الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة سبورت

استاد ناصر.. لعب وجد ونضال "ملف"

 «استاد ناصر»
«استاد ناصر»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل إنشاء «استاد ناصر» كان قطبا الكرة المصرية الأهلى والزمالك، يحظيان بشعبية جارفة كما هما الآن، وكانت الرياضة تعد الطريق الأقصر أمام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لقيادة القارة الإفريقية، من أجل زيادة شعبيته بالتقرب الدائم لها إضافة إلى نجاحه فى استغلال شعبية الأهلى والزمالك فى مصر لتسليح الجيش المصري، اللذين أعلنا تخصيص دخل مباراتيهما فى دورى ١٩٥٥- ١٩٥٦ لصالح دعم تسليح الجيش.
ففى ٢١ أكتوبر ١٩٥٥ حضر عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة، المباراة التى جمعت القطبين على استاد النادى الأهلي، وحضرها ٢٠ ألف مشجع، وانتهت بالتعادل ٢/٢، وتمت المساهمة لمصلحة الجيش بـ١٢١٦ جنيها مصريا.
ظل عبدالناصر طوال حياته يرفض إعلان انتمائه الكروى لأحد القطبين، حتى أعلن منير حافظ الرجل الثانى فى مكتبه بعد سامى شرف، أن ناصر وأبناءه كانوا يشجعون الأهلى بجنون وكانت علامات الحزن تظهر على الأسرة مع كل خسارة للأهلي، وكان يتعامل مع القطبين بحيادية ووقف معهما فى الأزمات التى مر بها كل فريق.
حيث يعود الفضل لجمال عبدالناصر فى وجود مقر نادى الزمالك الجديد بميت عقبة، ففى عام ١٩٥٧ قررت وزارة الأوقاف نقل النادى مع الترسانة والتوفيقية للمقر الحالى بميت عقبة، إلا أن بعض العثرات كادت تطيح بالنادى بسبب قلة مساحة الأرض الممنوحة للزمالك.
تدخل عبدالناصر واستدعى سعدالدين متولى كبير الياوران ونائب رئيس الزمالك، وبحث الأزمة معه، ليكلف بعدها أحمد الباقورى وزير الأوقاف لإنهاء الأزمة، ومنح النادى قطعة أرض أكبر، مع مساعدتهم فى الإنشاءات، ليتم تذليل كافة العقبات أمام الزمالك، ويستفيد فيما بعد من الموقع والمساحة التى استغل وجهاتها فى المحلات التجارية.
ومع الأهلى حصل على الرئاسة الشرفية بعد أن زار مقر النادى عام ١٩٥٦، وأقام النادى احتفالا له ومنحه الرئاسة الشرفية للنادي، والذى قبلها الزعيم المصرى وقتها تكريما للأهلى على مواقفه من الثورة، وزار عبدالناصر النادى عددا من المرات عقب ذلك.

استاد وبطولات
افتتح استاد ناصر يوم ٢٤ يوليو ١٩٦٠، فى الذكرى الثامنة لثورة يوليو الثامنة، بحضور الرئيس عبدالناصر وعدد من رؤساء الدول العربية والدول الشقيقة المساندة للجمهورية العربية المتحدة فى ذلك الوقت. 
وألقى كمال الدين حسين رئيس المجلس الأعلى لرعاية الشباب كلمة على هامش الافتتاح قال فيها: لقد قودت يا جمال جموع شعبنا الزاحف على طريق النصر وكان للشباب فى هذه الجموع موكب قوى منتصر وهو مصصم أن يبقى موكبه قويا منتصرا على هذا الطريق، وكانت أمواج زحفنا المقدس تتوالى موجة إثر موجة وكان للشباب فيها موجة عالية تدفع مجد الثورة للوصول إلى غايتها".
وسلم الرئيس عبدالناصر العلم الخاص باستاد ناصر إلى محمد أبونصير وزير العدل، الذى سلمه بدوره إلى مدير المدينة الرياضية.
وأعلن عبدالناصر افتتاح استاد القاهرة وقال خلال كلمته اليوم بعد ٨ سنوات من قيام الثورة استطعنا أن نسير فى مرحلة الانطلاق التى تعتبر أصعب مرحلة فى أى دولة تعمل من أجل بناء نفسها، وبدأنا المرحلة الثانية التى تعتبر أسهل من المرحلة الماضية وهى مرحلة وضع الأساس، وقد تم وضع الأساس بفضل وحدتكم وتصميمكم على حماية هذه الثورة وحماية أهدافها.
وكان الخطاب سياسيا بالدرجة الأولى تحدث خلاله عن تفوق مصر على الغرب ودحرهم لكافة الأعداء بالإضافة لاستطاعتهم البناء وتعمير البلاد.
وجاءت أبرز المقتطفات فى افتتاح الاستاد بقول عبدالناصر «باسم الله نفتتح جميعًا هذا الملعب، ونشعر بالحمد فى عيد الثورة الثامن، الحمد لله الذى أعاننا على أن نسير فى طريقنا لنبنى هذا البلد كما نريد، الحمد لله الذى أعاننا على أن ننتصر على أعداء الوطن مهما كانت قوتهم، ومهما كانت أساطيلهم، ومهما كانت جيوشهم، الحمد لله الذى أعاننا فى كفاحنا من أجل بناء بلدنا، ومكننا من الفرصة التى نجتمع فيها اليوم لنحتفل جميعًا بهذا العمل الكبير».
وبدأ بعد ذلك طابور العرض، بعرض لسيارات رمسيس المصنوعة بالجمهورية العربية المتحدة، بأيدى العمال العرب، ومرت بعد ذلك مجموعة من الدراجات نصر العربية، وهو حدث صناعى جديد فى العهد الجديد، ثم صارت مجموعات الشباب بأعلامها.
كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يفكر فى التمدد والتوغل فى إفريقيا عبر كرة القدم، لذا تبنى فكرة إنشاء أول اتحاد إفريقى لكرة القدم عام ١٩٥٦، وطالب بإقامة بطولة تجمع المنتخبات الإفريقية وهو ما تم عام ١٩٥٧ بإقامة أول بطولة لأمم إفريقيا، والتى جمعت منتخبات مصر والسودان وإثيوبيا.
وكان من المفترض إقامة البطولة فى مصر لأنها صاحبة الفكرة، إلا أن جمال عبدالناصر اقترح على القائمين على الاتحاد الإفريقى إقامة البطولة بالسودان، على أن تقام الثانية بمصر بعدها بعامين، فعبدالناصر كان يحتاج البطولة سياسيا ولم يهمه الفوز بها، ورغم ذلك فازت مصر باللقبين.
فازت مصر فى عهده بالبطولة الأولى والثانية التى أقيمت بالقاهرة، ثم تراجع أداء المنتخب المصرى إلا أنه استطاع التأهل لأوليمبياد طوكيو ١٩٦٤ وحصد المنتخب المصرى وقتها المركز الرابع بالبطولة.
ولم تقتصر اهتمامات عبدالناصر على كرة القدم فقط ولكن شملت جميع الرياضات حيث كان يرى أن الرياضة هى القوى الناعمة التى تحتاجها مصر فى الظروف التى كانت تمر بها فى هذه المرحلة.
ففى عهد عبدالناصر شاركت مصر فى ٤ دورات أوليمبية أعوام ١٩٥٦ بملبورن الأسترالية، و١٩٦٠ بروما و١٩٦٤ بطوكيو، بجانب ١٩٦٨ بمكسيكو سيتي، وحصلت مصر معه على ميداليتين إحداهما فضية والأخرى برونزية فى أوليمبياد روما.
لم تشارك مصر فى دورة ملبورن ٥٦ خاصة أنها جاءت مع العدوان الثلاثى على مصر مما دفع كل الدول العربية إلى الانسحاب من البطولة اعتراضا على العدوان على مصر.
ورغم النكسة، أصرت مصر بقيادة عبدالناصر فى المشاركة فى دورة الألعاب بمكسيكو سيتي، فى سبعة ألعاب، كنوع من رفع الروح المعنوية للشعب المتأثر بالنكسة والتأكيد على عدم كسر إرادة المصريين.
ونجح عبدالناصر فى إبعاد الكيان الصهيونى إسرائيل من المشاركة فى التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، حيث بدأ أول صدام بعدما تأهلت مصر والسودان للدور الثانى من التصفيات ووقعتا فى التصفيات المزدوجة لآسيا وإفريقيا المؤهلة للملحق النهائى المؤهل لكأس العالم ٥٨، ووقع المنتخبان بجانب إسرائيل وإندونيسيا فى مجموعة واحدة.
انسحبت مصر والسودان وإندونيسيا،اعتراضا على مشاركة الكيان الصهيوني، وتأهلت إسرائيل للملحق المؤهل للمونديال وخسرته أمام ويلز ٢/٠ فى الذهاب وتكررت النتيجة فى العودة.
بعد ذلك نجحت الضغوط المصرية من قبل عبدالناصر، فى استبعاد إسرائيل من التصفيات المزدوجة لإفريقيا وآسيا المؤهلة إلى كأس العالم.

«عبدالناصر» جند كرة القدم لخدمة السياسة.. وصاحب فكرة إقامة «كاف» والبطولة الإفريقية
«الشغف بالرياضة، خاصة كرة القدم التى تحظى بشعبية واسعة فى كل أنحاء العالم لايقتصر على الجماهير، بل يغمر الرؤساء الذين يرون فيها فرصة نادرة لتوسيع شعبيتهم وتحقيق أهدافهم ومراميهم السياسية، وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من أوائل الرؤساء الذين امتلكوا رؤية شاملة لأهمية الرياضة؛ لأن دورها ليس فقط محصورا فى مقولة «العقل السليم فى الجسم السليم»، بل أيضا فى دورها السياسى، والاجتماعى، فعمل على تنميتها وإنشاء أول استاد فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وهو «استاد ناصر» الذى يحمل الآن اسم استاد القاهرة. 
استدعى ناصر لتصميمه المهندس المعمارى الألمانى «فيرنر مارش»،وهو نفس المهندس الذى قام بتصميم الاستاد الأوليمبى فى برلين،الذى استضاف دورة الألعاب الأوليمبية فى سنة 1936، وقد اكتمل بناء استاد ناصر عام 1960 وافتتحه الرئيس عبدالناصر فى احتفالات ثورة يوليو فى نفس العام.