رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهيل سعود يكتب.. لمن أرض الموعد؟ "1"

القس سهيل سعود
القس سهيل سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لمن أرض الموعد»، هو عنوان كتاب للقس الإنجيلى الإنجليزى، الدكتور كولين تشابمن، الذى عاش فى منطقة الشرق الأوسط لمدة ١٦ سنة، وعاين آلام وعذابات ومآسى الشعب الفلسطينى الذى طرد من بلاده. وقد حاول البعض تبرير ذلك، على أنها إرادة الله، أن يرجع شعبه إلى الأرض التى وعدهم بها منذ القديم. فقد كتب القس تشابمن كتابه عام ١٩٨٣، ثم عاد وراجعه فى عام ٢٠١٢. فالقس تشابمن يذكر فى كتابه أن مسألة فلسطين ليست موضوعا يرتبط بفكرة وعد الله لليهود بأن يعطيهم أرض الموعد لامتلاكها إلى الأبد، وتحقيق الله لوعده القديم، وإنما هى مسألة إنسانية وسياسية كبيرة، تظهر سيادة الظلم من قبل الإسرائيليين، وزوال العدالة وحقوق الإنسان. ويقدم الكاتب تشابمن، من دراسته للعهد الجديد، ولنظرة يسوع المسيح ورسل الكنيسة تفسيرا جديدا للوعد القديم بأرض الموعد، وهذا التفسير يشير إلى أن أرض الموعد ليست قطعة أرض جغرافية موجودة فى فلسطين، وإنما تشير إلى ميراث روحى محفوظ فى السموات لأولاده المؤمنين، كما قال الرسول بطرس: «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذى حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حى بقيامة المسيح من الأموات، لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ فى السموات لأجلكم» (١ بطرس ١: ٣-٥). 
لهذا يجب التعاطى مع هذه المسألة، ليس على طريقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى يصرّح مؤخرا بأن القدس هى عاصمة نهائية لإسرائيل، بل يجب التعاطى مع قضية الظلم هذه، بشكل إنسانى وسياسى يحفظ حقوق الشعب الفلسطينى. فالخطية فى مفهومها اللاهوتى ليست فقط خطية فردية، كالكذب والسرقة والغش وغيرها، وإنما هى أيضا خطية الجماعة المتجسدة فى الظلم والقهر والاستعباد التى نراها فى أبشع تجلياتها فى الأحداث العسكرية والسياسية فى فلسطين المحتلة. فالله يرفض الظلم بكل أشكاله. والنبى ميخا أخبر الشعب اليهودى وأخبرنا، بماذا يطلبه منا الرب، قائلا «قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب، إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع إلهك» (ميخا ٦: ٨). فصنع الحق ومحبة الرحمة والسلوك بتواضع مع الله، هو مطلب الله من كل محبيه. 
ولتبيان ذلك، لا بد من مقاربة موضوع الوعد القديم بأرض الموعد، بالعودة إلى كتاب العهد القديم. ومن ثم التوقّف لنرى نظرة كتّاب العهد الجديد إلى الموضوع، وأهمية تفسير وعد العهد القديم، على ضوء العهد الجديد الذى يفسّر ويوضّح كل نبوءات العهد القديم، لنرى كيف تحقّق الوعد القديم من خلال قيامة يسوع من الموت وتعاليمه بملكوت الله. وكيف أن الرسل فسّروا الوعد بالأرض، بالميراث المحفوظ فى السماء والوطن السماوى الأفضل، بدلا من مملكة أرضية، فى أرض كنعان على قطعة جغرافية معينة فى فلسطين.
وان قراءة عدد كبير من النبوءات وغيرها بطريقة حرفية، من قبل بعض يهود اليوم، وبعض المسيحيين فى الغرب، أعطاهم مبررا يبرّرون فيه غزو الاسرائيليين أرض الموعد، واقامة دولة يهودية فى فلسطين عام ١٩٤٨، واستمرار الظلم الذى لا يزال يلحق يوميا بالفلسطينيين، كونهم يعتبرون امتلاك الأرض حقا إلهيا مقدسا، دون أن يستوقفهم بأن يسوع المسيح، ورسل العهد الجديد، أعادوا تفسير هذا الوعد تفسيرا جديدا. وبالتالى، انطلاقا من تفسيرهم الجديد، لا يمكن ومن غير الجائز، تفسير نصوص الوعد القديم بالأرض، تفسيرا حرفيا، دون الأخذ بعين الاعتبار، تفسير المسيح والرسل المفسرين الأوائل، الذين لديهم السلطة العليا، فى تفسير نصوص نبوءات العهد القديم، لا سيما نبوءة الوعد بالأرض.