الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع !!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المسئول عن مواجهة الإرهاب ؟ قبل الإجابة على هذا التساؤل من الأهمية بمكان القول إننا امام ظاهرة شاملة سياسية واجتماعية وأمنية ولكن البعض يقصرها على المنظور الأمني وهذا تحليل يجانبه الصواب ودعونا نتفق أيضا على أن الإرهاب ظاهرة عالمية ولا توجد دولة في مأمن منه مهما أوتيت من قوة لذا مواجهته يتطلب تعاونا دوليا على الأقل لكشف أبعاد الظاهرة خاصة ان الكثيرين يتناولونها كما اسلفت من جانبها الامني فقط على اعتبار انه الجانب الأكثر تأثيرا وان ملف الارهاب بشكل عام يعتبر ملفا امنيا بالدرجة الاولى .
ولكننا نرى أن هناك جوانب آخرى يجب التعاطي معها لفهم أبعاد الظاهرة منها الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري او الايديولوجي واعتقد ان ظاهرة الارهاب يمكن فهمها من منظور يجمع كل هذه الجوانب مع الجانب الأمني بالطبع .
يرى البعض أن المجتمعات المستقرة سياسيا هي الأقل تعرضا للإرهاب ومن حيث الظاهر قد يكون هذا الرأي صحيحا ولكن بماذا نفسر تعرض دولة مثل الولايات المتحدة عام 2001 لاكبر اعتداء ارهابي في التاريخ ؟ الأمر الذي يجعلنا نؤكد أن عامل الاستقرار الداخلي لا يعني تجنب ظاهرة الإرهاب حيث إن واقعة الحادي عشر من سبتمبر تشير الى أن الإرهاب قد وظفته الولايات المتحدة لتحقيق اهداف سياستها الخارجية خاصة في منطقة الشرق الاوسط بخلق كيانات إرهابية معادية لخصومها انذاك في العالم ومنها تنظيم القاعدة الذي يعد صناعة امريكية منذ العام 1979 عندما قررت روسيا – الاتحاد السوفيتي في ذلك الحين - غزو افغانستان لكن الإرهاب انقلب على صانعيه وهناك حالة مصرية شبيهة في السبيعنات واوائل الثمانينات من القرن الماضي عندما استخدم الرئيس أنور السادات عليه رحمة الله الاسلام السياسي لصالحه ثم انقلب عليه باغتياله في 6 اكتوبر 1981 .
وليس غريبا في العقود الثلاثة الاخيرة ان يرتبط الإرهاب بالاسلام السياسي لان هذا رد فعل امريكي للنظام العالمي الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة او ما يعرف بالقطبية الثنائية حيث إن طبيعة السياسة الأمريكية على مستوى العلاقات الدولية تسعى دائما الى وجود خصم لها وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن أمام أمريكا التي أصبحت القطب الواحد غير العالم الاسلامي واستغلت المغالاة حتى التطرف عند البعض في تشكيل مدخل لتكوين الخصم البديل !!
وفجأة وجدنا أصابع الإتهام توجه الى المسلمين في العالم وجاء هذا التوجه متسقا مع تنامي ظاهرة العنف ما ادى الى نشوء ظاهرة الارهاب .
وربط البعض بين ظاهرة الإرهاب والفقر وان غالبا ما تخرج الأعمال الأرهابية من رحم التدني الاجتماعي والعوز الاقتصادي ورغم وجاهة هذا الرأي إلا أن الإرهاب كان يطول دائما دولا غنية اكثر من الدول الفقيرة وبالتالي نفرق بين كون الفقر والجهل والمرض بيئة خصبة لتنامي الفكر الارهابي وبين أن العمليات الارهابية قد تكون موجهة لغير المناطق الفقيرة وهذه ايضا ليست قاعدة عامة يقاس عليها .
إن الفراغ والبطالة من جهة وكثرة المال من جهة اخرى قد يؤدي الى العنف المجتمعي وبالتالي الإرهاب الايديولوجي بمعنى التطرف يجد الفرصة مواتية لتناميه ولهذا تأتي اهمية الجانب الاجتماعي في تناول الظاهرة حيث تعتبر المناطق المهمشة والنائية البيئة الأكثر مناسبة في إعمال الفكر الارهابي حيث يصبح التطرف الفكري والتهميش الاجتماعي وجهين لعملة واحدة هي ظاهرة الارهاب .
وهنا يبرز الجانب الفكري المتعلق بالايديولوجيا فمن الطبيعي في ظل الفراغ الاجتماعي والاقتصادي ان تظهر أفكار تملأ هذا الفراغ وغالبا ما تكون أفكارا متطرفة واذا اقترنت بالعنف تصبح مقدمة طبيعية للإرهاب .
مما تقدم يصبح التعاطي مع ظاهرة الارهاب مسئولية مجتمعية بالدرجة الاولى ويعتبر التعاطي الأمني معها هو جانبها الأخير معنى ذلك ان الأسرة - الخلية الاولى في المجتمع – هي التي تؤدي الدور الاهم سواء في تنامي الظاهرة أو منع انتشارها وعلى نفس المستوى تأتي أدوار المدرسة والمسجد والكنيسة والنادي ومنظمات المجتمع المدني .
ولا يجب أن نغفل دور الإعلام بكل وسائطه في تشجيع الإرهاب او التصدي له والمساعدة في تجفيف منابعه وفي مقال قادم سنحاول إلقاء الضوء على دور الإعلام في مواجهة ظاهرة الإرهاب الذي لا دين له ولا وطن !!