الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ننشر بنود إعلان مبادئ "سد النهضة" الذي وقعه السيسي مع السودان وإثيوبيا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حصلت "البوابة نيوز" على أهم بنود الوثيقة التي وقعتها مصر مع السودان وإثيوبيا الخاصة بإعلان مبادئ بشأن أزمة "سد النهضة"، التي أكدت  ضرورة الاتفاق بين الدول على التنمية وعدم الإضرار بمصالح الآخرين وحل أية خلافات تنشأ بطريقة سلمية.
أولا: المقارنة الدقيقة بين وضع مصر قبل التوقيع على إعلان المبادئ وبعده، تٌشير إلى أن إعلان المبادئ قد جاء في توقيت هام لإزالة حالة القلق والتوتر التي خيمت على العلاقات المصرية الإثيوبية نتيجة الخلافات حول موضوع سد النهضة وذلك من خلال توفير أرضية صلبة لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين مصر وإثيوبيا والسودان حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى بعد انتهاء الدراسات المشتركة الجارى إعدادها.
ثانيا: أن الاتفاق يتضمن عشرة مبادئ أساسية تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية المصرية، وتتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولى الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق قد تناول تلك المبادئ من منظور علاقتها بسد النهضة وتأثيراته المحتملة على دولتى المصب، وليس من منظور تنظيم استخدامات مياه النيل التي تتناولها اتفاقيات دولية أخرى قائمة ولم يتم المساس بها حيث لم يتعرض الاتفاق من قريب أو بعيد لتلك الاتفاقيات أو لاستخدامات مياه نهر النيل، حيث أنه يقتصر فقط على قواعد ملء وتشغيل السد.
وتشمل تلك المبادئ: مبدأ التعاون التنمية والتكامل الاقتصادى، التعهد بعدم إحداث ضرر ذى شأن لأى دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوى، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضى الدولة، وأخيرًا مبدأ الحل السلمى للنزاعات.
ثالثًا: الإيجابية الرئيسية التي يمنحها اتفاق المبادئ هو أنه نجح في سد الثغرات التي كانت قائمة في المسار الفنى، وأهمها التأكيد على احترام إثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى في ضوء نتائج الدراسات، فضلًا عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.
رابعا: يؤسس الاتفاق، ولأول مرة لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتشغيل السدود في الدول الثلاث، وهى خطوة في غاية الأهمية وكان هناك احتياج لها على مدى السنوات الماضية، وخلال السنوات القادمة نتيجة الخطط المستقبلية لإقامة السدود في كل من إثيوبيا والسودان.
خامسا: إن الاتفاق يتضمن للمرة الأولى آلية لتسوية النزاعات بين مصر وإثيوبيا من ضمنها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق وكلها أدوات نص عليها القانون الدولى لتسوية أية خلافات قد تطرأ حول تفسير أو تطبيق بعض نصوص الاتفاق. ويعكس القبول الإثيوبى لهذا المبدأ قدرًا كبيرا من الثقة والشفافية في العلاقة مع مصر لم تكن موجودة من قبل ونجاحًا حققته مصر في التقارب الحقيقى والعملى مع إثيوبيا.
سادسا: من الأهمية أن نشير أيضًا إلى مسار العلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا، ومدى تأثره إيجابًا أو سلبًا باتفاق إعلان المبادئ فالمؤكد أنه منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة مصر فإن هناك توجهًا استراتيجيًا مصريًا جديدًا تجاه القارة الأفريقية ولاسيما دول حوض النيل، وفى مقدمتها إثيوبيا. ومن هنا، فإن أي تحليل دقيق لتلك الخطوة لا بد وأن يرى فيها عنصر الإيجابية الرئيسى المتمثل في ترسيخ قاعدة بناء الثقة بين البلدين على أسس صلبة وقوية، وهو ما أكد عليه الرئيس في كثير من تصريحاته ولقاءاته مع المسئولين الإثيوبيين مؤخرًا حينما أشار إلى أهمية أن نترك للأجيال القادمة أرضًا صلبة من ميراث التعاون وبناء الثقة وتحقيق المنافع المشتركة، وألا يرثوا بذور القلق والشك من الأجيال السابقة.
سابعا: أن تجارب التعاون بين الدول المشتركة في أحواض الأنهار الدولية على مستوى العالم قد أثبتت أن الأسلوب الوحيد لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار بمصلحة أي طرف هو الحوار والبناء التدريجى للثقة، والتفهم لاحتياجات دول المنبع ودول المصب وترجمة كل ذلك في وثائق قانونية ملزمة لا تترك مجالًا للتأويل أو التنصل مما فيها من حقوق والتزامات.
ثامنا: أن الجهد الواضح والكبير الذي قامت به الدولة المصرية ممثلة في اللجنة العليا لمياه النيل في إعداد تلك الوثيقة والتفاوض عليها بتوجيه من السيد الرئيس، يعكس أسلوبًا جديدًا تتعامل به الحكومة المصرية وأجهزتها المعنية مع القضايا ذات الأهمية الخاصة للأمن القومى، ورؤية شاملة تقوم على الاستفادة من عناصر القوة المصرية وتوزيع الأدوار والتنسيق والقيادة الحكيمة التي تنظر إلى الأمور بنظرة شاملة ومستقبلية.
تاسعا: أن إعلان المبادئ يعتبر وثيقة توافقية تمثل حلًا وسطًا بين مواقف الأطراف الموقعة عليها، وليست بالضرورة تُحقق الأهداف الكاملة لأى طرف، إلا أنها – بلا شك- قد حققت مكاسب ما لكل طرف تجعله في وضع أفضل مما كان عليه قبل التوقيع على الوثيقة. ولا شك، أن المكسب الرئيسى الذي تحقق، يتمثل في نجاح دول حوض النيل الشرقى الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في وضع اللبنة الأولى لتعاون أكثر مؤسسية واستدامة يتعلق بمياه النيل الشرقى ومن المنطقة أن يتبع تلك الخطوة انضمام الدولة الرابعة العضو في هذا الإطار وهى دولة جنوب السودان.