الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

كيف ظهرت أعمال السيرة الذاتية في السينما المصرية؟

أيام السادات
أيام السادات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت السينما الأمريكية خلال الآونة الأخيرة تقديم عدد كبير جدا من أفلام السيرة الذاتية، والتي تناول شخصيات تاريخية وفنية عظيمة، حيث نجحت هذه الأفلام في جذب عدد كبير من الجمهور في مختلف أنحاء العالم، حيث يعرض حاليا فيلم "نابليون" عن الزعيم الفرنسي نابليون بونابرت، وفيلم "بريسيلا" عن حياة نجم الروك الأمريكي إلفيس بريسلي، كما نجح فيلم "أوبناهيمر" والذي عرض مؤخرا في تحقيق نجاح تجاري كبير في العديد من دول العالم، حيث تناول قصة حياة مخترع القنبلة الذرية روبرت أوبنهايمر. 

ولكن إذ نظرنا إلى السينما المصرية، فقد شهدت الآونة الأخيرة تقديم عدد قليل جدا من أفلام السيرة الذاتية، بالرغم من النجاح الكبير الذي حققته بعض هذه الأفلام، والتي كان من أبرزها فيلم "أيام السادات"، والذي تم عرضه في عام 2001، وتناول قصة حياة الرئيس الراحل أنور السادات.

وتحدث عدد من نقاد الفن لـ"البوابة"، عن أفلام السيرة الذاتية المصرية، وهل تم تقديمها بشكل جيد أم لا؟... فكان هذا الموضوع.

 

عوامل التراجع عن تقديم أفلام السيرة الذاتية

قال الناقد طارق الشناوي، إن السينما المصرية لم تنجح في تقديم أفلام سيرة ذاتية قوية سوى في تجارب قليلة، ونحن بعيدون عن المقارنة بأفلام السيرة الذاتية الأمريكية، وذلك لأننا لا نمتلك القدرة والجرأة على مناقشة بعض الجوانب الحياتية لبعض الشخصيات خوفا من الورثة، وهناك عوامل خوف تجعلنا نتراجع عن تناول أفلام السيرة الذاتية.

وتابع طارق الشناوي خلال حديثه لـ"البوابة"، أن هناك الكثير من الشخصيات التي تم تناولها في السينما المصرية والدراما تم تناولها بطريقة سطحية، ولم يكن هناك عمق في التناول، باستثناء فيلم "أيام السادات"، والذي كان به العديد من العوامل التي ساعدت على نجاحه، وأهمها أنه من بطولة الراحل أحمد زكي والذي كان يعشق تقديم الشخصيات، وفيلم "أيام السادات" كان من إنتاجه، وكان هو المسئول عن اختيار النص والمخرج والأبطال.

وأضاف "الشناوي"، أن السينما والدراما المصرية شهدا مؤخرا حالة من التشبع في تناول أعمال السيرة الذاتية وخاصة الدراما، والتي تناولت في بداية الألفينيات عدد كبير من أعمال السيرة الذاتية مثل "السندريلا وحليم وأم كلثوم"، كما أن هناك شخصيات مشتركة ظهرت مع أكثر من شخصية وأصبحت متكررة مثل شخصيات صلاح جاهين وعبد الوهاب وغيرهما، وهذا التشبع أدي إلى عدم التحمس لتقديم مثل هذه النوعية من الأعمال الفنية.

 

يجب تقديم الشخصيات دون تجميل

وقالت الناقدة ماجدة خير الله، إن السينما المصرية لم تتناول أفلام السيرة الذاتية بالشكل المناسب، سوى في عدد قليل جدا من التجارب الفنية، مثل "ناصر 56 وأيام السادات" وهذه الأفلام نجحت تجاريا بسبب القيمة الكبيرة للرئيس جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات، بجانب الدعاية الجيدة لهذه الأفلام.

وتابعت ماجدة خير الله خلال حديثها لـ "البوابة"، أن هناك فروقا كبيرة بين أفلام السيرة الذاتية المصرية وأفلام السيرة الذاتية الأمريكية، لأننا في الكثير من الأحيان نظهر الشخصيات بصورة ملائكية، ولكن الغرب يظهرون الشخصيات كما هي بإيجابياتها وسلبياتها كما هي دون تجميل، وليس بالضرورة أن نشوه الشخصية التي يتم تقديمها في عمل فني، ولكن يجب أن تقدم الشخصية كما هي إنسان طبيعي يمر بلحظات نجاح وانكسار وعرض الأزمات في حياته، مما يساهم في تقديم دراما جيدة.

 

قادرون على تقديم أفلام سيرة ذاتية جيدة

فيما قالت الناقدة خيرية البشلاوي، إن السينما الأمريكية تفوقت على السينما المصرية في أفلام السيرة الذاتية، وذلك لأن لديهم خطة جيدة لتناول هذه الأعمال الفنية، لذلك يقدمون عددا كبيرا من أفلام السيرة الذاتية، أما في مصر فلم نقدم سوى عدد قليل من أفلام السيرة الذاتية، بالرغم من أننا لدينا عدد كبير جدا من الفنانين والأدباء والشخصيات التاريخية العظيمة التي تستحق أن يتم تناول قصة حياتها في عمل سينمائي.

وأشارت "البشلاوي"، خلال حديثها لـ "البوابة"، إلى أن نجاح أي عمل فني مرتبط بعدة عوامل، وأعمال السيرة الذاتية تحتاج إلى إنتاج ضخم خاصة في الشخصيات التاريخية والتي عاشت في فترات زمنية مختلفة، لذلك تحتاج من أجل تقديم هذه الشخصيات إلى تقديم تفاصيل الحياة في الفترة الزمنية نفسها، وإذا توافرت العوامل الفنية الجيد بالطبع سوف تحقق هذه النوعية من الأفلام النجاح.

وتابعت "البشلاوي": السينما المصرية نجحت في تقديم أفلام جيدة لفترات زمنية مختلفة مثل "كيرة والجن وحرب كرموز"، وبالرغم من أنها أفلام لا تتناول سيرة ذاتية، إلا أنها تناولت عصورا مختلفة، وهذا مؤشر على أن السينما المصرية قادرة على تقديم أفلام سيرة ذاتية جيدة إذا تم الاهتمام بهذه النوعية من الأفلام، ولكن صناعة السينما أصبحت مؤخرا تهتم بالأفلام الترفيهية أكثر من الجانب الثقافي والتاريخي.

 

لم يتم تقديمها بالشكل المناسب وأفضلها "أيام السادات"

من جانبه؛ قال الناقد عصام زكريا، إن هناك الكثير من العوامل التي تساهم في نجاح أو فشل الأعمال الفنية التي تتناول سيرة أي شخصية، ومن ضمنها العوامل المشتركة مع أي فيلم سينمائي وهي الإخراج الجيد والتأليف الجيد والتمثيل الجيد، وهي عناصر أساسية لنجاح أي عمل فني، وهناك عوامل خاصة بهذا النوع من الأفلام، وأهمها أن تكون الشخصية نفسها ذا أهمية، وحياة الشخصية مليئة بالأحداث الدرامية والتحديات والصراعات والنجاحات كي تصلح أن يتم تقديمها في فيلم سينمائي، لأن هناك شخصيات ناجحة وذا أهمية ولكن حياتهم ليس بها أحداث درامية تساعد على تقديم فيلم جيد.

وتابع "زكريا" خلال حديثه لـ"البوابة"، أنه لابد أن يكون هناك صدق في تناول حياة الشخصية التي يتم تقديمها في عمل سينمائي، وأن يتم البعد عن تلميع الشخصية كي يتم تقديم فيلم سينمائي جيد، وأن يتم تقديم عيوبه ومميزاته ونقاط قوته ونقاط ضعفه، وذلك عندما ينتصر في النهاية يكون انتصاره هذا له معني.

واستدرك "زكريا" قائلا: ولكن ليس من الطبيعي أن يكون منذ ولادته وهو يتمتع الأخلاق والحكمة ولا توجد غلطة في حياته، فهذا لا يصلح لتقديم دراما جيدة، كما لابد من الاهتمام بالشخصيات الأخرى وخاصة التي لديها صراعات مبررة مع الشخصية الرئيسية.

وأضاف "زكريا"، أن معظم أفلام السيرة التي تناولتها السينما المصرية لم يتم تقديمها بالشكل المناسب، وربما كان أفضلها فيلم "أيام السادات"، لأنه تم تقديم جميع المراحل الهامة في حياة الرئيس أنور السادات وتم تقديم لحظات القوة والضعف في حياته، لهذا خرج الفيلم بهذا الشكل المميز.