رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مجددون ابتعدوا عن الذاكرة (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا كانت الكتابة في تجديد الفكر الديني تستهدف اقامة منحوتات تسعي بنا نحو اضاءة الحاضر والمستقبل فإن المجتمع المصري الذي اعتاد علي رؤية منحوتات جرانتينية صامدة منذ اجدادنا الفراعين قد حول المنحوتات الفكرية لمفكرينا العظام في مجال التجديد إلي رماد تناثر بعيدا عن الذاكرة فيكاد يمضي بلا أثر ولا تأثير، بما يدفعنا ومن جديد أن نحمل معاول التنقيب لنجد ما لو وعيناه وتأثرنا به لتغيرت عقولنا.. ولأصبحنا افضل علما وأكثر عقلا، ونمضي وسريعا مع أمثلة تستحق التأمل.
• الشيخ طنطاوي جوهري (1870-1904) يكتب رافضا اي اعتراض علي نظرية أصل الانواع مؤكدا أن آراء داروين عن التطور لا تتنافي مع تعاليم الاسلام، وعلي المسلمين تعلم التشريح والطبيعيات والكيمياء والعلوم العصرية الأخري، ودراسة الحيوانات والنبات والانسان فهذه الدراسات هي اسمي مظهر لعبادة الله، وهي اشرف عطاء للدنيا والدين، فهي اشرف من صلاة زائدة أو احسان إلي مسكين".
• عبد القادر افندي حمزة : يكتب "لا بد من تحرير العقول وضرورة الخروج من العصر الذي نستسلم فيه لماضينا اذا كنا لا نريد أن نظل جهلاء وضعفاء كما هو حالنا الآن وكما كنا سالفا" ويجب أن ندرك "ان القرآن لا يتضمن سوي قوانين عامة لكل الناس، وأن لكل أمة حق التصرف انطلاقا من الحكمة المتضمنة في هذه القوانين وان تختار منها ما يتماشي مع الزمان والمكان دون أن تقيد العقل بأي قيد سوي البقاء في حدود الايمان" (المقتطف – مجموعة 1904).
• وإذ نتذكر قاسم بك أمين فإننا لا نذكر له او عنه إلا دعوته لتحرير المرأة. وننسي انه أول مصري افصح وبوضوح عن اهمية التجديد الفكري والاجتماعي وفقا للنسق الغربي "فالعقل هو القادر وحده علي تقديم علاجات تطبيقية لامراض المجتمع وقضاياه الاساسية بعيدا عن المفاهيم الجامدة" ويعلي قاسم أمين من شأن الصراع المجتمعي في تشابكات العلاقات الاجتماعية، "ذلك أن بقاء المجتمع وتقدمه لا يعتمد علي الاخلاق أو الدين بل علي اهليته للمشاركة في ذلك الصراع" ويقول "أن العلم هو الاساس الشرعي الوحيد للحقيقة، وأن المنفعة هي المحك الشرعي الوحيد للقيمة فالخير بالنسبة للمجتمع هو خير عملي ومادي ولا يمت للروحانية بأية صلة" (تحرير المرأة- ص94) ويقول "أن مصر أمام طريقين: العودة إلي تقاليد المجتمع الاسلامي القديم أو محاكاة اوربا، وقد إختارت الطريق الثاني ومضت بعيدا فيه حتي ليصعب عليها الارتداد عنه، ان مصر تتحول إلي بلد اوروبي بطريقة تثير الدهشة فقد أخذت إدارتها وابنيتها وشوارعها وعاداتها ولغتها وذوقها وغذاؤها وثيابها تتسم كلها بطابع اوربي" أما نسق التمدن الاسلامي "فقد استنفد اغراضه حضاريا وانتفعت به الانسانية في ازمنته ، ولكن كثيرا من ظواهر هذا التمدن لا يمكن أن يدخل في نظام معيشتنا الاجتماعية الحالية، واذ نلتفت اليه ونرجع اليه فيجب الا ننسخ منه صورة او نحتذي مثال ما كان، بل لكي نزن ذلك التمدن بميزان العقول ونتدبر في اسباب ارتقاء الامة الاسلامية واسباب انحطاطها، فتمسكنا بما كان في الماضي هو من الاهواء التي يجب محاربتها لأنه يجرنا إلي التدني والتقهقر. انه داء يجب علاجه بأن نعلم ابناءنا المدنية الغربية واصولها وآثارها" (الاعمال الكاملة – ج5-ص203).
.. ونمضي مع ذاكرة التجديد التي نسيناها.