الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لمصلحة مَن هذا التصعيد؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعنا جميعًا ما حدث يوم ١٠/٨/٢٠١٥ بشارع عبدالخالق ثروت، والشوارع المحيطة به، ومن لم يتابع أصيب بأثرها، من خلال الشلل المرورى الذى أصاب قلب العاصمة.
منذ الصباح الباكر بدأ توافد الموظفين باختلاف الهيئات التى يعملون بها احتجاجا على القرار بقانون رقم ١٨ لسنة ٢٠١٥ بإصدار قانون الخدمة المدنية.
استجابة لدعوة النقابة المستقلة للضرائب العامة التى أطلقتها بشكل مباغت ردًا على محاولات النقابة العامة للمالية والضرائب والجمارك إحدى النقابات العامة التابعة لاتحاد عمال مصر كنقابة شرعية للوصول لحل ودى لمعالجة آثار هذا القانون، وسحبه أو وقف العمل به أو عدم تطبيقه على العاملين بالضرائب، وذلك بالحوار مع كبار المسئولين، وعلى رأسهم وزير المالية من أجل سحب البساط من تحت أقدامها كنوع من التناحر والتنافس النقابى أو المزايدة النقابية بمعنى أدق، وهذه النقابة العامة يحسب لها هذا الجهد بخلاف العديد من النقابيين المنشغلين فى تجهيز أنفسهم لاقتناص كرسى فى مجلس النواب القادم، والفوز بالحصانة حتى يحموا أنفسهم من أى مساءلة قادمة نتيجة المخالفات المالية التى تعج بها تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات أو ترك مواقعهم النقابية فى أى انتخابات قادمة.
حيث إن دورتهم النقابية انتهت قبل ثورة ٢٥ يناير بشهرين وتعمدت وزارة القوى العاملة عدم إجراء الانتخابات، وقامت بحل مجلس إدارة الاتحاد، ونقاباته العامة، ولجانه النقابية تمهيدًا لسيطرة الإخوان عليه إلا أنهم عادوا عقب طرد الإخوان.
وهو نفس الموقف المتراخى تجاه النقابات المستقلة التى لا وجود لها على سند من القانون، خاصة بإصدار دستور جمهورية مصر العربية المعدل بتاريخ ١٨ يناير ٢٠١٤ وتحديدا المادة ٧٦.
بمجرد إصدار الدستور كان يجب على وزارة القوى العاملة إلغاء هذه الكيانات بل الأدهى من ذلك أننا لم نعثر على قرار وزارة القوى العاملة بإنشائها حتى نطعن عليه أمام القضاء الإدارى.
وعودة لموضوعنا توافدت أعداد كبيرة بأتوبيسات من جميع المحافظات الأمر الذى يؤكد أن هناك جهة ما تولت الحشد، والإنفاق، وسننتظر ما يتكشف لنا خلال الأيام القادمة، لأن هذا الحشد أنفق عليه مبالغ كبيرة تفوق إمكانيات الداعين!؟
وتلاحظ عدم تجانس هذه الأعداد من خلال البلوكات والهتافات أو التواجد بدون هتاف.
حيث كان هتاف «ارحل» «باطل» ثم «كلنا إيد واحدة» ، «إحنا مش إخوان».
وكانت توجد تجمعات تغلب على وجوهم التحفز.. ينتظرون أى خطأ من الشرطة لتفجير الشارع بالكامل، واحتلال شارع عبدالخالق ثروت أو ميدان التحرير.
كنا نتوقع أن يفاجئ هذه الحشود السيد رئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، بالحضور، ومناقشتهم، كما عودنا بجولاته الفجائية، أو السيد وزير المالية أو وزير التخطيط، ولكن لم نجد أحدًا.. حيث استمرت الحشود، والهتافات وبذلت الجهات الأمنية جهدا كبيرا لإقناع المحتجين بإنهاء هذه الوقفة، ولم تنته إلا فى تمام الساعة ٧ مساء، بعد إعلانهم عن برنامجهم القادم، والخطوات التصعيدية.
حيث دعت النقابة المستقلة للضرائب العقارية عن تنظيم وقفة أمام وزارة المالية على غرار هذه الوقفة، وتتوقع لها زيادة فى الأعداد بعد أن أعلن عدد من النقابات المهنية الرسمية، والعديد من النقابات المستقلة خاصة نقابة المعلمين المستقلة الانضمام لأى احتجاجات ضد القانون، وكذلك إضراب عن العمل يوم ٢٨/٨/٢٠١٥، وهو ميعاد بداية عمل اللجان فى التحصيل حتى يتم توجيه ضربة قاصمة لحصيلة الضرائب التى تعد دعامة أساسية للموازنة العامة للدولة.
أما على الجانب الآخر.. حكومتنا العزيزة.. بمجرد انتهاء الوقفة خرج علينا كل من وزيرى المالية والتخطيط خلال مؤتمر صحفى بثته الفضائيات ليعلنا عدم التراجع أو الاستسلام، ولا عدول عن تطبيق هذا القانون فى تحد سافر، ولا ندرى لماذا هذا التعنت والغرور؟! الأمر الذى يذكرنا بالروح التى كانت سائدة فى ثورة ٢٥ يناير وأدت إليها، وكدنا نخسر الوطن للأبد.
فإذا كان السيد رئيس الجمهورية نفسه تقدم باعتذار للمحامين عن تجاوز بعض أفراد الشرطة فى حق المحامين.
كما أن هذا التصعيد كان مباغتا لنا جميعا لأن القانون صدر فى ١٢ مارس ٢٠١٥ دون حوار أو نقاش مع أصحاب الشأن وتم تطبيقه، وحذرنا من تطبيقه، وفندنا عيوبه، وانقضاضه على حقوق الموظفين من خلال مقال تم نشره بالبوابة فى ١٧/٦/٢٠١٥ تحت عنوان «حذارى من الإسهال التشريعى» ولن نكرر ما جاء به، ويكفينا عرض مواد إصداره، خاصة المادة الأولى التى تعرضه للطعن بعدم دستوريته، حيث تستثنى بعض موظفى الجهات السيادية من التطبيق ويتضح من خلال نصها:
يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن الخدمة المدنية وتسرى أحكامه على الوظائف فى الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات نشأتها على ما يخالف ذلك.
الأمر الذى يعد إخلالا بقاعدة المساواة فى التطبيق إن الأزمة التى أحدثها هذا القانون تدلل على أن لجنة الإصلاح التشريعى التى تم تشكيلها بموجب قرار رئيس الجمهورية فى يونيو ٢٠١٤ لا تبذل عناية فى مراجعة هذه القوانين.
خاصة أن أغلبية مشاريع القوانين الجديدة يتم استخراجها من ثلاجة مركز المعلومات، ورغم القرار التابع لمجلس الوزراء والتي تم إعدادها إبان فترة حكم المخلوع، وتغلب عليها روح التسلط، والعداء تجاه من يراد التطبيق عليهم.. هذه الروح التى فجرت غضب الشعب المصرى فى ٢٥ يناير، وكدنا أن نفقد الوطن، ومن حق الموظفين أن يرفضوا هذا القانون حتى لا يلقون مصير العاملين بالقطاع العام، لأن ما يحدث الآن هو تكرار لما حدث مع العاملين بالقطاع العام، لأن كلًا من القانونين ٤٧ لسنة ١٩٧٨، ٤٨ لسنة ١٩٧٨ صدرا فى توقيت واحد الأول فى ١٨/٧/١٩٧٨، والثانى ٢٠/٧/١٩٧٨ وبهما العديد من المزايا و المكاسب للعاملين سواء فى الهيئات والمرافق، وشركات القطاع العام، وتم إلغاء القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٨ وضاعت حقوق العاملين، وتم بيع شركات ومصانع القطاع العام!؟
ونأمل فى وقف العمل بهذا القانون لحين عرضه على مجلس النواب القادم، ولا يوجد أى مبرر لهذا التصعيد لأنه على حساب وطن، وشعب وانحراف عن قضيتنا الأساسية وهى محاربة الإرهاب... أم هى محاولة للتصعيد قبل الرحيل فى التعديل الوزارى القادم!؟ نأمل فى تلقى إجابة.