هدر الإمكانية، ونحن محلك سر.
كم نحن قادرون على الهدم مع أن الأسطورة التى صاحبتنا أننا أصحاب بناء، وعليه كانت الأهرامات، والمعابد والكنائس والمساجد، لكننا أيضا نهدم فى لحظة كل ماحققه الآباء والأجداد وتقريبا الأحفاد.
من هنا تأتى أهمية كتابات الاستاذ الدكتور نادر فرجانى، وأهمها هدر الإمكانية: بحث فى مدى تقدم الشعب العربى نحو غاياته.
وتهدف هذه الدراسة إلى مناقشة ما تنطوى عليه بعض الاتجاهات التاريخية الحديثة، والواقع الاجتماعى الاقتصادى السياسى الراهن فى الوطن العربى، من مكامن للخطر على مستقبل الشعب العربى، وعلى هذا تبحث هذه الدراسة فى تاريخ الوطن العربى: ماضيه وحاضره ومستقبله، وهى محاولة يهدف من ورائها الكاتب إلى تبيان انعكاسات الماضى والحاضر على مستقبل الوطن العربى فى دراسة تاريخية تحليلية تسعى إلى توثيق وتمحيص الاتجاهات التاريخية، وتطل كذلك على أبعاد المستقبل. تقوم هذه الدراسة على أن هناك غايات نهائية للشعب العربى، وأنه يمتلك إمكانات، بعضها ثابت والبعض الآخر متغير، يمكن إذا أحسن استغلالها، أن تؤدى إلى الوصول لهذه الغايات. وهذه هى محاور بنيان العمل العربى المشترك، قطريًا كان أو قوميًا، فمحاور العمل إذًا تحدد مدى تحقق الغايات، ولكن الغايات فى الوقت نفسه، هى معايير لتقييم مدى تقدم العمل العربى صوب الغايات. هذا التشابك المفهومى هو الإطار الذى تنطلق منه هذه الدراسة من خلال اعتمادها خمسة أسس هى: إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد فى الوطن العربى، المساواة فى التمتع بالرفاهية المادية والمعنوية، التحرر من التبعية للدول المصنعة اقتصاديًا، الاستقرار الداخلى للبلدان العربية، الأمن الجماعى لبلدان الوطن العربى. وفى هذا العمل لم يدرس المؤلف كل قطر عربى على حدة، وإنما أخذ البلدان العربية ككل وحدة للدراسة، أو على الأقل تجمعات من بعض البلدان العربية التى فيها خصائص مشتركة خاصة، كذلك اعتمدت الدراسة على تتبع تطور الأنماط التاريخية فى فترة العقدين أو العقود الثلاثة الماضية. ما يريد أن يقوله المؤلف هو «أن الإمكانية العربية محدودة، وأن عمادها الأساسى هو البشر، وأن هذه الإمكانية تهدر، وأن استمرار إهدارها ينطوى على مخاطر مستقبلية جسيمة».
هكذا هى المسألة، ذاك السؤال المحير، للسيد هاملت فى رائعة شكسبير.
نادر فرجانى المولود عام ١٩٤٤ م. رئيس فريق تحرير تقرير التنمية العربى الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ورئيس مركز المشكاة. حصل على البكالوريوس فى الإحصاء التطبيقى من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وعلى درجة الدكتوراه من جامعة نورث كارولينا بالولايات المتحدة.
طرح السؤال ومازالت الإجابة غائبة.
من ناحية أخرى، استمد نجاح الحضارة المصرية القديمة من القدرة على التكيف مع ظروف وادى نهر النيل حيث توافرت كل مقومات الزراعة من تربة خصبة ومياه ومناخ. وساعد التنبؤ بالفيضانات والسيطرة على أضرارها فى إنتاج محاصيل زراعية وافرة أسهمت فى التنمية الاجتماعية والثقافية. وقامت السلطات ومع توافر المواد اللازمة باستغلال المعادن الموجودة فى منطقة الوادى والمناطق الصحراوية المحيطة به، وقامت بوضع نظام كتابة مستقل، ونظمت البناء الجماعى والمشاريع الزراعية، بالإضافة للتجارة مع المناطق المحيطة به، وتعزيز القوى العسكرية للدفاع العسكرى ضد الأعداء فى الخارج وتأكيد الهيمنة الفرعونية على البلاد. وقد كان تنظيم تلك الأنشطة وتحفيزها يتم من خلال نخبة من البيروقراطيين والزعماء الدينيين والإداريين تحت سيطرة الفرعون الذى حرص على التعاون والوحدة للمصريين فى سياق نظام محكم للمعتقدات الدينية.
تضمنت إنجازات قدماء المصريين استغلال المحاجر، المسح وتقنيات البناء التى سهلت بناء الأهرامات الضخمة والمعابد والمسلات، بالإضافة لنظام رياضيات عملى وفعال فى الطب. وأنظمة للرى وتقنيات الإنتاج الزراعى، وأول ما عرف من السفن، والقيشانى المصرى وتكنولوجيا الرسم على الزجاج، وأشكال جديدة من الأدب، وأول معاهدة سلام معروفة. تركت مصر القديمة إرثا دائما. ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاق واسع فى العالم، ونقلت آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم. وألهمت الأطلال والبقايا خيال المسافرين والكتاب لعدة قرون، وأدت اكتشافات فى مطلع العصر الحديث عن آثار وحفريات مصرية إلى أبحاث علمية للحضارة المصرية تجلت فى علم أطلق عليه علم المصريات.
فى أواخر العصر الحجرى القديم، تحول المناخ فى شمال إفريقيا تدريجيًا إلى الحرارة والجفاف، مجبرًا سكان المنطقة على التركيز على طول وادى النيل، ومنذ أن بدأ الإنسان البدائى العيش فى المنطقة فى أواخر العصر الجليدى منذ ١٢٠ ألف سنة، أصبح نهر النيل شريان الحياة فى مصر.
الخصوبة المصحوبة مع فيضان النيل أعطت السكان الفرصة لتطوير الاقتصاد الزراعى وتدعيم استقرار مجتمع مركزى أصبح كما يرى البعض حجر الزاوية فى تاريخ الحضارة الإنسانية. 
من ناحية ثالثة، قال مصطفى الصاوى، المخترع المصرى المعروف صاحب ابتكار السد الذكى، والذى حصل على المركز الأول فى الأمم المتحدة كأفضل مخترع على مستوى العالم لعام ٢٠١٤، وحصل مؤخرا على الميدالية الذهبية باسم الإمارات فى إحدى المسابقات العالمية، إن حصوله على الجنسية الإماراتية ورفعه علم الإمارات وتمثيله لها بالمحافل الدولية وتطبيق ابتكاراته بها ليس خيانة عظمى كما يتهمه البعض. وأضاف المخترع الصغير فى تصريحات صحفية، من الإمارات، أن الدولة العربية الشقيقة طلبته للالتحاق بالمدارس المتفوقة لديها، نظرا لتفوقه وابتكاراته وألحقته بمدرسة دبى للتربية الحديثة للمتفوقين، وحصل على الجنسية كى يمثل الدولة فى المعرض الدولى الثامن للاختراعات على مستوى العالم، وحصل على المركز الأول والميدالية الذهبية فى المعرض، واستقبله فى الإمارات عدد من المسئولين المعنيين بالمتفوقين، ومن شرطة دبى ومواطنين عاديين بالهدايا والورود. وأكد المخترع الصغير أن هذا الاستقبال لم يلقه فى مصر على الرغم من حصوله على العديد من الجوائز قائلا: «مثلت مصر فى العديد من المحافل، وحصلت على ميداليات كثيرة وأمى كانت تستقبلنى وحدها». وتابع: «أقول لمن اتهمنى بالخيانة لو لقيتوا فرصة تسافروا السودان هتسافروا ليها وأنا رفعت علم الإمارات عن اقتناع وقبول داخلى ولو كنت لقيت الدعم فى مصر مكنتش سافرت بس للأسف ملقتوش، الإمارات ادتنى كل حاجة ومصر مدتنيش أى حاجة بس فى الآخر بلد مسلمة عربية وأنا انتمائى لبلدى الأم مصر وأقول للى بيبعتولى رسائل تتهمنى بالخيانة العظمى: كفاية».
ومازال السؤال دون إجابة، كيف يهدر المصريون الإمكانية؟