رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل سمعت عن  "ثورو"؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أسعدني جدا  الحوار الذى أجريته مع المفكر الكبير خالد محمد خالد وهو من أهم رموز الحريات الفكرية وزادت سعادتي عندما طلب منى أن أسأله فى كل شيئ بلا حرج.

 الحوار مع هذا المفكر كان أشبه بسيمفونية جميلة فهو  عاش يبحث عن الحقيقة فى كل وقت ومكان بمتعه كبيره لا يمكن تصورها.

الكل يعرف أن قضيته الأولى التى كافح من أجلها هى الحرية والديمقراطية وكأنه  كان يعيش طوال حياته فى حاله دفاع دائم عنها.

والكل يعرف أيضا أنه من أهم مفكرى النصف الثاني من القرن العشرين ومن أشهر مؤلفاته كتابه الأول "من هنا نبدأ"  الذى ساهم بشكل كبير في ذيوع شهرته في مصر وخارجها  وتم طبعه ست طبعات في سنتين اثنتين، كما تمت ترجمته في نفس السنة التي صدر فيها إلى الإنجليزية، وكتبت عنه عدة رسائل وأبحاث جامعية ومقالات في أنحاء متفرقة من أوروبا وأمريكا.

ليس هذا فقط.. بل إن  هذا الكتاب أثار الأوساط الدينية حتى أن لجنة الفتوى بالأزهر أصدرت قرارا بمصادرة الكتاب وحظر توزيعه، باعتباره عملًا يهاجم الدين، بل وطالبت بمحاكمة كاتبه، لكن محكمة القاهرة الابتدائية في مصر أصدرت حكمها النهائي في قضية محاكمة كتاب "من هنا نبدأ"، لخالد محمد خالد، يوم ٢٧  مايو ١٩٥٠،   بإلغاء مصادرة الكتاب، والإفراج عنه للجمهور، عملًا بحرية الرأي المكفولة في القانون.

ذكرت  الأستاذة سناء البيسى فى مقال لها بجريدة الأهرام  عن هذا المفكر الكبير أعترافه بقوله: أنا اجتهدت وأصبت وأخطأت‏..‏ الإنسان مأساة عظيمة‏..‏ لقد كنت فقيرا وراتبي لا يكفيني وأعول ثلاثة أطفال وأعاون إخوتي ولكني عندما كنت أمسك بالقلم كنت أشعر بأنني ملك لأنني جزء من حضور شعبي‏..‏ إذا قلنا إن أي كاتب ليس بيده أن يحرك طوبة واحدة في البناء فهو اليأس في أشد درجاته كأن أذهب إلي الطبيب فأجده مريضا‏.. قل كلمتك لكن لا تفرض كلمتك‏..‏  اقرا قراءة الأحرار لا قراءة العبيد‏..‏ أقرا لتكتشف نفسك لا تفقد نفسك‏..‏ الإيمان بالله ملاذ ولا أقول عزاء‏..‏ نحن لا نبدأ من فراغ‏..‏ ومن هنا نبدأ‏.

 وعندما أجريت الحوار معه سألته فى موضوعات  كثيرة مختلفة وأجاب  باستفاضه وصراحة، لكن كان لدى  سؤال كنت أريد أجابته  منه وهو هل وجد  الثائر الباحث عن الحقيقه والمفكر  خالد محمدخالد صدىً لما نادى به طوال حياته وكافح من اجله؟

أجاب بهدوء  وهو يقول لى ردًا على هذا السؤال  هو:  هل سمعت عن رجل اسمه "ثورو"؟.. ولم يتركنى أجيب ولكنه أكمل:  قطعا، لأ.. لكنك سمعت عن "غاندي"..  اليس كذلك لأنه زعيم ملأ الدنيا وشغل الناس.

  أما "ثورو" فهو مفكر أوروبي كتب كتابا من مائة صفحة تقريبا ياسم "العصيان المدني "(كان يقصد هنري ديفد ثورو  وهو  كاتب  وشاعر وفيلسوف).

"غاندي" في بدء حياته يقول: انه وقع في يده هذا الكتاب فرسم له الطريق لثورته..اذن "ثورو" المجهول الذي لا يعرفه اكثر من ألف مثقف في الكرة الأرضية تقريبًا كان أستاذا  للثائر "غاندي" في حركته  التي حرر بها الهند من اعتي امبراطوريات العالم وكأن "ثورو" هذا هو الذي حرر الهند وليس غاندي.

 فأنت عندما يحمل عنك كلمتك عشرة اشخاص، فإن هؤلاء العشرة قد يصنعون عالما بأسره بكلماتك التي استنفرت فيهم ما اردته بهذه الكلمات!.

ختاما، لا أنسى مقولته لى فى نهايه  حواره  بأنه من حسن حظه وفضل الله عليه انه لم يخلقه صاحب عقل مغلق.. أعطاه الله القدرة على الاختيار.. لم يعش في حجرات مغلقه للأفكار والمذاهب، وهذا أمر مهم جدا، ذلك أن تقرأ المذاهب والأفكار والآراء وترفضها أو تقبلها حسب استحقاقها للقبول أو للرفض، ووفق اقتناعك بها.