الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام والبرلمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يزال بعض وسائل الإعلام مصمما على إفساد فرحة المصريين بالانتخابات البرلمانية التى أنتهت جولتها الأولى منذ أيام، ادعاءات وأكاذيب، افتعال الإثارة، والزج بمعلومات غير صحيحة إلى عقول المشاهدين، برامج «التوك شو»، خلعت رداءها الرصين، وراحت تستضيف الراقصات والكذابين ليفتى كل منهم برؤيته وتحليله.
لم يكن الهدف هو دفع الناس نحو المشاركة، ولم يكن الهدف هو إنارة الطريق أمام الناخبين، أو المساعدة على انتخاب برلمان وطنى يدافع عن ثوابت الدولة ويتبنى مصالح الجماهير فى هذه الفترة التاريخية الخطيرة، وإنما كان الهدف «الإثارة»، وإشعال النيران، وإطلاق الأكاذيب وتأجيج الصراع المجتمعي، وفى النهاية تشويه الاستحقاق الثالث وتصوير الأمر على غير حقيقته.
وأمام هذه الحالة الفوضوية، كان طبيعيًا أن يصاب الكثيرون بالإحباط، وأن يصدق البعض أن البرلمان المقبل هو إعادة إنتاج لبرلمان ٢٠١٠، المزيف والمزور وأن قائمة «فى حب مصر» هى إعادة إنتاج للحزب الوطنى المهيمن والمسيطر على الحياة السياسية فى البلاد لعقود طويلة من الزمن.
كان الاعتقاد السائد أن هذه الحالة ستنعكس على اختيارات الناخبين، غير أن النتائج جاءت على عكس التوقعات، فقد تبين من خلال القراءة الموضوعية للنتائج الأخيرة أن الشارع المصرى لديه من «الوعي» ما يمكنه من «الفرز» الحقيقى والاختيار الصائب فى مواجهة محاولات التزييف والتشويه.
أسقط الناخبون المتاجرين بالدين إلى غير رجعة، وتمكنوا من هزيمة بعض الوجوه «القديمة» التى فقدت رصيدها، وفرقوا بين الغث والسمين، واختاروا على أسس الكفاءة والتواصل والوطنية والانتماء.
إن الأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، لكن المحصلة النهائية تقول: «إن وعى هذا الشعب يسبق نخبته» وهو أمر ليس بجديد على كل الأحوال، والأحداث التى مرت بها مصر فى الفترة السابقة وتحديدًا تلك التى تلت ثورة ٢٥ يناير كانت مثالاً حيًا على ذلك».
إن ذلك يعطى الأمل أيضًا فى إنجاز المهام المستقبلية على الوجه المقبول، فهناك الأغلبية المنتظرة والتى يمكن أن تأتى استجابة للمصلحة الوطنية، فالبرلمان دون أغلبية لن يستطيع تحقيق المهام الموكلة إليه، وكذلك الحال الاتفاق على صيغة مقبولة لتشكيل الحكومة القادمة أو الموافقة على برنامج الحكومة الحالية إذا جاء مقبولاً من الأغلبية البرلمانية المنتظرة.
وبعد مضى أسابيع عديدة، حتمًا سوف يتبدد الكثير من الوساوس التى ساورت البعض، وأظن أن مجلس النواب المقبل بقدر مسئوليته البرلمانية فى هذا الظرف التاريخى الصعب، فحتمًا سيكون صوتًا للجماهير، معبرًا عن آمالها ومشاكلها، قادرًا على أن يكون سندًا قويًا وفاعلاً للدولة ومؤسساتها بما يحقق التطور المنشود وإعادة البناء.
وبالقطع المسئولية هنا، لن تكون مقصورة على البرلمان وأدائه فقط، لكنها ستكون مسئولية الصحافة والإعلام أيضًا، وبقدر التعاون المشترك بتحقيق النجاح، ولكن فقط نحن فى حاجة إلى إعادة ضبط المفردات ورصانة التحليل والكف عن ترديد الشائعات، ساعتها نستطيع أن نبنى سويًا وأن نعيد ما تم هدمه لنخلد أنشودة البقاء والاستمرار فى ظل مؤامرة لا تخفى على أحد تسعى إلى تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد.