السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"العذراء مريم" قصة لا تنتهى على شاشات السينما العالمية

صورة من فيلم
صورة من فيلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك بعض الشخصيات التى يستمر تأثيرها على مر الأجيال، حياتها والتحولات الكثيرة التى صاحبتها، والهالة النورانية التى تحيط بوجهها، وعذريتها الدائمة التى جعلت من قصتها ملحمة لن تتكرر، وأضفت عليها مزيد من الطهارة والقدسية، فمن ضعفها وصمتها يظهر صمودها بشكل جلى، ومن خوفها على ابنها يظهر إيمانها القوى بما يفعله ويقدمه من خير للناس.

هى التى تتقبل بكل سلام نفسى كبير كل ما يحدث لها، تحمل وهى عذراء بتول لم يمسسها بشر، تحمل طفلها وتهرب به إلى مصر هربا من الرومان، تطأ أقدامها أرض مصر فتباركها ويكون بها قصصا ومعجزات لا تحصى، تعود إلى الناصرة لترى ابنها أمامها ينمو ويكبر، ولديها إحساس كبير بأن هناك شيئا ما سيحدث، ولما لا وبداية قصتها مليئة بالأحداث العظيمة، هى التى ترى ابنها مصلوبا أمام عينيها، فتخرج آلاف الكلمات من عينيها بدون أن تتفوه بكلمة واحدة.

كل هذه الأمور جعلت من العذراء مريم وقصة حياتها مصدرا لإلهام المبدعين من الكتاب والمسئولين عن صناعة السينما فى العالم أجمع، لتتحول من قصة مكتوبة تناقلتها الأجيال فى الكتب المقدسة إلى صورة متحركة على شاشات السينما فى عشرات الأفلام فى العديد من دول العالم، حتى أنه تم استحداث مصطلح سينمائى فى هوليود يسمى بـ"الفيلم المريمى" كظاهرة لم تتكرر من قبل.

فى الفترة من 1895 إلى 1915، اكتسبت الأفلام التى تعرض شخصية العذراء مريم طابع الأعمال الوثائقية، كما انطلقت خلال هذه الفترة العديد من الأفلام عن حياة المسيح فى السينما الصامتة، وامتدت هذه الأعمال حتى عام 1927، وتم تصوير هذه الأعمال ما بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وألمانيا، وجميع هذه الأفلام الصامتة كانت مستوحاة من الكتاب المقدس، وظهرت خلالها مريم صامتة وصلبة.

من أبرز الأفلام فى تلك الفترة: فيلم "التعصب" أو Intolerance، وهو فيلم صامت لديفيد وورك جريفيث، وتظهر فيه مريم من خلال مشهدى عرس قانا الجليل، وعلى أقدام الصليب بصورة أم حنونة تعانى من الظلم والوحشية، وتم إنتاجه عام 1916.
أما فى المرحلة بين 1930 و1950، ظهرت شخصية العذراء مريم فى الأعمال السينمائية قريبة من الناس وسيطرت ظاهرة الفيلم المريمى الروائى الطويل، وكان فيلم "أنشودة بيرناديت " أو " ‏ Song of Bernadatte"، هو الأشهر فى تلك الفترة وتم إنتاجه عام 1943، من تأليف جورج سيتون واخراج هنرى كينج، وحصل على العديد من الجوائز، وظهرت العذراء مريم على شكل نور عظيم يحيط به صوت الريح، وجهها واضح وتبدو مبتسمة لكنها بعيدة.
وفى عام 1959 أخرج إيرفينج رابر فيلم "المعجزة" بطولة كارول بايكر وروجر مور، وفيه يتأنسن شخص العذراء مريم الموضوع فى بهو الدير ويتقمص شخصية الراهبة التى هربت من الدير وانغمست فى حياة المدينة، إلى أن تصحو فى يوم على واقعها الأليم وعندما تعود إلى الدير يعود التمثال إلى مكانه.
وفى عام 1959 أيضا جسدت الفنانة مارثا سكوت شخصية السيدة مريم فى فيلم "Ben-Hur"، من إخراج وليام وايلر، ويروى حكاية السيد المسيح وعرض لأول مرة فى دور عرض بمدينة نيويورك وحصل على جائزة أوسكار.

وفى الثمانينيات من القرن الماضى جاء فيلم "السلام عليك يا مريم” للمخرج جان لوك غودار، وفيه تظهر العذراء مريم فى شخصية تعكس واقع المجتمع الحديث، هى إبنة إطفائى ويوسف سائق تاكسى، تربط بينهما علاقة سامية ومثالية مع أنهما يعيشان وسط ضجيج الحياة المعاصرة.

فى هوليوود وتحديدا عام 1999 تم انتاج فيلم «مارى، والدة يسوع»، وجسدت شخصية العذراء مريم، الممثلة الشابة كاميلا بيل لتجسد شخصية مريم، وشارك فى البطولة أل باتشينو فى دور الملك هيرودس.

وفى عام 2009، تم إنتاج فيلم The 13 th day، حيث ألقى الضوء على ظهورات العذراء مريم فى فاتيما، مستندا على ظهور العذراء فى عام 1917 حيث شاهد هذا الظهور 70 ألف شخص معجزة الشمس وهى تقترب من الأرض، وشارك الفيلم فى مهرجان كان.

وعلى صعيد الدراما التليفزيونية هناك مسلسل “مريم المقدسة” الذى أنتجه الفنان الإيرانى شهريار بحرانى فى السنوات الأخيرة، وهو مسلسل إيرانى مدبلج من 12 حلقة يروى سيرة مريم منذ ولادتها إلى انجابها للمسيح، وتم ترجمته إلى الإسبانية والعربية والإنجليزية والألمانية، وتم عرضه على شاشات العديد من الدول منها فنزويلا وألمانيا وإنجلترا وزيمبابوى فى عدد كبير من الدول العربية.

ومن الأفلام المهمة هناك فيلم "لتكن مشيئتك" للمخرج الإيطالى جيدو كيازا وهو ناطق باللغة العربية، ويروى قصة السيدة مريم العذراء، ويطرح تصورا سينمائيا للأمومة وعلاقة الأم بالابن (السيد المسيح) انطلاقا من حياة طفلة عاشت فى الجليل فى فلسطين منذ 2000 عام.
واختار المخرج الإيطالى قرية زراوة فى تونس لتصوير الفيلم لتشابه المناظر الطبيعية فيها مع مدينة الجليل فى فلسطين فى تلك الفترة، وذكر أن البطلة التى تجسد دور مريم العذراء هى فتاة “هاوية” من منطقة مطماطة، تدعى نادية خليفى كان عمرها وقتها 14 عاما.
وفى عام 2004 تم إنتاج الفيلم الشهير "الام المسيح" لـ"ميل جيبسون"، والفيلم مقتبس من الأحداث التى حدثت للمسيح من اعتقال ومحاكمة وأخيرا الصلب ومن ثم قيامة المسيح، الفيلم ينطق باللغات الآرامية و‌اللاتينية و‌العبرية، وجسدت الفنانة اليهودية الرومانية مايا مورجنسترن دور السيدة مريم، والتى ظهرت وديعة تنطق بعينيها وتعبر عن معاناتها الشديدة فيما حدث لابنها.

وفى عام 2006، تم إنتاج فيلم The Nativity Story، تركز دراما الفيلم على فترة فى حياة السيدة مريم العذراء ويوسف، حيث سافروا إلى بيت لحم من أجل ولادة يسوع، وجسدت الفنانة كيشا كاسل هيو شخصية العذراء، ومن إخراج كاثرين هاردويك.

وفى عام 2012، تم إنتاج فيلم Mary of Nazareth، بطولة أندريا بيتشمان فى دور "المسيح"، بينما جسدت الممثلة أليسا جانج شخصية مريم العذراء، والفيلم من إخراج جياكومو كامبيوتى، والفيلم إسبانى، ويرصد قصة حياة السيدة العذراء من طفولتها حتى قيامة يسوع، حيث تجسد جوهر إيمانها العميق وثقتها بالله.
وظهرت العذراء مريم فى العديد من الأفلام أيضا، منها فيلم "المخلص" للمخرج الفلسطينى روبرت سافو، الذى يعد أول فيلم يتناول قصة حياة السيد المسيح ناطق بالعربية الفصحى، ويدور الفيلم حول حياة السيد المسيح منذ ولادته، وهو مبنى على نص كتبه الأمريكى فيليب دور الذى أمضى جزءا كبيرا من حياته فى فلسطين، واستند فى أحداثه إلى إنجيل لوقا.

وشارك فى الفيلم طاقم عمل من الممثلين الأردنيين والفلسطينيين، حيث لعبت الممثلة الفلسطينية حنان حلو دور مريم العذراء، ولعب الممثل الفلسطينى شريدى جبارين دور المسيح، وقالت الفنانة الفلسطينية حنان حلو التى جسدت دور مريم العذراء فى تصريحات صحفية سابقة أنها بحثت عن صفات الشخصية حيث القوة التى امتلكتها السيدة مريم فى الحمل من دون زواج، وتحملت أصابع الاتهام التى وجهت لها مما دفعها للهروب، لكنها بقوتها وقوة إيمانها استطاعت ولادة السيد المسيح وتربيته.

أضافت قائلة: "فى البداية خفت من الدور كثيرا، وحاولت الاستعداد له بكل الطرق... اعتزلت الناس وصمت لأيام عديدة، حتى إننى ابتعدت عن زوجى، لألوذ بنفسى مع السيدة مريم فقط... الصيام أدخلنى فى الروحانيات، نظف جسدى وروحى من شوائب الحياة، وقرأت عن السيدة مريم الكثير، وزرت الكنائس، وقابلت عددا من رجال الدين الذين استفسرتهم واستشرتهم فى كثير من جوانب تخص السيدة مريم".
وفى السينما العربية وتحديدا فى فترة الثلاثينات من القرن الماضى جاء فيلم "حياة وآلام السيد المسيح" الذى تناول حياة السيد المسيح ومعاناته طيلة رحلة عمره، وكانت الفنانة عزيزة حلمى بطلة الفيلم وأول فنانة مصرية وعربية تجسد شخصية مريم العذراء أم المسيح، وقام بإخراج الفيلم محمد عبدالجواد، وكتب المادة الحوارية للفيلم الأب أنطوان عبيد، وقام بمراجعة الحوار عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذى كان عميدا لكلية الآداب فى هذا الوقت.