الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المطران د. سني إبراهيم عازر يكتب : رسالة القيامة

المطران د. سني إبراهيم
المطران د. سني إبراهيم عازر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رسالة القيامة 

"فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ." (رو 6: 8)

المسيح قام حقًا قام!

قيامة يسوع هي مركز إيماننا وجوهر الكنيسة. ومن قلب هذه المدينة المقدسة - مدينة القدس، قام يسوع من بين الأموات ليحيا إلى الأبد، محطمًا كل قوى الخطيئة والموت.

تتمثل رموز عيد الفصح في الصليب والقبر الفارغين واللذين يذكرننا أن المسيح قد مات حقا وأن الألم والموت ما زالا موجودين كجزء من واقعنا اليومي. ولكن اليوم في عيد القيامة، فإن الصليب والقبر فارغان مما يذكرنا أن الله قد أفرغ الخطيئة والموت من قوتهما بحيث لا يكون للصليب والقبر الكلمة الأخيرة. والخبر السار في عيد القيامة أنه في نهاية المطاف الحياة تنتصر على الموت؛ والحب ينتصر على الكراهية؛ والإيمان ينتصر على الخوف، ونعمة الله تنتصر على خطايانا، وعدل الله ينتصر على كل أشكال الظلم. هكذا تحول القيامة واقعنا.

وحتى يومنا هذا ما زلنا بحاجة إلى القيامة، لاسيما في ظل ما يعيشه المجتمع المسيحي في الأرض المقدسة من واقع مليء بالتحديات والصعوبات فقد تعرضنا لمضايقات واعتداءات معادية للمسيحيين، وواجهنا قيودًا على تجمعاتنا واحتفالاتنا الدينية وحريتنا في الوصول إلى مقدساتنا. وحقيقة كوننا شعبا فلسطينيا لا يزال يرزح تحت الاحتلال فإن ذلك يزيد من الصعوبات والقيود التي تواجهنا في حياتنا اليومية. ولسنا الوحيدين اللذين نواجه تحديات الاحتلال فإن الشعب الأوكراني يعاني من ويلات الحروب والاحتلال، وشعوب أخرى حول العالم تتعرض للعنف والصراعات وتعيش تحت فقر مدقع وتعاني من الأمراض والأحزان. ولا يزال يختبر الكثير من الناس، خصوصا شعبنا وشعوب أخرى حول العالم، ألم الصليب والقبر.

ومن السهل أن نختار الانطواء على أنفسنا وألا نفكر إلا بذاتنا بدلا من الآخرين، وأن نكره بدلاً من أن نحب، وأن نخاف بدلاً من أن نمنح الأمل. ولكن عيد القيامة يذكرنا بأن هذه ليست الخيارات الوحيدة المتاحة لنا، فليس علينا أن نختار الخوف والكراهية، وأن نعزل أنفسنا وأن نتخيل بأن الأمل مفقود. ففي القيامة الأولى اختار الله الصليب والقبر لبعث حياة جديدة. فعيد القيامة لا يعني أخذ إجازة والاستمتاع بحياة سهلة ورغيدة، وإنما على العكس تماما، فإن القيامة تولد من رحم الحاجة، والألم، والمعاناة، والموت.

واحتفالنا اليوم بالقيامة هو بمثابة عهد بأن الله سيكون معنا عندما نكون في أمس الحاجة إليه. القيامة لم تحدث قبل 2000 سنة فقط – بل القيامة ما زالت تحدث كل يوم! كل يوم يمنحنا الله عطايا الحياة الجديدة، والرجاء الجديد، والعلاقات المتجددة. ليس ذلك فحسب، بل يدعونا الله بصفتنا الكنيسة، وكجسد واحد في المسيح يسوع مخلصنا، لنكون جزءًا من أحداث القيامة في العالم. القيامة تحدث في كنائسنا ومدارسنا، في برامج العدالة البيئية، والعدالة بين الجنسين، وفي الخدمة المجتمعية الكنسية، وبشتى الطرق التي نحب بها ونخدم الله وجيراننا. القيامة ليست مجرد وعد للمستقبل: الله يجعل القيامة حقيقة في عالمنا اليوم.

بينما تحتفل بعيد القيامة هذا العام، دعونا نعلي أصواتنا وصلوتنا ونصلي بجراءة لتتغلب القيامة على الحروب والصراعات والاحتلال لا سيما هنا في الأراضي المقدسة وفي أوكرانيا وروسيا وفي كل مجتمع يعاني وفي كل قلب منهزم. ودعونا مجتمعين نجدد عهد القيامة لكي تصبح القيامة محور إيماننا والقلب النابض لكنيستنا والعهد الذي ينير إيماننا وكافة أعمالنا.

المسيح قام! حقا قام! هللويا أمين.

ليكن سلام المسيح الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وعقولكم في المسيح يسوع. آمين

المطران د. سني إبراهيم عازر

مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة.