الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

نصر واصل: المشاركة فى الانتخابات "واجب شرعى" وتاركها كشاهد الزور

الدكتور نصر فريد
الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتبر الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، المشاركة في الانتخابات واجبا شرعيا وتطبيقًا لما حث عليه الإسلام من الصدق والأمانة، وإعمالًا لمبدًا الشورى الذي أقره الإسلام، مؤكدًا على أن التقاعس عنها يعد جريمة في الإسلام ومنع للشهادة يأثم صاحبه.
وقال «نصر» إن الشورى في الإسلام هي الديمقراطية الحقة وهى التي يجب أن يتربى عليها أبناء المجتمع؛ ليكونوا أمناء صادقين دائما في أقوالهم وأفعالهم، ويحترموا عن إيمان صادق سلطات بلادهم التشريعية والقضائية والتنفيذية التي جاءت بالشورى الصحيحة بينهم، مضيفًا «الشورى لأزمة وواجبة بين أفراد الأمة لاختيار عناصر سلطتهم التشريعية؛ لأن هذا الاختيار من الأمانات الدينية والشرعية التي أمر الله بأدائها لأهلها وأصحابها في قوله تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك)، وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾. وتابع «واصل» يجب على من توافرت فيه الصلاحية لأداء هذه الأمانة في الشورى والديمقراطية، حسب المصطلحات العصرية والعربية للإدلاء بصوته الانتخابى، ألا يتأخر عن القيام بهذا الواجب بصدق وأمانة ونزاهة وموضوعية حتى نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن يكون ذلك بعيدا عن العصبية المدمرة والمجاملات والغش والتدليس والابتزاز والعنف والإكراه والتزوير، وأن يكون رائد الجميع أن مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية، ومنع أداء الصوت كتمان للشهادة التي أمرنا الله بأدائها، وسلبية يمقتها الإسلام وينهى عنها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يكن أحدكم إمعة يقول: إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا ألا تظلموا).
وأكد مفتى الجمهورية الأسبق على أن التخاذل عن الإدلاء بالصوت في الانتخابات يعد في الإسلام «جريمة سلبية»، قائلًا: المسلم الذي يراقب ربه ويخشاه يجب عليه البعد عن السلبية ووضع الأمانة التي كلف بها في محلها، والشهادة بالحق والعدل لمن هو أهل لها من المرشحين لعضوية المجالس النيابية والتشريعية في مختلف مراحلها، وعدم الإدلاء بالصوت الانتخابى بالحق والعدل والصدق لمن هو أهل له يعد في نظر الإسلام جريمة سلبية، توجب المؤاخذة على صاحبها من الناحية الدينية؛ لأن هذه السلبية تؤدى نتيجتها ما تؤديه شهادة الزور من إفساد وفساد على الفرد والمجتمع في الدولة، في مجال ضياع الحقوق والواجبات المشروعة للجميع، الحاكم والمحكوم، وهى تلتقى من حيث الأثر مع الجريمة الإيجابية وهى شهادة الزور والتدليس وخيانة الأمانة من حيث ضياع الحقوق والواجبات للفرد والجماعة.
ويستدل واصل على أن السلبية من الجرائم المعاقب عليها في الإسلام من الناحية الدينية بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾، فهذا النص القرآنى يظهر مدى خطورة السلبية في حياة الناس لدفع الظلم وتحقيق العدل فيما بينهم من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتولى الأمر فيما بينهم فيما سبق لمن ليس أهلا له من الناحية التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا ما حذرنا منه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).
وأضاف: وبناء على ذلك وفى واقعة الأمور المسئول عنها والمستفتى فيها من الناحية الشرعية، فإن من يمتنع عن أداء صوته الانتخابى يكون آثما شرعا؛ لأنه بذلك يكون قد منع حقا واجبا عليه لمجتمعه الذي يطالبه بأداء الشهادة لمن قدم نفسه للخدمة العامة بترشيح نفسه للمجلس النيابى التشريعي؛ وذلك لبيان مدى صلاحيته لهذه المهمة القومية والوطنية من خلال هذه الشهادة، كما أن من يدفع صاحب الشهادة إلى مخالفة ضميره أو عدم الالتزام بالصدق الكامل في شهادته بأى وسيلة من الوسائل المادية أو المعنوية سواء كان مسئولا أم مواطنا عاديا يكون مشاركا مشاركة إيجابية ومساعدا لصاحب الشهادة في ارتكاب جريمة خيانة الأمانة والتزوير في الشهادة؛ والشريك كالأصيل تماما من حيث الفعل والأثر في الإسلام، وكذلك الذي ينتحل اسما غير اسمه ويدلى بصوته بدل صاحب الاسم المنتحل سواء كان حيا أو كان من الأموات أو المسافرين الغائبين غير الموكلين، يكون قد ارتكب غشا وتزويرا يعاقب عليه شرعا، ويكون آثما.
وجميع التصرفات المسئول عنها محرمة شرعا؛ لانطوائها على جرائم الإفساد في الأرض المنهى عنها شرعا؛ ولأنها تعطى فرصة لوصول الشخص غير الكفء، وغير الأهل شرعا للنيابة عن الناس في طلب حقوقهم المشروعة والدفاع عنها، وهذا ما يضيع مصالحهم ويؤدى إلى الفساد في المعاملات العامة والخاصة وضياع الحقوق؛ ولهذا شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهى عن قول الزور وشهادته فقال: ((ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور))، وما زال يكررها حتى قال الصحابة: ليته سكت.
من النسخة الورقية