رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

تقرير: خدمات الإنترنت في أفريقيا جنوب الصحراء الأغلى على مستوى العالم

الإنترنت
الإنترنت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في ظل التحول الرقمي والتطور التكنولوجي السريع المعاصر، أصبح استخدام الهاتف المحمول وخدماته للبيانات (الإنترنت عبر المحمول) من الضرورات الحياتية اليومية للبشر، ورغم هذا التطور الهائل في مجال الاتصالات مازالت بعض دول العالم تعاني ارتفاع تكلفة استخدام خدمة البيانات عبر المحمول بسبب ضعف البنية التحتية والاحتكار وغياب الأطر التنظيمية الصارمة لهذا المجال.

وتعد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى مناطق العالم تكلفة لخدمة البيانات ( الإنترنت عبر الهاتف المحمول) وفقا لما رصده مركز أبحاث "المجلس الأطلسي"، ومقره العاصمة الأمريكية واشنطن.
وأشار مركز أبحاث "مجلس الأطلسي"، في تقرير له، إلى أن خدمة البيانات عبر المحمول في دول منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي الأعلى تكلفة على مستوى العالم حيث يبلغ متوسط سعر جيجابايت بيانات الهاتف المحمول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما يوازي 3.3% من الدخل الشهري للفرد.
ونبه التقرير إلى أن هذا المعدل أعلى بكثير من الحد الأقصى الذي حددته منظمة الأمم المتحدة في هذا المجال والبالغ 2 في المائة من الدخل الشهري للفرد.
ووفقا للتقرير، بينما يدخل سكان 9 دول فقط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ضمن دول العالم التي ينفق سكانها في المتوسط أقل من 2% من دخلهم الشهري لجيجابايت بيانات المحمول؛ فإن سكان 8 دول في المنطقة ذاتها (هي: جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وزيمبابوي وغينيا الاستوائية وبوروندي وتوجو وليبيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية) يضطرون إلى تخصيص أكثر من 10% من دخلهم الشهري لسداد تكلفة جيجابايت لبيانات المحمول (الإنترنت).
وأضاف أن خمس دول بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء من بين أغلى 10 دول على مستوى العالم في تكلفة جيجابايت البيانات.
وكشف التقرير أن متوسط سعر جيجابايت البيانات عبر الهاتف المحمول في دول أفريقيا جنوب الصحراء بلغ 4.47 دولار في عام 2022، مقارنة بـ 4.09 دولار في أمريكا الجنوبية و2.72 دولار في غرب أوروبا، و1.47 دولار في آسيا.
وأوضح أن هناك أربعة عوامل تفسر ارتفاع أسعار الإنترنت الثابت وعبر المحمول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ أولها غياب البنية التحتية للاتصالات. فوفقا لبيانات البنك الدولي، يبعد حوالي 45% من سكان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء أكثر من 10 كيلومترات عن أقرب نقطة اتصال لكابلات الألياف الضوئية، وهو المعدل الأعلى مقارنة بباقي دول العالم.
كذلك، قالت لجنة الأمم المتحدة لإنترنت النطاق العريض إن تعميم الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة في أفريقيا جنوب الصحراء يستلزم استثمارات تقدر بحوالي 109 مليارات دولار، مشيرة إلى أن 80% من هذه الاستثمارات تتعلق بنشر البنية التحتية للاتصالات، ومن بينها إقامة 250 ألف برج هوائي للمحمول ومد 250 ألف كيلومتر إضافي من كابلات الألياف الضوئية.
أما العامل الثاني المُفسر لارتفاع أسعار الإنترنت الثابت وعبر المحمول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فيكمن في مستوى المنافسة في سوق الاتصالات إذ يعد عامل حسم في تكلفة البيانات عبر المحمول.
وتُظهر الدراسات أن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع عدد مشغلي شبكات الهاتف المحمول النشطين في دولة ما ومتوسط سعر جيجابايت بيانات الهاتف المحمول. بمعنى آخر، كلما زادت المنافسة في السوق (اتصالات المحمول)، كانت بيانات الهاتف المحمول أقل تكلفة.
وكشفت دراسة مقارنة أعدها التحالف من أجل إنترنت أرخص أن فرق السعر بين الأسواق التي يكون فيها مشغل واحد في حالة احتكار، والأسواق التي يوجد بها مشغلان، يمكن أن يصل إلى 7.33 دولار لكل جيجابايت لبيانات الهاتف المحمول.
وأكدت دراسة أخرى أجرتها مجموعة "إيكو بنك" هذه العلاقة بين زيادة المنافسة وانخفاض أسعار بيانات الهاتف المحمول في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث يعد متوسط سعر الجيجابايت أعلى في الدول التي يعمل فيها مشغلان فقط (13.03 دولار في المتوسط) منه في الدول التي يعمل بها ثلاثة مشغلين (9.17 دولار)، وفي الدول التي يتنافس فيها أربعة مشغلين أو أكثر بقوة (5.25 دولار).
أما العامل الثالث المُفسر لارتفاع أسعار الإنترنت الثابت وعبر المحمول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فيتعلق بالأطر التنظيمية التي تحكم قطاع الاتصالات والتي يمكن أن تؤثر على أسعار بيانات الهاتف المحمول، مثل السياسات الضريبية التي تعتمدها الحكومات، كضرائب القيمة المضافة على منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الهواتف المحمولة ونقل البيانات عبر الهاتف المحمول.
أما العامل الرابع والأخير، فيتمثل في عادات الاستهلاك التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير، فبينما يشتري المستهلكون في الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تتمتع ببنية تحتية متقدمة في مجال الاتصالات، باقات انترنت كبيرة السعة أو غير محدودة، يختار غالبية الأفارقة أنظمة دفع محدودة حسب الاستهلاك.
وفي حين يُتوقع تضاعف متوسط الاستهلاك الشهري لخدمات البيانات عبر المحمول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ثلاث مرات تقريبا بحلول عام 2027 ليتجاوز 10 جيجابايت لكل مستخدم مقابل 3.66 جيجابايت في عام 2022 و0.72 جيجابايت عام 2016، يوصي "المجلس الأطلسي" أن تستلهم دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى العديد من التجارب الناجحة في آسيا وأمريكا اللاتينية.
فعلى سبيل المثال، خفضت كمبوديا متوسط سعر جيجابايت بيانات الهاتف المحمول (الإنترنت) من 4.56 دولار في عام 2013 إلى 0.13 دولار في عام 2019، نتيجة لفتح سوقها للاتصالات للمنافسة والاستثمار بكثافة في البنية التحتية. ففي عام 2018، أصبح لدى كمبوديا سبعة مشغلين يقدمون اشتراكات في شبكات النطاق العريض للهاتف المحمول و30 مزود خدمة للنطاق العريض لشبكات الهاتف الثابت والإنترنت فائق السرعة، مقارنة بمشغل عام واحد فقط عام 2013.
واختتم التقرير بأن خفض أسعار نقل البيانات عبر المحمول (الإنترنت) أمر ضروري للغاية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث تظهر توقعات الاتحاد الدولي للاتصالات أنه يمكن خلق 44 مليون وظيفة جديدة في المنطقة إذا جرى رفع معدل انتشار الإنترنت إلى 75% مقابل حوالي 33% في عام 2021.
تجدر الإشارة إلى أن ال مجلس الأطلسي هو مؤسسة بحثية غير حزبية مؤثرة في مجال الشئون الدولية. تأسس عام 1961 ويدير عشرة مراكز إقليمية وبرامج وظيفية تتعلق بالأمن الدولي والازدهار الاقتصادي العالمي ويتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن مقرا له.