الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مرة أخرى.. لا للنقابات المستقلة.. لا للتعددية النقابية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا نأمل ألا نعود مرة أخرى لهذا الموضوع بعد أن حسمته الأغلبية المطلقة من الآراء، والتجارب العملية التي أثبتت عدم صلاحية هذه الكيانات المشبوهة التي تسعى إلى اختراق الأمن القومي المصري، وإشاعة الفوضى، وأداة من أدوات تلقي الأموال الأجنبية، وبعد تحقيقين صحفيين في كبرى الجرائد القومية سواء بجريدتى "الأهرام" بعددها 5 يناير 2015 (على صفحتين كاملتين 19،18) وبعدها مباشرة "الأخبار"، واللتين أكدتا رفض النقابات المستقلة، وعدم مشروعيتها.
وكنا نأمل أن تبادر وزارة القوى العاملة على الفور بإصدار قرار بسحب وإلغاء القرار الوزاري رقم 358 لسنة2011 الذي يبيح تأسيسها لمجرد إيداع أوراقها بمديريات القوى العاملة، وفتح حساب بنكي، إلا أننا وجدنا العكس من جانب القلة القليلة.. إنهم يحاولون إضفاء الشرعية عليها من خلال مشروع قانون العمل الجديد، والرد الذي تم نشره بجريدة الأهرام يوم 24 يناير 2015 للدكتور أحمد البرعي على التحقيق الذي سبق نشره،  وهذا حقه.. كفله قانون سلطة الصحافة رقم 96 لسنة 1996 ومن حقنا أن نعقب عليه حيث بدأ:
(تلقت الأهرام ردًا من الوزير السابق الدكتور أحمد البرعي حول تحقيق النقابات المستقلة.. قال فيه إن الأهرام له دور رائد في المجتمع المصري حيث كان أول مَن بشر بحركة نقابية مستقلة وفعّالة في ندوته التي عقدت بتاريخ 2011/5/12 وقام مركز الدراسات الاستراتيجية بطباعتها في كتاب عن المركز تحت عنوان "ثورة 25 يناير نحو تنظيم نقابي جديد" وهذا الكلام لا يبرر شرعية النقابات المستقلة لأن أصحاب هذا الفكر كانوا أعلى صوتًا، ومفتوح لهم كافة الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة، بينما الرافضون لهذه الكيانات المشبوهة وأنا منهم كنا محاصرين ولكن نحمد الله.. أثبتت التجارب العملية صحة رفضنا لهذه البوتيكات، أما استعراض مناصبك الوزارية، وموقعك بقيادة جبهة الإنقاذ فهذا ليس دليل آخر لصحة هذه الكيانات وشرعيتها.
إنما يمكن القول بأنك من المحظوظين - والله لا حسد - سواء قبل ثورة 25 يناير أو بعد 25 يناير.. فأنت كنت مستشارًا قانونيًا لاتحاد عمال مصر الذي تهاجمه في ردك!
وبالطبع أنا لا أدافع عن هذا الاتحاد، ومن خلال موقعك كمستشار قانوني لبعض اللجان النقابية التابعة لاتحاد العمال قمت بإعداد عقود بيع عدد من شركات القطاع العام.. كما توليت مستشارًا قانونيًا للجامعة الأمريكية، وإذا كنت عضو في جبهة الإنقاذ، فالدكتور البرادعي كان أيضًا قياديًا بها! وكان لنا تحفظات على العديد من قيادات هذه الجبهة إلا أن الظروف لم تسمح بإبدائها، وغلبنا مصلحة الوطن فوق أي اعتبار كما أنك لم تذكر بأنك كنت المشرف على إعداد وصياغة قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 بتمويل من منظمة العمل الدولية.
وتم عقد اجتماعات لجان الاستماع والإعداد بفنادق خمس النجوم بالزمالك وأسفرت عن ولادة أسوأ قانون عمل عرفته مصر، وما زالت محاولات استمرار هذا القانون من خلال المشاريع الجديدة والتي تم حشوها بمواد تنفي شرعية هذه الكيانات المشبوهة "النقابات المستقلة" وفي غياب أصحاب المصلحة الحقيقية الطبقة العاملة المصرية.
كما أنك أصدرت القرار الوزاري رقم 187 لسنة 2011 والذي تضمنت المادة الأولى منه "حل مجلس إدارة اتحاد نقابات عمال مصر اعتبارًا من تاريخ صدور هذا القرار، وتم تشكيل لجنة لإدارة الاتحاد من المؤمنين بفكرة التعددية النقابية، وتم إسناد الأمور المالية في الاتحاد لعناصر جماعة الإخوان المسلمين، ومن المعروف أن مَن يضع يده على مالية أي تنظيم يصبح هو المسيطر، والمهيمن على هذا التنظيم، وبفضل قرارك تم تسليم اتحاد عمال مصر الذي كافحت الطبقة العاملة المصرية عبر نضال طويل وشاق من أجل انتزاعه لجماعة الإخوان المسلمين الذين لم يكونوا في يوم من الأيام من المؤمنين بالنضال النقابي العمالي.. وهذا لن ينساه عمال مصر أبد الدهر؛ بل ولم تقم بإجراء انتخابات مجلس إدارة اتحاد عمال مصر، ولجانه النقابية والتي حلَّ ميعادها قبل شهرين من حلول ثورة 25 يناير، وهو ذات موقف الرئيس المخلوع ونظامه! لأنكم تعلمون تمام العلم لو تم إجراء الانتخابات في ميعادها، لتم فرز قيادات ثورية قادرة للتصدي لمشروع النقابات المستقلة، ولقيادات اتحاد العمال الموالين لنظام المخلوع.
أما باقي الرد والاستناد لميثاق الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية، فهذه مناقشة قانونية نخوضها سويًا يقنع أي منا الآخر، فالاتفاقية الأساسية التي تستند إليها هي الاتفاقية الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي رقم 87 لسنة 1948 والمادة الثامنة منها الفقرة الأولى تنص على:
يحترم العمال ومنظمات كل منهم قانون البلد في ممارستهم لحقوقهم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الأشخاص أو الجماعات والمنظمات.
والمادة 9 الفقرة الثانية منها تنص على:
طبقًا للمبدأ المقرر في الفقرة 8 من المادة 19 من دستور منظمة العمل الدولية لا يعتبر تصديق أي عضو بهذه الاتفاقية ذا أثر على أي قانون أو حكم قضائي أو عرف أو اتفاق قائم بالفعل يتمتع أعضاء القوات المسلحة أو الشرطة بمقتضاه بأي حق تضمنه هذه الاتفاقية.
والقانون الوطني المصري والعرف والأحكام القضائية العديدة تأخذ بمبدأ وحدة التنظيم النقابي ألا وهو وحدة التنظيم النقابي، فالمادة (7) من القانون الوطني (والذي ما زال ساريًا) وهو القانون رقم 35 لسنة 1976 وكافة تعديلاته تنص على (يقوم البنيان النقابي على شكل هرمي وعلى أساس وحدة الحركة النقابية وتتكون مستوياته من المنظمات النقابية التالية:
- اللجنة النقابية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية.
- النقابة العامة.
- الاتحاد العام لنقابات العمال.
ويصدر الاتحاد العام لنقابات العمال قرارًا بقواعد وإجراءات تشكيل هذه المنظمات النقابية المشار إليها بالفقرة السابقة وفروعها، يضاف لذلك أن الأمر حُسم بدستور 2013، حيث نصت المادة 76 منه على (إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم، وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ولا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية).
والمادة 77 منه أيضًا:
ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية.
ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة مهنية واحدة.. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية في شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها.
ومن خلال هذا العرض يتضح أن الدستور، والقانون الوطني، والاتفاقيات الدولية قد حسمت هذا الأمر، وأن القرار الوزاري سند انشائها معدوم، وفاقد الشرعية ويجب سحبه وإلغاؤه.. أما الكلام عن القائمة السوداء فقد تم كشف هذه الحيلة والتي لا تعدوا سوى ورقة ضغط تمارس علينا لتمرير هذه الكيانات أما الملاحظات من قبل منظمة العمل الدولية فيوجد ملاحظات على العديد من الدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الامريكية، وبرزت هذه الكيانات عقب ثورة 25 يناير كوسيلة من وسائل إشاعة الفوضى، ويقسم الوطن الى دويلات كما حدث في العراق، وسوريا، وليبيا وأخيرًا في اليمن.
كما أن التجربة العملية لهذه الكيانات أثبتت أنها مجرد كيانات ورقية لا وجود حقيقي لها، وأثارت الاضطرابات، والفوضى، وأغلبية الدول التي أخذت بها توقفت عن ذلك.. كما أن كلًا من الولايات المتحدة، وإسرائيل التي تشجع على وجودها في مصر لا تأخذ التعددية النقابية ولا يوجد سوى تنظيم نقابي واحد، أما الاستشهاد بحكم عمال السكة الحديد، والمحكمة التأديبية بطنطا، فأنا كنت أحد المحامين في القضيتين، والفضل ينسب لصاحبه حيث كان اجتهاد رفيق العمر المرحوم أحمد شرف الدين المحامي وتحت إشراف المرحوم الأستاذ / أحمد نبيل الهلالي، اللذين رحلا في صمت بعد كفاح ونضال (سجن، واعتقال، وتعذيب) ولم يأخذا حقهما وهذا أمر مختلف تمامًا، ويذكرنا بالزمن الجميل الذي كان يعتمد على الجهد الخاص، والابتكار الثوري، وليس ادعاء الثورية، وتلقي الأموال الاجنبية كما هو حادث الآن، ونأمل أن نكشح هذه المرحلة، ويأخذ المناضلون الحقيقيون زمام الأمور ويختفي مدعو النضال، والبطولة، وتجار الشنطة! أما الكلام عن اتحاد العمال فأنت كنت أحد مستشاريه ولم تطلب منهم الكف عن أساليب الإقصاء والعزل النقابي، وهذا الملف بكل تفاصيله لديّ، وتمت مقاومته وانتزاع العديد من الأحكام.
وكنا نأمل أن تقوم عقب توليك وزارة القوى العاملة، وبحكم السلطة الممنوحة لك بموجب قانون النقابات العمالية أن تحدد ميعادًا لإجراء الانتخابات، ولو حدث ذلك لتم تطهير هذا الكيان من العناصر الانتهازية الذين أضروا بالعمل النقابي، وسندفع ثمنه لسنوات طوال وكان يمكن الاستفادة من زخم ثورة الشعب المصري العظيم في 25 يناير و30 يونيو والتي كان وقودها الطبقة العاملة المصرية.. وأخيرًا يمكن القول:
حقًا ما زال الوطن مستهدفًا، والمخططات التي تهدف إلى تفتيته وتقسيمه قائمة، وإذا كنا قد نجحنا في وقفها إلا أن الأمر يستلزم استكمال النضال والكفاح من أجل استئصال هذه المخططات من جذرها حتى نبني وطنًا جديدًا يقوم على الحرية والعدالة الاجتماعية.. والنصر سيكون حليفنا بإذن الله.