رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مهرجان في بيتي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ مهرجان القاهرة السينمائى الدولى هو مهرجانى الوحيد والمفضل، ارتبطت به منذ عام ١٩٩٧ عندما شاركت بالعمل به وأنا ما زلت طالبة فى كلية الإعلام.. وكنت أقوم مع زملاء آخرين بترجمة المادة الإعلامية التى ترسلها الشركات المنتجة للأفلام التى تشترك بالمهرجان وتتضمن معلومات عن قصة الفيلم وأحداثه ومشاركاته فى المهرجانات الدولية وأسماء طاقمه الفنى.. هذه الدورة التى شاركت بها كانت الدورة الأخيرة التى رأسها الكاتب الكبير سعد الدين وهبة.. وأذكر أنى التقيت به مرة وحيدة عندما اصطحبنى الصديق «الأمير أباظة» - وكان وقتها مدير المركز الصحفى - لمكتبه فى مقر المهرجان والذى كان فى الأساس مقر اتحاد السينمائيين العربى «١٧ ش قصر النيل»، وقدمنى «أمير» للأستاذ.. فسألنى: بتعرفى تترجمي؟ كنت أقف أمام عملاق، ورجل تاريخى، قرأت له مسرحياته العظيمة «سكة السلامة، السبنسة، كوبرى الناموس» فلم أكن أتخيل أن أرد عليه، فهززت رأسى فقط، فابتسم لى وقال: ماشى خلوها تترجم.
■ عملت فى التحضير للمهرجان قرابة الشهر وعندما اشتد المرض على الراحل سعد الدين وهبة، كثر تواجد الفنانة سميحة أيوب بالمقر وكانت تشرف مع مديرة المهرجان السيدة سهير عبدالقادر على كثير من التفاصيل، وكنت أقدر فيها قدرتها على الفصل بين المشاعر الشخصية وحزنها على مرض ثم وفاة زوجها يوم ١١ نوفمبر عام ١٩٩٧ قبل حفل الافتتاح بأيام معدودة ومشاركتها الأدبية ورغبتها فى نجاح ما بدأه زوجها من تفعيل لمهرجان القاهرة السينمائى ووضعه على خريطة المهرجانات العالمية.. وهو ما نجح فيه الراحل العظيم، فاستطاع فى فترة قليلة أن يجعل للمهرجان مكانة مرموقة بين مهرجانات العالم أجمع، جعلته من أهم ثلاثة مهرجانات للعواصم، فجاء فى المركز الثانى بعد مهرجان لندن السينمائى، بينما جاء مهرجان ستوكهولم فى المركز الثالث، وقد استمر سعد الدين فى رئاسة المهرجان لفترة امتدت إلى ١٣ عامًا منذ ١٩٨٤ حتى ١٩٩٧.
■ ومنذ تأسيس المهرجان عام ١٩٧٦ على يد المبدع كمال الملاخ وهو دائم التنقل من سينمات وسط البلد، إلى فنادق القاهرة الكبرى، إلى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، واستقر منذ عدة سنوات فى دار الأوبرا المصرية..وهو المكان الأنسب فى تصورى لعروض المهرجان.. ورغم أهمية المهرجان فى الترويج لمصر فنيا وثقافيا إلا أنه يعانى دائما من العقبات المالية التى تجعل ميزانيته الأضعف بين المهرجانات الدولية فلا يستطيع استضافة كبار النجوم العالميين الحاليين، ويكتفى بدعوة النجوم التاريخيين وأساطير السينما العالمية الذين لم يعد لهم من تأثير أو فاعلية فى صناعة السينما اليوم.. ورغم ذلك فلا يمكن لى أن أنكر نجاح المهرجان وقيامه بدوره الفاعل بفضل جهود القائمين عليه والمحبين لفن السينما.
■ فى أقل من عقد كان لمهرجان القاهرة السينمائى صيت وسمعة فى أوساط رواد السينما فى مصر، وكان هذا قبل أن تنفجر تعبير السينما النظيفة فيتم تصنيف الأفلام بناء على المسحوق الذى يغسل أكثر بياضا وليس بناء على القيمة الفنية للفيلم.. وقبل أن تنفجر ظاهرة السبكية واللمبى والقطر والديزل والبلدوزر.. وكان هناك تعبير شهير.. الفيلم ده قصة ولا مناظر، وأتذكر أن عرض فيلم «غريزة أساسية» لشارون ستون جعل من المهرجان قبلة ومولد هواة المناظر.. فى هذه الأثناء لم تكن التكنولوجيا تتيح لهواة المشاهدة العارية تلك المشاهد.. ولست أدرى متى تحول مهرجان القاهرة السينمائى ككل شأن ثقافى فى مصر إلى عمل نخبوى.. رغم المحاولة.. لماذا يبدو المصريون الذين يملأون سينمات وسط البلد فى الأعياد بعيدين تماما عن المهرجان رغم محاولة إدارة المهرجان تسهيل حضور المهرجان سواء من خلال كارنيهات الطلبة أو من خلال التذاكر التى لا تتجاوز عشرة جنيهات للعرض.. لكن المصريين يخشون دار الأوبرا.. تبدو الأوبرا لهم كعالم بعيد.. لم تنتشر الثقافة السينمائية، ما زالت السينما لدينا ترفيها.. رقصة، أغنية استعراض وأفلام المهرجان أفلام تهتم بالأبعاد الإنسانية ككل المهرجانات.
■ أحسنت إدارة المهرجان صنعا أن خصصت قسما لأفلام التحريك فى السينما اليابانية من خلال إلقاء الضوء على إنتاج استوديو جيبلى اليابانى، أحد أشهر وأهم مراكز إنتاج أفلام التحريك فى العالم خلال العقود الثلاثة الماضية، وقد تأسس الاستوديو عام ١٩٨٥ على يد أعظم منتجى الرسوم المتحركة فى اليابان هاياو ميازاكى، تلقى أفلام استوديو جيبلى احتراما كبيرا سواء من البالغين أو الأطفال على حد سواء، من خلال عرض سبعة أفلام هى: «مهب الريح ٢٠١٣، الأميرة كاجويا ٢٠١٣، أرواح بعيدة ٢٠٠١، الخنزير القرمزى ١٩٩٢، خدمة كيكى للتوصيل ١٩٨٩، جارى توتورو ١٩٨٨، نوسيكا أميرة وادى الرياح ١٩٨٤»، وكان يمكن التنسيق بين إدارة المهرجان ووزارة التربية والتعليم كى توجه الدعوات لأطفال المدارس لحضور هذه العروض.
وبذلك يكسب المهرجان جمهورا ويساهم فى نشر الثقافة السينمائية والوعى بأهمية الفن السابع.
■ وعلى عكس الرواج الشائع للأفلام الأمريكية فى دور العرض التجارية، تنسحب السينما الأمريكية فى مهرجان القاهرة السينمائى أمام سيطرة السينما الأوروبية بما يمثل إطلالة ونافذة حقيقية لعشاق السينما على السينما الأوروبية والأسيوية والعربية.. وفى السينما الأوروبية تشاهد بشرا قريبى الشبه منك رغم اختلاف اللغة وتفاجأ بعوالم وأسر تعانى من الفقر، وتناضل كى تتنفس أو تجد لها مكانا تحت شمس لا تظهر أبدا.
■ ورغم طغيان السينما الأوروبية إلا أن السينما الأمريكية لها نكهتها الحليبية التى لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة عندما يكون العرض الأمريكى يحمل بصمة الأسطورة «آل باتشينو».. وفى هذا الفيلم يبدو وكأن ألفريدو جيمس باتشينو الأمريكى المولد والإيطالى الأصل والذى بلغ فى إبريل الماضى الخامسة والسبعين وكأنه يمثل نفسه.. فالعراب الذى اشتهر بأفلام «الأب الروحى» و«الوجه ذو الندبة» و«عطر امرأة» و«محامى الشيطان» تتماس أحداث فيلمه Danny Collins الذى عرضه المهرجان مع حياة النجوم والمشاهير الذين يستغرقهم عالم الشهرة والنجاح فيبدأ مستواهم الفنى فى الثبات ثم التراجع ولا يصبحون قادرين على التجديد وإن حاولوا يرفض جمهورهم أن يخرجوا عن النمط أو القالب الذى تعودوا عليه.. يستسلم الفنان لإغراء النجاح السهل ولكن قد يحدث موقف أو حادث يجعله يعيد حساباته، وهذا ما يحدث لأسطورة الموسيقى Danny Collins التى يجسدها آل باتشينو، ورغم إخفاق النجم فى تغيير حياته لكن محاولته أثمرت علاقة إنسانية بينه وبين ابنه الذى لم يتواصل معه من قبل.. بعد أن هجر الفتاة التى أقام معها علاقة عاطفية قصيرة، وتركها تواجه وابنه مصيرهما بمفردهما، وأوجه التماس بين شخصية الموسيقى Danny Collins والنجم آل باتشينو تتضح فى أن آل باتشينو هو أحد نجوم هوليوود القلائل الذين لم يتزوجوا، رغم أنه ارتبط بالعديد من العلاقات الغرامية، ولديه ثلاثة أبناء: جولى «٢٥ عاما» من علاقته مع الممثلة «جان تارانت»، والتوأم «أتون وأوليفيا، ١٤ عاما» من علاقة مع الممثلة «بيفرلى دانجيلو»، ويتمتع أبناء باتشينو برعايته رغم عدم زواجه من والدتيهم وربما يكون هذا الاهتمام انعكاسا لجرح أصيب به ولم يندمل عندما هجر والده والدته وتركهما فى منهاتن يواجهان مصيرا مجهولا حتى أنه لم يكمل تعليمه وترك الدراسة وهو فى السابعة عشرة، وقد سبق حبسه وهو فى الثالثة عشرة لحيازته سلاحا دون ترخيص.. صحيح أن باتشينو يصرح بأن لأبنائه دورا كبيرا فى تغيير حياته، وأنهم استطاعوا تغيير نظرته للأمور، فقد كان التمثيل كل شيء فى حياته، أما الآن فأصبح جزءا صغيرا فى الحياة، لكن وجود الأولاد لم يجعل النجم الكبير يعرف حياة الاستقرار ودفء الأسرة، وقد يعتقد البعض أن هذا أمر يسير على رجل تقترب ثروته من المائتى مليون دولار.. لكن الحقيقة أن تعدد العلاقات لا يعنى إلا فشل الشخص فى كل العلاقات.. فهذا الأرق والقلق والتوتر والغضب المكتوم واللامبالاة فى أداء آل باتشينو ما هو إلا انعكاس لحياة ألفريدو الإنسان.
■ من شاشة المهرجان
■ بنى، هل خذلتك من قبل؟
■ النساء اللاتى يرضعن أولادهن فى إفريقيا لديهن مشكلة أما أنت فلا.
■ كن وفيا لموسيقاك، لفنك، لنفسك.
■ الربيع يزهر فى ذهنى، لكن أوراق الخريف تتساقط حولى.
■ أنا منهار.. وأريد فقط أن أستعيد كرامتى.
■ المرض هو طلب الروح للنجدة.