السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

فرانسوا كوستانتينى يكتب: الشرق الأوسط من تصلب المواقف الداخلية إلى شكوك حول المحاور الإقليمية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حزب الله الجسر الناقل لمصالح إيران ضمن السيطرة الاستراتيجية على لبنان.. والاحتجاج الشعبى ضد الحزب لا يزال قويًا فى بلاد الأرز


دائما ما يرى الشرق الأوسط، منذ حصول الدول على الاستقلال، أنها دول تتعارض مع بعضها البعض وفقًا للتحالفات الإقليمية المتنافسة، والتى غالبًا ما تكون أكثر عدائية أو عضوية أو مؤسَّسة أو ضمنية. وبعد استبعادها جزئيًا من الحرب الباردة (حتى لو تداخل معها عدد من الصراعات إلى حد كبير)، كانت المنطقة، لفترة طويلة، مكانًا لمواجهة كبيرة بين إسرائيل والدول العربية. وضعت اتفاقيات كامب ديفيد فى عام ١٩٧٩ حدًا لحالة الصراع الدائم، والتى ساهمت، من بين أمور أخرى، فى اندلاع الصراع اللبنانى. ومع النجاح الكبير الذى حققته إدارة ترامب فى الشؤون الدبلوماسية واتفاقيات إبراهام، يمكننا القول إن الصراع العربى الإسرائيلى قد حقق هدفه بعد ثلاثة أرباع قرن.
منذ نهاية الحرب الباردة، ومنذ ٢٠ عامًا، أى منذ غزو العراق من قبل الولايات المتحدة، ظهرت المحاور الإقليمية غير القابلة للاختزال، منها الكتلة الشيعية، حول إيران، ومجموعة من الدول السنية المتجمعة حول المملكة العربية السعودية ومعظم الممالك الخليجية. وفيما بينهما، تلعب تركيا، فى العام المائة لوجودها المعاصر، دورًا استراتيجيًا رئيسيًا فى المنطقة.
«الهلال الشيعي"
منذ بداية العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، والوصول المذهل للولايات المتحدة إلى المنطقة بفضل العملية العراقية، نشأ «هلال شيعي» حول إيران. وبالفعل يعتبر مركز الأعصاب هو النظام الإيرانى.
إن التدخل الأمريكى، برغبته فى فرض قانونه فى الشرق الأوسط، جعل العراق أرضًا تتنازع فيها السلطة الآن بشكل رئيسى بين الفصائل الشيعية. لكن أصبح دور إيران كبيرًا منذ ذلك الحين، حتى لو كان ادعاء هذه الأرض الأصلية للشيعة، خاصة حول سلطاتها الدينية، يمكن أن يقلل إلى حد ما من ثقل طهران فى البلاد. وهناك الدولة التى كانت لفترة طويلة الرابط العصبى للهلال الشيعى والنفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط، سوريا.

 


منذ أكثر من نصف قرن يحكم سوريا مكونها العلوى، وهى طائفة انشقاقية مشتقة من الشيعة، وكانت سوريا، منذ اندلاع الصراع فى عام ٢٠١١، دولة تحت وصاية روسية وإيرانية على حد سواء، مما يضمن بقاء النظام. إن انهيار اقتصادها، وانتهاء وصايتها على لبنان (حيث يأخذ النظام أكثر من ٥ مليارات دولار كل عام، وهو أمر ضرورى لبقائه)، جعل سوريا دولة فى الوقت الضائع اليوم. من المسلم به أن الدولة السورية (التى تحتفظ ببعض الدعم بسبب التطرف الإسلامى المؤكد للغالبية العظمى من المعارضين) ترى أن أراضيها مقسمة إلى مناطق نفوذ حيث تلعب تركيا فيها دورًا حاسمًا بشكل خاص.
لكن لبنان هو الأكثر معاناة من فساد النفوذ الإيرانى. منذ الانسحاب السورى عام ٢٠٠٥، ضمن حزب الله السيطرة الاستراتيجية هناك، واختزل الجيش اللبنانى، وهو ضمان أساسى للوحدة الوطنية، إلى دور تكميلى فى الحفاظ على النظام. يعانى لبنان من فساد الطبقة السياسية، ويعانى أيضًا من العواقب المأساوية للانفجار فى مرفأ بيروت منذ ٤ أغسطس ٢٠٢٠. كانت هذه الاحداث كارثية على جميع المستويات، فقد كشف صهر الرئيس، جبران باسيل، نفسه كواحد من رموز عدم كفاءة الدولة وأحد رموز الفساد.
الاحتجاج الشعبى ضد حزب الله لا يزال قويًا للغاية فى بلاد الأرز، خاصة عندما نعلم أن الإشراف على أجهزة الأمن والاستخبارات المتورطة فى تفجير الميناء، قدّمه عون وأتباعه إلى حزب الله مقابل دعم انتخابى.
فى مواجهة المحور الذى يجد مصدره فى المصالح الاستراتيجية الوحيدة لطهران، التى شهد نظامها أقوى موجة احتجاج منذ عام ١٩٧٩، ظهرت كتلة سنية وعربية وصلت إلى حد القبول الرسمى لحق إسرائيل فى الوجود، لا سيما من خلال اتفاقيات إبراهام.
إذن هل هذه المحاور مُقَدّر لها أن تستمر؟
ليس منطقهم الهيكلى أكثر من مرونة الدول التى تشكله هو الذى يثير الأسئلة. النظام الإيرانى، إذا كان الآن محل نزاع بين جميع شرائح المجتمع وخاصة فى الشباب، لن يتراجع عن أى هدف للحفاظ على نفسه. ومنذ ذلك الحين، تضاءل خطابه التحفيزى المناهض للغرب إلى حد كبير بسبب عدم كفاءته والتدهور الاقتصادى والاجتماعى المتسارع للبلد. 
أما لبنان، الذى فصل شعبه نفسه تمامًا عن طبقة سياسية فاسدة تخضع لتأثيرات خارجية (حزب الله بشكل أساسى، فهو جسر ناقل لمصالح إيران)، بات نموذجها موضع تساؤل ويزداد نزيفًا بسبب الهجرة الهائلة لقواتها الرئيسية، ومن بينها، بشكل أساسى، الشباب المسيحى.
فى هذه اللعبة الإقليمية، تميل تركيا إلى الظهور كعنصر وسط.
لكن محاولة أردوغان، لصالح الثورات العربية فى عام ٢٠١١، لتوسيع نفوذه على الأنظمة التى كانت تقودها فى السابق الفروع المحلية للإخوان المسلمين استغرقت وقتًا طويلًا. يبدو أن أنقرة اليوم، التى تتأرجح أيضًا بين واشنطن وموسكو، قد اختارت موقعًا وسطيا على المستوى الإقليمى. فيما عدا أن ما يسمى بخط «صفر عدو» تمت الدعوة إليه والترويج له فى عام ٢٠٠٢ من قبل حزب العدالة والتنمية لأحمد داود أوغلو، المعارض الحالى لأردوغان.


معلومات عن الكاتب 
فرانسوا كوستانتينى.. حاصل على دكتوراه فى العلوم السياسية (جامعة باريس 1 بانتيون سوربون) وتخرج من معهد الدراسات السياسية فى باريس. أستاذ مشارك فى جامعة القديس يوسف فى بيروت وعضو فى مركز السياسة الخارجية فى جامعة السوربون.. يتناول، هنا، تحالفات الشرق الأوسط ويركز على حالة إيران ومحاولات تمديد أذرعها فى المنطقة، وأهمها حزب الله اللبنانى.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

 

https://www.ledialogue.fr/