الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تصنع من رجل طيب.. طاغية؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السؤال الصعب فوق كل لسان.. هل سيكون السيسى أقوى من الكرسى؟! على حد علمى لم يحدث فى التاريخ إلا فى ما ندر من معجزات قليلة أن غلب حاكم غرور الكرسى وسطوته، وكلهم قالوها فى بداية عهودهم.. «الحكم تكليف لا تشريف». ومبارك زاد عليها بأن «الكفن ليس له جيوب»، ومرسى قال «أنا خادم الشعب.. إذا أحسنت فأعينونى وإذا أخطأت فقومونى»، وعندما أردنا أن نقوّمه رفض، ولما قلنا له ارحل، رفض، وهدّد هو وأهله وعشيرته بحرق البلد! فما الذى سيجعل من السيسى أفضل من هؤلاء جميعًا؟! ما الذى سيعدله إذا مال، ومن يحاسبه إذا أخطأ؟!.. بصراحة.. لا أحد!
خبرتنا مع حكامنا وتجاربنا المريرة تقول لا شىء يمنعه وإذا قلت الدستور والقانون فهو يستطيع أن يغير القانون ويعدل الدستور، ألم يفعلها السادات عندما غير الدستور ليحكم مدى الحياة؟! ألم يرد على الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين عندما نبهه بأن الدستور المصرى يحظر قيام الأحزاب بقوله «دستور إيه يا أحمد.. إن أمثالنا هم مَن يكتبون الدساتير!». ألم يشطب الإخوان هوية مصر من الدستور فى ليلة سوداء وحولوها إلى دولة دينية عنصرية تكره كل من يخالفهم فى العقيدة والمذهب؟ فمن الذى يمكن أن يكبح جماح الرئيس الجديد ويغل يده عن البطش بالقانون والدستور وبمعارضيه وقتما شاء؟!
الإجابة قول واحد «حاشيته».. معاونوه ومستشاروه ومرجعيته والمقربون القريبون من أذنه الذين يرتاح ويطمئن لهم والقادرون على الوصول إليه أسهل وأسرع من غيرهم!
وقبل أن أسجّل بعض الانطباعات والمخاوف الشخصية المبكرة عن المشير السيسى، أقول بداية إنى أعطيته صوتى لأن مصر لا تملك فى هذه اللحظة الصعبة رفاهية المغامرة والمقامرة بأوراق محروقة تجاوزها العصر.. ولا يمكن لها أن تختار الرقص على الحبال بينما نار الإرهاب ومؤامرات الإخوان تحرق البلد! نعم أعطيت السيسى صوتى، ولكنى لم أسلمه روحى وضميرى ولم أعطه شيكًا على بياض ليفعل بنا ما يشاء، وأعطيته صوتى لكى أهاجمه وأحاسبه ولكى أكتب له هذا المقال وأحذره من الوقوع فى شرك غواية السلطة ومن الإحساس الطاووسى بالغرور الذى يصيب الحكام فى مقتل، خاصة إذا جاؤوا من مؤسسة قوية تعوّدت أن تأمر فتطاع، وأظن أن من حقى الآن بعد أن أعطيته صوتى وهو أغلى ما يملكه مواطن فى بلده، أن أطالبه بحسن اختيار طاقمه ومستشاريه لأنهم فى الحقيقة هم من يملكون فى أيديهم مفاتيح القصر ويقفون على بواباته ويستطيعون لو أرادوا منع صوت الشعب من الوصول إليه!
وأقول له احذر من نفاقهم ولا تحيط نفسك بجوعى السلطة المشتاقين وسدنة كل عصر وحملة المباخر فى مواكب كل سلطان. ويخطئ الرئيس إذا كان لا يعرف أنه يحكم شعبًا ذكيًّا ويرتكب خطيئة إذا كان يظن أننا سوف ننسى مواكب نفاق جوقة المنافقين والمخبرين الذين تركهم يرتعون على الشاشات يوزعون صكوك الخيانة والوطنية على الناس، ويخطئ إذا لم يوقف هذه المهزلة ويمنعهم من الحديث باسمه، ويخطئ إذا استمر في الاستعانة بوجوه نظام مبارك الفاشلة ممن كانوا فى حملته، هؤلاء لن يكتفوا بلعب الأدوار الصغيرة ولن يرتاحوا إلا إذا نشروا أجنحتهم كالخفافيش والغربان فوق البلد كلها.
سيدى الرئيس.. اعلم أن مَن سيقول لك يومًا إن «البلد بلدنا.. والدفاتر دفاترنا» سوف يغرقك، واعلم أنك ستكون هدفًا للعباقرة صناع الطغاة وأن صناعة ديكتاتور أسهل لهم كثيرًا من العمل فى قصر حاكم عادل.
سيدى الرئيس.. أرجوك.. كلما أحاطوا بك انظر للقفص الحديدى فى أكاديمة الشرطة.. يتعاقب عليه الآن رئيسان.. أحدهما قال ثم نسى ذات يوم.. الكفن مالوش جيوب!
نقلًا عن جريدة "الوطن".