السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أسطوات المهنة| «الحَمَّارة» مقدرش على الحمار اتشطر على البردعة (2)

الحمّارين والعربجية
الحمّارين والعربجية زمان - صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الكتبة والمادحون وشيوخ الطوائف والبناؤون والنحاسون، وغيرهم الكثير من المهن التي اشتهرت في مصر خلال العصرين العثماني والفاطمي والذي سجلت الجدران والمساجد ابداعاتهم التي ظلت راسخة ومنقوشة عبر مئات السنين.

وتأخذكم «البوابة» في رحلة طوال شهر رمضان المبارك؛ للحديث حول تلك المهن وشيوخها وأسطواتها التي اشتهرت في مصر والعالم العربي، والتي لا يزال الكثير منها موجود حتى عصرنا الحالي ومنها من اندثرت وأصبحت تراثا تشهد به جدران المساجد والقصور. 

وعلى مدار الشهر الكريم نقدم لكم حرفة من الحرف التي اشتهرت في تلك الفترة واقفين أمام إبداعات فنانيها وقوانيها التي كانت تتوارث جيلا بعد جيل، وحكايات المعلم والصبي والأسطى الذي كان يعتبر رب المهنة.

تعرضنا في الحلقة السابقة كيف كان الركاب في القاهرة بمطلع القرن التاسع عشر، وكيف كان شكل الركاب الخاص السيدات والشيوخ والعلماء وأبناء الطبقة العليا، وكان "العربجية" من أبناء طائفة الحمارين، وكانوا لهم أهمية كبرى.

وتقول بعض المصادر التاريخية إنه كان من بين "العربجية" بعض الأجانب، الذين امتهنوا تلك المهنة، وكانوا يركبون العربة "الكارو" وهي عربة خشبية من عجلتين أو أربع عجلات، ويجرها حمار أو حصان.

وكانت تستخدم في نقل البضائع، وهي لا تزال موجودة حتى وقتنا الراهن وتستخدم في نقل الخضراوات والفاكهة في بعض القرى وبعض المناطق العشوائية وفي الأسواق القديمة، والعجيب أن البعض كانوا يعتقدون أن كلمة كارو هي كلمة إيطالية، ولكنها كلمة عربية.

مصادر تاريخية تقول إن بعض الأجانب كانوا من بين "العربجية"

وكانت العربات الكارو تملأ شوارع المحروسة، فقد ظلت وسائل النقل تعتمد على الحمير والبغال وعربات الكارو وكانت من وسائل النقل حتى ظهور الترام في عام 1896، وكان ظهور الترام يسبب مخاوف كبيرة لطائفة الحمارين والعربجية، وحاربوه فترة طويلة.

وكان بعضهم يطلق عليه "العفريت"، وتشير المصادر التاريخية إلى أن القاهرة في هذا لعام بدأت في الاحتفال بتسيير عربات الترام في القاهرة وكان أجر الركوب ستة مليمات للدرجة الأولى وأربعة مليمات للثانية.

وكثر حول الترام الكثير من الحكايات التي أطلقتها طائفة العربجية والحمارين خوفًا من أن ظهور الترام على مصالحهم، وخشية أن يعطل أعمالهم ويسرق زبائنهم، كما ظهرت الشائعات حول الترام وأنه سيصيب الركاب من النساء بالعقم وعدم القدرة على الإنجاب أو الحمل.

وقد استمر محاربة العربجية والحمارين للترام فترة طويلة، حتى توارت المهنة واندثرت بأحياء القاهرة مع تطور وسائل المواصلات الحديثة، وحل الترام والعربات محل الحمير لنقل الركاب، لكن الحمار ظل صديقًا للفلاحين ومعاونتهم في نقل المحصول نظرًا لتحمله حمل المزيد من الغلة، لقدرته على المرور في الطرق غير الممهدة، وقدرته على معرفة الطريق. 

الحمار والطريق

على الرغم من أن بعض الصفات قد التصقت بالحمير وأنها حيوانات غبية لا تعرف شيئًا وربما تحمل كنوزًا لكنها لا تعرف قيمتها ولكن الحقيقة أن هذا التشبيه ظالم للحمير فهي من أذكى المخلوقات بل عرفها الكثير بأنها بـ " بذاكرة الأمكنة".

فالحمير تتذكر الأماكن بشكل جيد ولديها قدرة على الكشف عن الخطر مثل كشفها عن الألغام  ويكفي الحمار فخرًا أنه يتمتع بمواهب لا يتمتع بها الإنسان. فهو يحفظ الأمكنة والطرق والدروب والأزقة يحفظها ويصمها عن ظهر قلب.