الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

الصفوية الإيرانية بين المحافظين والإصلاحيين

 حسن روحاني
حسن روحاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ تأسيسها في عام 1979، اعتمدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية نظام "ولاية الفقيه" ليمثل المرجعية الأولى والأخيرة للدولة الجديدة، وذلك لتحقيق هدفين رئيسيين، أولهما: الحفاظ على المذهب الشيعي الإثنى عشري، وهذا هو الهدف المعلوم للجميع والذي لا تخجل إيران من إعلانه على الملأ بسبب التوجه العقائدي ذى الجذور التاريخية الممتدة لأكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان حيث بدأ الإعلان لأول مرة عن تأسيس المذهب الشيعي، أما الهدف الثاني، والذي لا تعلنه الجمهورية الإسلامية، فهو تفريغ العملية الديمقراطية من مضمونها لصالح سلطان "الولي الفقيه"، بمعنى تهميش رئيس الدولة بإحكام السيطرة على كل المؤسسات الهامة من هيئة صيانة الدستور ولجنة الخبراء.. الخ، ليكون الرئيس الإيراني بلا صلاحيات حقيقية أمام سلطة "الولي الفقيه".
في إيران لا وجود للأحزاب السياسية بمعناها الأيديولوجي القائم على الخلاف السياسي، فالرئيس الذي يصل لسدة الحكم إما محافظا، كما كان أحمدي نجاد، أو إصلاحيا، كما كان الرئيس الأسبق محمد خاتمي والرئيس الحالي حسن روحاني، لكن في حقيقة الأمر لا أثر لتوجه الرئيس سواء كان إصلاحيا أو محافظا على الشكل النهائي للحكم الذي تعتمده الجمهورية الإسلامية، فنظام "ولاية الفقيه" يبتلع كل التيارات السياسية ويهمش من دور الرئيس لدرجة أن يكون وجوده بلاقيمة تذكر أمام السلطة الأولى والأخيرة الممثلة في ولاية الفقية والتي يتربع على رأسها على خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
هذا الأمر يجعل من ترحيب البعض بالرئيس الإصلاحي أمرا مثيرا للسخرية، إذ أن النهاية واحدة، فقد أمضى الرئيس خاتمي، ذو التوجه الإصلاحي والذي قاد تظاهرات 2009 مع حلفائه مير حسين موسوي ومهدي كروبي ضد نتيجة الانتخابات متهمين نجاد بالتزوير، فترته كاملة في الحكم من أغسطس 1997 حتى أغسطس 2005، دون أن يحقق أي جديد على مستوى السياسة الخارجية الإيرانية، لاسيما تجاه دول الخليج العربي، فلم نشهد حوارا حقيقيا إزاء أزمة الخليج العربي، والذي أصر خاتمي على فارسيته، ضاربا بحقائق الجغرافيا والتاريخ عرض الحائط، كما أقر الاحتلال الإيراني للجذر الإماراتية الثلاثة "طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى"، وبالتالي لم يقدم جديدا عن سابقيه، ولا عن خلفه نجاد الذي يوصف بالمتشدد والمحافظ.
ولفهم حقيقة الأمر أكثر يمكن الإشارة إلى الحالة الأمريكية فرغم تناوب الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حكم الولايات المتحدة، إلا اننا لا نكاد نلمس فارقا بين الجمهوري والديمقراطي، فمواقف الاثنين هي نفسها تجاه القضايا العربية والكيان الصهيوني، وربما يكون الفارق الوحيد في لغة الخطاب التي يميل الجمهورين إلى التشدد فيها بينما يسعى الديمقراطيون إلى تهذيبها قليلا، وجميعنا يذكر تصريحات "أوباما" في جامعة القاهرة في 2009، التي تفاءل العالم العربي بها، لتكشف الأيام بعدها أن أوباما لا يقل سوءا عن سلفه بوش الابن، بل ربما مثل تهديدا على مصالح الدول العربية بأكثر مما فعل بوش.
إذن؛ فإن الدول العميقة تضع نظامها بشكل تكون معه الديمقراطية مجرد عملية شكلية لا تؤخر ولا تقدم في التوجه العام للدولة، ففي في أول تصريح للرئيس الإيراني حسن روحاني، الإصلاحي، حينما تولى رئاسة حكومة بلاده، قال إن طهران ستعمل على تحسين العلاقات مع دول الجوار، وبخاصة السعودية، حيث قوبل تصريحه بالترحيب من دول المنطقة، خصوصا السعودية، كبادرة على حسن النيات وفتح آفاق جديدة من التعاون في ظل التفاؤل الضئيل بحدوث تغيير في السياسية الإيرانية، كون السعودية تعرف أن تلك التصريحات لم تكن إلا ذرا للرماد في العيون، لتثبت الأيام بعدها استحالة تغير السياسة الإيرانية تجاه دول المنطقة طالما كان "الولي الفقيه" هو العامل الثابت والرئيس هو العامل المتغير، حيث شهدت شهور حكم روحاني تغول الجمهورية الإيرانية في المنطقة من دعم لعصابات بشار الأسد، وتأجيج الفتنة المذهبية في العراق، والتدخل السافر في الشأن البحريني، وأخيرا إيقاذ الخلايا الحوثية النائمة في اليمن لتعيث في المنطقة فسادا ربما بأكثر مما فعل المتشدد والمحافظ أحمدي نجاد، حيث صرح مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الدينية والأقليات، علي يونسي، قبل أيام بأن "إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي".
ربما كانت النزعة الدينية هي المحرك للسياسة الخارجية الإيرانية، وربما كانت النزعة الصفوية الفارسية، لكن المؤكد أنها نزعات تتصادم مع التوجه السني العربي في المنطقة، بشكل لا يمكن معه إقامة أي علاقات مع دولة تحكم بالنزعات الطائفية والصفوية فقط.
خلاصة القول، أننا أمام حرب بقاء وليس مجرد خلاف سياسي مع إيران، طالما كان محرك هذه الحرب النزعة الطائفية والعقائدية والصفوية؟