الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الشياطين" محبوسة في شقة علاء الأسواني

علاء الأسواني
علاء الأسواني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان غريبًا أن كثيرًا من المواقع والصحف المحسوبة على «الإخوان» تنشر أخباره مصحوبة بصورة دميمة له، تظهر بقعة حمراء كبيرة أسفل صف أسنانه، محاولة أن تجعل منها «صورة معتمدة» لـ«الروائى العالمى» في الإعلام، وعلى الشاشات، وأمام كاميرات التليفزيون.
وفى عين المشاهدين. الحرب النفسية على الأديب، الذي كانت تعتبره عدوًا شديدًا لله والدين بعد رواية «عمارة يعقوبيان»، بدأت على المواقع الإخبارية، ووصلت إلى طريق مسدود بحاجز عملاق من التنابز بالألقاب والأوصاف والأسماء والتكفير والطرد من رحمة الله.
كان على الله أن يضع له حلًّا.
إذا كان شيوخ الإسلاميين قدّموا كراهية علاء الأسوانى.. فقد تولى وحيد حامد نشرها.
تحولت الرواية إلى فيلم يهيل بالتراب والدنس على اللحى، والجماعات الدينية، لا أحد ينكر أنها صنعت «الأسوانى» من جديد.. جعلته أديبًا عالميًا يضع رأسه برأس نظام «مبارك» ومن دخلوا قصور الرئاسة بعده.. أوردته موارد القديسين بعدما تضاعف غلّ السلفيين و«الإخوان» منه، فقد صوّرهم شواذًا جنسيًا، وقومًا من الفجّار، الكفار، المنافقين.. الذين اختاروا حلاوة الدنيا في السر.. وباعوا الله ورسوله.
صفقة بين علاء الأسوانى ونظام «مبارك» منحته فرصة كانت من نصيب كثيرين غيره، أن يهاجم النظام كما يشاء، ويشوّه الإسلاميين أيضًا.
توازن مقصود ضمن لـ«الأسوانى» أن يظلّ على ساحة المعارضة والتليفزيون والمكتبات، وحاضرًا في قوائم الكتب الأكثر مبيعًا، لم ينتبه إلى أنه في لحظة بعينها سيسقط في عيون الجميع.
في اللحظة التي يعرف الآخرون حقيقته، لن يعود حقيقيًا كما كان، ولن يعود له مريدون، أو أنصار يزورون صالونه الشهرى، ويلتقطون منه خلاصة الحكمة، التي أوتى منها ما يفيض على الجميع.
نقطة رمادية يقترب منها ويتقرَّب بها إلى النظام.. لا يخونه في فراش الجماعات الإسلامية، ولا يسلّم له نفسه.. إنه كاتب فقط.. ليس فكرة أو أسطورة أو قائد ثورى.. ليس أكثر من روائى يحكى حكايات، يبنى مجده على خراب وخرائب الوطن، لا يهتم بما يخسره الآخرون، طالما أنه يكسب.
يدخل إلى يمين وملك يمين النظام مرة، ويبقى على يسار الرئيس مرة.. يقف في وجه أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، يحب أن يقولوا إنه «طيَّر» رئيس حكومة بكلمة.
ثم دخل فراش «الجماعة».
كان غريبًا أيضًا إن المواقع والصحف المحسوبة على «الإخوان» راجعت نفسها في استقبال آرائه، وعرض أفكاره، وتناول شخصيته.. توقفت عن صورة البقعة الحمراء التي أرادت بها أن تمنحه لقب «المشوّه»، وأصبحت صورة تليق بكاتب عالمى.
ضع علامة تعجب.. جبال من الأكاذيب يتغذى عليها «الإخوان»، تعلموا في زوايا ومساجد الجماعة أن يأكلوا على كل الموائد، ويغيروا مواقفهم في أي وقت.. وبدون سبب.. ولأقل قدر من المكاسب.
من زاوية محددة يتفق علاء الأسوانى مع «السيسى» في كراهية الإخوان، بينما الاختلاف يكمن في التفاصيل.
آخر «تويت» على صفحته تكشف جانبًا غامضًا ومفتاحا مهمًا من مفاتيح شخصية علاء الأسوانى، سأل: لماذا صوت المصريين دائما بـ«نعم» في كل الاستفتاءات حتى التي لم يتم تزويرها؟ هل لأن «لا» تعنى معركة التغيير ونعم تعنى الاسترخاء في ظل السلطة؟
أسئلة «الكاتب العالمى» تقود إلى سؤال واحد لا بد أن يجيبه.. ثم يقف أمام المرآة عاريًا ليرى نفسه.. هل خرج علاء الأسوانى من «جاردن سيتى»؟
هل انحرف عن طريقه، وزار «باب اللوق» أو «بين السرايات» أو «الجمالية»؟
الإجابة عنده.. لكن أغلب الظن إنه «لا».. يتعالى الأسوانى على المصريين بشدة، يكاد لا يراهم، يطلب منهم أن يرتفعوا إلى عليائه، رغم أنه لا يشاركهم أوقاتهم الحزينة، ولا يخرج من بين شخصيات رواياته التي تعيش في «وسط البلد»، وتسهر في «نادي السيارات». يستطيع، الآن، أن يسأل نفسه: هل قدم هو أو أصدقاؤه من النشطاء السياسيين شيئًا للشعب الذي خرج في «٢٥ يناير» استجابة لسؤاله «لماذا لا يثور المصريون؟».. ثم وجد نفسه عاريًا، وكل قيادات وكبار وعرَّابى الثورة باعوه لـ«الإخوان» في فندق «فيرمونت»؟!
يمسك «علاء» الخيط الرفيع، يستطيع أن يلفه حول رقبة الجميع بسلاسة وبرود شديد، هو قاتل محترف يعرف ما يقوله تماما.. لا يتحالف مع الجماعة الإرهابية كما ترى، بل يزيدها إرهابًا، واتهامًا بالتخريب.. يقول: «يعترف قيادى إخوانى على الهواء بمسئوليتهم عن تفجير محطات الكهرباء في مصر.. هل هناك من يعترض على وصف الإخوان بالإرهابيين؟».
لا يضع السم فقط.. يضع العسل أيضًا.. لا يريد أن يخسر أحدًا خسارة أبدية لا رجعة فيها.. يضيف: «الثوريون ضد إرهاب الإخوان، وضد قمع النظام، يساندون الجيش في مهامه الوطنية، ويرفضون عمله بالسياسة، يهاجمهم الإخوان والنظام لأنهم يدافعون عن الحق».
ثم ينتقل إلى مستوى آخر من «المشى على الحبل»، يقول: إذا أنشدت المدائح في «السيسى» ستحظى بكل حاجة حلوة، وإذا انتقدته سيتم لعن أهلك وتخوينك وضربك بالجزمة.. هذا المقصود بجملة «حرية التعبير مكفولة».
لماذا لا يركن علاء الأسوانى إلى طرف؟
يهاجم ثم يطبطب ثم يصالح.. يرى الجميع قتلة وخونة ويستحقون الحساب والعقاب والعذاب في وقت ليس مسموحًا فيه لأحد أن يعاتب.
هل كان «الأسوانى» حزينًا على اغتيال النائب العام؟
الحادث بشع، ومرعب، يمكن أن يقف «الأسوانى» أمامه مرتبكًا، ومترددًا بين إدانة الإرهابيين، وسبّ النظام، لكن المترددين لا يدخلون الجنة.. وعلاء الأسوانى أيضًا.
قال: إن «اغتيال النائب العام عملية إرهابية بشعة ونقطة تحول خطيرة، العدل وحده كفيل بالقضاء على الإرهاب، بينما القمع يغذى الإرهاب ويمنحه أسباب استمراره».
ثم يتبع نداء: «عودوا إلى مقاعدكم».. قائلًا: «من تعهد لعمر سليمان بإخلاء الميدان، ومنح القلادة لطنطاوى بدلا من محاكمته، وأفلت متهمى موقعة الجمل، وغطى على قتل الجندى.. الإخوان خانوا الثورة».
يمكن أن «تزنق» علاء الأسوانى في «حاجز سد».. إذا كان الإخوان خانوا ثورة.. فلماذا بعتموها لهم في «فيرمونت»؟
لماذا انتخبت محمد مرسي ودعوت إلى انتخابه للرئاسة؟
الذين سلّموا البلد لـ«الإخوان» عادوا - الآن – بوجوههم القبيحة يطلبون منّا أن نستسلم.. أن نسير في الطريق الخطأ.. ونقف محايدين بين جماعة اجتازت تدريبات حادة على القسوة، وغدرت بالجميع، جنودًا ومقاتلين وشبابًا على الحدود، وشعبًا في وسط القاهرة، من جانب، وبين نظام يخطئ أحيانًا.. يغضب أحيانا.. ولكن لا يريد أن يدخل «النفق» المظلم. يلقى علاء الأسوانى نظرة عابرة وسريعة إلى الأحداث الدائرة في مصر، يعتقد أنه بـ«كلمة ونص» على «تويتر» يفضى إلى ما قدّم، ويساعد البلد على العبور إلى «الديمقراطية».. الكنز المفقود.. والحقيقة الغائبة.. يمنح مصر دقائق من وقته، الذي يستغله في أشياء أهم.
كيف يقضى الأسوانى وقت فراغه؟
يقول إنه «كمحكم للجائزة الأدبية للفاينانشال تايمز، استمتع بقراءة روايات أفريقية مبهرة، العالم كله يتقدم، ووعى المصريين يشكله إعلام البط ومسلسلات الصابون».
من يدخل صفحة علاء الأسوانى على «تويتر» يرى بلدًا مشوَّهًا، لا يقلّ عن كوريا الشمالية في سرقة الحرية، وسَلْب الحق، واغتصاب الأطفال، يرى شبح «البرادعى» يحلق فوق الصفحة، يجلس تحت التكييف، ينام على سرير مفروش بالحرير، يعيش في فنادق ومطاعم «٥ نجوم»، ثم يفتح «لاب توب» من «آبل»، مؤكدًا أن الحياة قاسية جدًا.. الشعب يريد إسقاط النظام.