الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الحرب الصهيونية خلال 60 يوما تعادل حرق 150 ألف طن من الفحم

القصف الإسرائيلي
القصف الإسرائيلي على قطاع غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثرت الحرب الدائرة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، منذ السابع من أكتوبر فى العام الماضي، سلبا على أزمة المناخ العالمية، حيث ازدادت حدة الطوارئ المناخية بشكل ملحوظ، وكشفت دراسة حديثة أن الانبعاثات الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري خلال العدوان على قطاع غزة، تفوقت على بصمة الكربون السنوية لأكثر من عشرين دولة تعدّ من أكثر دول العالم تأثرًا بالتغيرات المناخية، وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وأظهرت الدراسة، التى أُجريت للمرة الأولى من قبل باحثين فى المملكة المتحدة والولايات المتحدة، واستندت إلى عدد قليل من الأنشطة ذات الكربون العالي، أن تكلفة الأثر البيئى للحرب خلال الستين يوما الأولى من العدوان الصهيونى تعادل حرق أكثر من ١٥٠ ألف طن من الفحم.

وأشارت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة لعبت دورا حاسما فى انبعاثات الكربون الناتجة عن الأنشطة العسكرية، حيث تقدم دعمًا بمليارات الدولارات لإسرائيل، وتزوّد الجيش الإسرائيلى بالمعونات العسكرية والأسلحة، لتساهم بشكل كبير فى التصعيد البيئى فى غزة والضفة الغربية.

وفقا لنتائج الدراسة، كانت ما يقرب من نصف إجمالى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون ناتجة عن طائرات الشحن الأمريكية التى نقلت الإمدادات العسكرية إلى إسرائيل. حيث وصلت ٢٠٠ رحلة شحن أمريكية وسلمت ١٠،٠٠٠ طن من المعدات العسكرية، ما أدى إلى استهلاك حوالى ٥٠ مليون لتر من وقود الطائرات وإطلاق نحو ١٣٣ ألف طن من ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوي، وهو أكثر من انبعاثات جزيرة جرينادا كاملة خلال العام الماضي.

من ناحية أخرى، أطلقت الصواريخ التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي، نحو ٧١٣ طنًا من ثانى أكسيد الكربون خلال نفس الفترة، ما يؤكد على عدم التماثل فى الأساليب المستخدمة خلال الصراع من كلا الطرفين.

وفى هذا السياق، أثارت نتائج الدراسة دعوات لفرض المزيد من التحسينات على معالجة انبعاثات الغازات الدفيئة العسكرية، التى تلعب دورًا كبيرًا فى تفاقم أزمة المناخ. ورغم أهمية ذلك، فإن تلك الانبعاثات لا تزال تحظى بسرية كبيرة وتبقى غير معروفة فى مفاوضات الأمم المتحدة السنوية بشأن التغير المناخي.

وفى نطاق أوسع، أظهرت الدراسة أن الجيوش تسهم بنحو ٥.٥٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم سنويا، وهو رقم يجعل البصمة الكربونية العسكرية العالمية رابع أكبر بصمة بعد الولايات المتحدة والصين والهند.

وقال بنجامين نيمارك، أحد كبار المحاضرين فى جامعة كوين مارى البريطانية، إن الدراسة تكشف جزءًا صغيرًا فقط من الصورة الكاملة للبصمة البيئية الهائلة والملوثات السامة الناتجة عن الحروب، والتى ستظل آثارها لفترة طويلة بعد انتهاء النزاع.

وأضاف نيمارك: "يتيح الاستثناء البيئى للجيش التلوث دون عواقب، حيث إن انبعاثات الكربون من دباباتهم وطائراتهم المقاتلة لا تُحسب". داعيًا إلى وقف هذا الوضع، مشيرًا إلى أن معالجة أزمة المناخ تتطلب المساءلة.

وأكد ديفيد بويد، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعنى بحقوق الإنسان والبيئة، أن هذه الدراسة تساعد فى فهم حجم الانبعاثات الهائلة ناتجة عن الاستعداد للحرب وتنفيذها وإعادة البناء بعد الحرب. وحذر من أن النزاع المسلح يقرب البشرية أكثر إلى شفا كارثة مناخية، معتبرًا الصراع وسيلة "غبية" لإنفاق الميزانية المحدودة للكربون.

ووفقا للدراسة، فإن تكلفة الكربون لإعادة بناء ١٠٠ ألف مبنى متضررة فى غزة باستخدام تقنيات البناء المعاصرة سوف تولد ما لا يقل عن ٣٠ مليون طن مترى من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وهذا يعادل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون السنوية فى نيوزيلندا وأعلى من ١٣٥ دولة وإقليمًا آخر، بما فى ذلك سريلانكا ولبنان وأوروجواي.

وقالت هديل خميس، رئيسة مكتب تغير المناخ فى سلطة جودة البيئة الفلسطينية: "نحن نبذل جهدنا للتصدى لأزمة المناخ، ولكن حتى قبل الحرب فى غزة، كان من الصعب التكيف والتخفيف من آثارها".

وأضافت: "تعتبر مشكلة تغير المناخ الأكثر إلحاحًا وتأكيدًا بين جميع التحديات التى تواجه دولة فلسطين فى العقود المقبلة، وقد تفاقم هذا بسبب الاحتلال والحرب على غزة منذ ٧ أكتوبر".

وتابعت: "انبعاثات الكربون الناتجة عن الهجمات العسكرية تتعارض مع أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ واتفاق باريس، والاعتراف بالأثر البيئى للحروب أمر بالغ الأهمية".

وفى الختام، أبرزت الدراسة الحاجة الملحة لمعالجة الآثار البيئية والصحية للصراع، داعية إلى التفكير فى تحديد المسئوليات والمساءلة عن انبعاثات الجيوش، ويشدد الخبراء على أن تقليل التأثير البيئى للأزمات الإنسانية يجب أن يكون جزءًا من الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.