الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سلفنة الدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أسابيع معدودات تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية التي طال انتظارها كثيراً والتي يعقد عليها ملايين المصريين الأمل في إنتاج برلمان وطني يعبر عن الإرادة الشعبية الحقيقية للمصريين ويحقق آمالهم في إكمال مؤسسات الدولة وإصدار قوانين مصيرية تخدم الطبقات المهمشة من أبناء الشعب المصري الذي صبر وحلم وآن له أن يجني الثمار بعد طول السنين.
وكلما اقترب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية زادت المخاوف من ولادة "جنين مشوه" لا يعبر عن جموع أبناء الشعب الواحد في حالة سيطرة فصيل معين على أغلبية المقاعد في ظل تصارع العديد من القوى السياسية في حلبة المصارعة الحرة التي باتت مفتوحة على مصراعيها أمام كل الاحتمالات.
وبدون الخوض في تفاصيل فإن أغلب التحذيرات تنحصر في هيمنة التيار السلفي على أغلبية كبيرة تحت قبة البرلمان لأن ذلك بحسب ما يراه المحللون سيجرف البلاد إلى هوة سحيقة لا يعلم مداها أحد .. حيث أننا سنجد أنفسنا في هذه الحالة بصدد "سلفنة الدولة"، على غرار "الأخونة" التي كافح المصريون كثيراً لإجهاضها، مع الوضع في الاعتبار الفارق الكبير الذي يحمل جملة من المخاطر في حال حصول السلفيين على نسبة تمثيل عالية تحت القبة نوجزها في النقاط الآتية:
* تجيز المادة 146 من الدستور للحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية حق تشكيل الحكومة، وهو نص يعنى أن أيا من الأحزاب القائمة على الساحة السياسية حاليا يمكن أن يكون هو من يشكل الحكومة القادمة بعد إجراء الانتخابات النيابية.
وفي ظل وجود أحزاب كرتونية متهالكة يأتي حزب النور السلفي في صدارة المشهد السياسي.. حيث يتحرك بقوة نحو حصد أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان القادم، مما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان رئيس الحكومة القادمة من الحزب السلفي ووزراؤها من أعضائه؟.
* إن التحذير من هيمنة "السلفيين" على البرلمان المقبل ليست من قبيل التجني ولا المبالغة .. فقد شاهدنا جميعاً تلون سياسة الحركة السلفية التي تتخذ من تصدير الدين شعاراً لمباركة جميع تحركاتها وليس أدل على ذلك من شعار "بما لا يخالف شرع الله".. فأثناء دعوة الشباب المصري للتظاهر في ميدان التحرير يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ للمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية تحت شعارات «عيش.. حرية.. وعدالة اجتماعية»، استنكر ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية ورجاله تلك الدعوات واصفا إياها بـ"لعب العيال" واعتبرها حرامًا شرعًا.
وبعد زيادة الغضب وارتفاع سقف المطالب حتى وصلت إلى خلع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حرم السلفيون هذا الأمر مشبهين مبارك بأمير المؤمنين والحاكم المتغلب الذى لا يجوز شرعًا الخروج عليه بأي شكل من الأشكال، وبعد نجاح الثورة سرعان ما تناسى برهامي ورفاقه هذه الفتاوى، وتحول مبارك من أمير مؤمنين إلى حاكم فاسد لا يحكم بما أنزل الله وبسببه انتشر الظلم في البلاد.
ونفس ذات اللعبة مارسها "السلفيون" بكل حلقاتها مع الإخوان بعد وصول الرئيس المعزول محمد مرسي إلى سدة الحكم .. ففي البداية حموه وقدسوه وأحاطوه بهالة من الحماية لدرجة اعتبار الاقتراب منه "خط أحمر" .. وحين اشتدت أمواج الرفض لحكم الإخوان كانوا أول من قذفوهم بحجر.
* إذا كنا قد عانينا في فترة ما من تقرب جماعة الإخوان إلى بطون الفقراء بشراء أصواتهم بالزيت والسكر فإن السلفيين يفعلون أكثر من ذلك حيث يتقرب السلفيون عبر ذراعهم السياسي المتمثل في حزب النور للمواطنين عبر حملات جماهيرية تستهدف المساعدة في حل أزمات المواطنين وتوصيل أصواتهم للأجهزة المختلفة.
وتبنى حزب النور القيام بـ 6 حملات خلال الأسابيع الماضية، وبينها حملة الدروس الخصوصية المخفضة، عبر مراكز يقوم الحزب بإنشائها والاستعانة ببعض المعلمين الذين ينتمون له لإعطاء دروس خصوصية للتلاميذ فى الشهادات التعليمية المختلفة، وتركزت أنشطة الحزب فى هذا الشأن تحديدا فى محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة والقليوبية وبنى سويف والفيوم. كما دشن حزب النور حملة علاج فيروس سى، من خلال الاستعانة باللجنة الصحية للحزب، ونظمت الحملة التى نظمها النور خلال الأسبوعين الماضيين ما يزيد على 10 قوافل تحاليل طبية لمكافحة فيروسىّ «سى وبى» تركزت فى محافظات الصعيد وخاصة قنا والفيوم، كما أعلن الحزب أيضا عن تدشين حملة التبرع بالدم، وتركزت فى محافظات غرب الدلتا، والإسكندرية.
كما أقام حزب النور حملة لتنظيم الأسواق الخيرية، تجوب جميع محافظات الجمهورية ويقوم على الإشراف عليها لجنة التخطيط والمتابعة، فيما يتولى تنفيذها أمناء الحزب فى المحافظات، كما نظم الحزب حملة ضد الإدمان، شملت توزيع بوسترات تتضمن كيفية مواجهة الإدمان، وتركزت هذه الحملات أيضا فى محافظات الصعيد.
كما دشن الحزب خلال الأيام الماضية أيضا حملة لمساعدة وزارة الصحة فى حملات التطعيم ضد مرض شلل الأطفال.
* الشاهد إذا من خلال كل ما سبق أنه لابد من الانتباه جيداً من تحركات السلفيين للتسلل إلى البرلمان المنتظر حتى لا نكون كالذين استبدلوا النار بالرمضاء فلا بد أن تتحرك كل الدوائر لمنع وصول المتاجرين باحتياجات البسطاء والمحتاجين إلى مقاعد البرلمان لأن هؤلاء هم أول من يبيع كل شيء للوصول إلى غاياتهم وهم الذي يسوقون الوهم للناخبين بتصوير أن الجنة ملك يمينهم وأن منافسيهم هم حزب الشيطان.. وربنا يستر.