الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من يدافع عن صحة الإنسان المصري وأمنه الغذائي ؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هذا السؤال يطرح نفسه بكل قوة عقب كشف فضيحة عرض شركة بسكو مصر للبيع، واستمرار الفاسدين في العبث بغذاء الشعب المصري مقابل حفنة من الأموال، ولا تهمهم الأمراض التي تصيب جسده، وكنا نأمل أن يكون قد وضع حد لهذا العبث عقب قيامنا بثورتين ضد الفساد، والمفسدين، وخاصة عقب انتشار أمراض الفشل الكلوي، والسرطان بسبب المبيدات المسرطنة، واستخدام المواد الحافظة، والمعالجة وراثيا، ومن الواضح أن الطريق أمامنا شاق وطويل.
وقصة بيع بسكو مصر هى مكررة للعديد من الشركات الناجحة التي تم بيعها بسبب الخصخصة كشركة المراجل التجارية، وغيرها من الشركات الأخرى التي تم بناؤها من عرق، ودم الشعب المصري في ليلة وضحاها بتصفيتها ثم بيعها على المحاسيب بأرخص الأسعار حتى تتحول أراضيها لسكن فاخر، ومنتجعات سياحية أما المعدات فتم بيعها خردة، وبالرغم من أن بعض هذه الشركات كان تشكل إحدى الصناعات الاستراتيجية والهامة للأمن القومي المصري.
شركة بسكو مصر أسسها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في عام 1957، عقب عملية تمصير الشركات الأجنبية التي شاركت دولها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وهى شركة مصرية 100%، وتمتلك ثلاث مصانع بخلاف 80 ألف متر مربع أراضي تمتلكها بمنطقة السيوف بالإسكندرية، ولهم 36 منفذا للبيع، وتنتج أصناف الحلويات، والمخبوزات التي تدخل منتجاتها أغلبية البيوت المصرية؛ لأن أسعارها في متناول الجميع، وعدد العاملين بها 4000 (أربعة ألاف عامل، عاملة).
ووصل إليها قطار الخصخصة في أواخر 2005 لتتحول إلى شركة مساهمة لا تتجاوز حصة الدولة فيها عن 20% من إجمالي الأسهم أما الباقي فتمتلكه المؤسسات المالية المتمثلة في صناديق استثمار، وبنوك، وشركات تأمين، ومن خلال الجمعية العمومية التي انعقدت في مارس 2010 تم إدخالها لعالم الاستثمار، حيث أضيف لنشاطها شراء، وبيع، وتأجير العقارات في المدن، والمجتمعات الجديدة، ويتم تصدير منتجاتها لكل الدول العربية، وأمريكا الشمالية، وأستراليا، وأوروبا، وحققت صافي ربح في العام الماضي 62 مليون جنيه، وقامت بتجديد أغلبية خطوط الإنتاج، ومع ذلك كله قام السادة المساهمين بعرضها للبيع بالرغم من أنها شركة ناجحة، وتحقق أرباح، ولا تعاني من أي مشاكل الأمر الذي يؤكد بأن البيع بغرض تحقيق مزيد من الربح بصرف النظر عن أي قيم وطنية، ويتنافس على شرائها شركتان هما شركة أبراج الإماراتية، وشركة كلوجز الأمريكية، والأخيرة شركة متعددة الجنسيات أغلبية المساهمين فيها إسرائيليين حيث يمتلكون الحصة الأكبر من أسهمها، ومعروف عن هذه الشركة أن منتجاتها مسرطنة بسبب الذرة التي تستخدمها في إنتاج الرقائق والحبوب حيث يتم تعديلها وراثيا هذا بخلاف المواد الكيميائية والحافظة، الأمر الذي أدى إلى قيام الاتحاد الأوروبي بمنع دخول منتجاتها للسوق الأوروبية.
وهذه الشركة هى التي تسعى حسيسا من أجل الفوز بشراء شركة بسكو مصر من خلال الاستحواذ على 100% من أسهمها مقابل 900 مليون جنيه وحتى تعوض حرمانها من دخول أسواق دول الاتحاد الأوروبي، وإعادة السيطرة على السوق اعتماد على السمعة التجارية لشركة بسكو مصر، وكادت عملية البيع أن تتم لولا أن عقد الشركة قد تضمن بعض البنود التي تضر بالعمال، وإنتاج الشركة حيث تضمن عقد البيع يبدأ يعطي للشركة المشترية الاستغناء عن العاملين بعد 12 شهرا من توقيع العقد، وآخر يعطي أيضا حق بيع أصول الشركة بانقضاء ذات المدة الأمر الذي دفع العمال إلى الاعتصام في المقر الرئيسي للشركة بالأميرية، وتنظيم وقفة احتجاجية، وكان من أهم الشعارات التي رفعها العمال "بسكو مصر بتاعتة مصر" ويشير هذا الشعار إلى الروح الوطنية التي تتحلى بها الطبقة العاملة عكس السادة الرأسماليين المستثمرين وبسبب هذا الاعتصام، والقفة الاحتجاجية تحركت كافة الأجهزة المعنية سواء وزارة القوى العاملة أو الجهات الأمنية، ونجحوا في فض الاعتصام، واستأنف داخل الشركة، واعتبار يوم الاعتصام إجازة اعتيادية مدفوعة الأجر.
كما أصدرت وزارة القوى العاملة منشورا لشركة بسكو مصر بعدم بيع الشركة، والاحتفاظ بجميع العاملين الأمر الذي أدى إلى مسارعة الشركتين إلى إرسال خطابا بالتزامهما بحقوق العاملين دون قيد أو شرط.
ومازال العرض قائما، حيث صرح مدير إدارة علاقات المستثمرين وعضو مجلس الإدارة المنتدب بأن قانون سوق المال رقم 5 لسنة 1992 يمنع الادلاء بأي معلومات أو أحاديث صحفية بقصد أو بدون قصد خلال فترة الاستحواذ من 12/7/2014 وحتى الآن، ولحين الانتهاء من عملية البيع وإرساء البيع على إحدى الشركتين الأمريكية أو الإماراتية حتى لا تتعرض الشركة للغرامة المالية التي تقدر بمائة ألف جنيها، وكذلك منع هيئة الرقابة المالية عن التحدث حتى لا تتهم بالتحيز لإحدى الشركتين بالرغم من البلاغات العديدة التي قدمت للسيد المستشار النائب العام، ويتبقى السؤال محل العنوان.
اذا كانت وزارة القوى العاملة تدخلت من أجل العمال، والأجهزة الأمنية تدخلت من أجل حفظ الأمن بإنهاء الاعتصام، فأين الجهة المعنية بصحة وسلامة الإنسان المصري، وأمنه الغذائي، ومنع تعرضه للأمراض المسرطنة فاذا لم تستطيع وقف هذا البيع بسبب شراهة رأس المال، أو قيام أحد رجال الأعمال الوطنية بشرائها أو حتى رسو البيع على الشركة الإماراتية "شركة أبراج" بدلا من الإسرائيليين.
ألا توجد جهة ما تتدخل لتعديل بنود العقد بضمان استمرار إنتاج الشركة بذات المواصفات، وحظر استخدام الذرة المعدلة وراثيا، والمواد الكيميائية، والحافظة المسببة للسرطان، ونأمل في التحرك السريع وقبل فوات الآوان، ولعن الله الفاسدين والمفسدين، ولابد من فتح ملف بيع، وتصفية وتدمير شركات القطاع العام تحت مسمى الخصخصة حتى نضمن عدم تكرار هذه الجريمة، ورد الأموال التي تم نهبها، ومحاكمة المسئولين عن هذا كما لابد من تفعيل المادة 79 من الدستور والتي تنص على ( لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلزم الدولة بتأمين المواد الغذائية للمواطنين كافة، كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي، وأضاف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال).
والله ولي التوفيق