رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

ذا ديبلومات: امتناع فيتنام عن إدانة ضم روسيا لأقاليم أوكرانية يشير إلى تغليب مصالحها

 فيتنام
فيتنام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 رأت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية أن امتناع فيتنام عن إدانة المحاولات الروسية لضم أربعة أٌقاليم أوكرانية، يشير إلى استمرار فيتنام في تغليب مصالحها القومية على المبادئ الأخلاقية، على حد وصف الدورية الأمريكية.
وذكرت الدورية، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن ضم روسيا غير القانوني لأربع مقاطعات أوكرانية (دونيتسك – لوجانسك – خيرسون – زابوريجيا) قد أثار العديد من الإدانات واسعة النطاق حيث صوتت 143 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار ينتقد الاستفتاء الروسي غير القانوني على ضم المقاطعات الأوكرانية، مشيرة إلى أن فيتنام كانت من بين 35 دولة امتنعت عن التصويت.
وبحسب الدورية الأمريكية، فإن موقف فيتنام الأخير يعيد إلى الذاكرة امتناع هانوي عن التصويت على قرار سابق للجمعية العامة للأمم المتحدة يدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كما أنها كانت واحدة من تسع دول آسيوية صوتت ضد تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أبريل الماضي.
وأضافت أنه تجدر الإشارة إلى امتناع الصحف الفيتنامية عن ذكر امتناع فيتنام عن التصويت، باستثناء نشر ملخصات حول محاولة روسيا لضم المقاطعات الأوكرانية والنتيجة الإجمالية لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتصريحات دانج هوانج جيانج الممثل الدائم لفيتنام لدى الأمم المتحدة حول الأزمة المستمرة في أوكرانيا، بينما تجنبت الصحف المحلية الشعبية الثلاث "ثانه نيان" و"توي تري" و"فين إكسبريس"، الإشارة إلى امتناع فيتنام عن التصويت.
وعلى الرغم من أن قرار فيتنام بالامتناع عن التصويت يعد قانونيا تماما، وفقا لذا ديبلومات، إلا أنه "مشكوك فيه أخلاقيا"، لافتة إلى أن الممثل الدائم لفيتنام لدى الأمم المتحدة شدد، في خطابه خلال الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا الشهر الجاري على أن بلاده "تتفهم قيمة السلام وتعارض جميع السلوكيات التي تهدد وتستخدم القوة في انتهاك استقلال الدول وسيادتها وسلامة أراضيها".
وأضافت أنه في مايو الماضي، قال رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشين، في خطابه في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إنه "بدلا من اختيار أحد الجانبين، تختار فيتنام العدالة والإنصاف والخير، بناء على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وأوضحت الدورية الأمريكية أن هذين الخطابين يشتركان في شئ واحد، وهو إلقاء الضوء على وجهة نظر فيتنام حول أهمية الدوافع الأخلاقية في معالجة الخلافات والصراعات في العلاقات الدولية، مشيرة إلى أن فيتنام أظهرت حذرها بالامتناع عن التصويت في محاولة لموازنة القيم مع المخاطر المترتبة على قرارها، إذ جاء تصرفها بهدف تجنب "الانتقادات والانتقام الروسي المحتمل".
وترى "ذا ديبلومات" أن فيتنام أوقعت نفسها، قولا وفعلا، في مأزق أخلاقي؛ فمن ناحية، أكدت فيتنام على المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية: أي احترام مبادئ القانون الدولي، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدولية، وهو ما يتماشى مع الموقف الأوسع لفيتنام بشأن العلاقات الدولية كما ورد في الكتاب الأبيض للدفاع (وهي وثيقة مهمة تظهر الرؤية الحكومية فيما يتعلق بموضوعات واستراتيجيات الدفاع) الذي نُشر في نوفمبر 2019، وعلى الجانب الآخر، فشلت فيتنام في الوفاء بالتزاماتها الأخلاقية عندما تعلق الأمر بالدفاع عن مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية.
وأوضحت أنه من خلال اختيار الحفاظ على موقف محايد تجاه أزمة أوكرانيا، يبدو أن فيتنام ساوت التصويت بالامتناع عن التصويت بالحياد، مؤكدة أن تبني الحياد في حالة الأزمة الأوكرانية يُظهر نقصًا واضحًا في التفكير الأخلاقي، على حد وصف المجلة. كما أن القرار الأممي، الذي يسلط الضوء على أهمية "السيادة والاستقلال السياسي ووحدة الأراضي، كان متسقًا بشكل لا لبس فيه مع خطاب ممثل فيتنام الدائم لدى المنظمة، إلا أن الاختلاف الوحيد هو أن القرار يذكر أوكرانيا والاتحاد الروسي بالاسم. في حين أن هانوي قد اعتبرت القرار رمزيا بحتا، إلا أنها تشكك بذلك في تعهدها بالالتزام بـ "العدالة والإنصاف والخير" في العلاقات الدولية، مما يجعل هذا الأمر يبدو "نفاقًا"، على قول دورية "ذا ديبلومات".
وأشارت إلى أن أفضل إجابة على التساؤلات المطروحة حول موقف فيتنام وخطابها هو أن هانوي تفضل الاعتبارات البراجماتية على التفكير الأخلاقي، مضيفة أنه يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين فيتنام وروسيا، مما يجعل إدانة فيتنام لأفعال روسيا بعيدة عن الاحتمالات.
وأضافت أنه بعيدا عن الروابط الدبلوماسية، تحتفظ فيتنام أيضًا بعلاقات اقتصادية قوية مع روسيا، حتى لو ظل حجم التجارة متواضعًا.. ففي الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية بين روسيا وفيتنام 2.48 مليار دولار فقط، وفي سبتمبر الماضي، عزز الجانبان العلاقات من خلال إطلاق مشاريع طرق بحرية وسكك حديدية جديدة لتسهيل التدفق المباشر والفعال للبضائع.
وبينت " ذا ديبلومات" أن فيتنام كدولة ذات توجه استراتيجي بحري، يرتبط امنها القومي ارتباطًا جوهريا ببحر الصين الجنوبي، ويمكن لروسيا، أكبر مزود للأسلحة والمستثمر الرئيسي في قطاع النفط والغاز في فيتنام، أن تواصل مساعدة البلاد على تعزيز أمنها البحري وفي نفس الوقت تعزيز مكانة هانوي كأقرب شريك لموسكو في جنوب شرق آسيا".
ووفقا للدورية الأمريكية فإن الدول التي صوتت ضد ضم روسيا غير القانوني للأقاليم الأوكرانية، قد تفكر مليا في إقامة أو تعميق العلاقات مع فيتنام، موضحة أنه من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الدول، وخاصة الغربية منها، ستنظر إلى فيتنام على أنها شريك موثوق به أو (إلى حد أقل) متشابهة التفكير في معالجة النزاعات الأخرى.
وأضافت أن "قادة فيتنام قد يواجهون تحديا متمثلا في حشد الدعم العالمي في حال استخدام الصين يوما ما للقوة ضد بلدهم. وهذا الاحتمال محفوف بالمخاطر، لا سيما عندما يمكن لبكين الاستفادة من أزمة أوكرانيا لتكثيف الإجراءات العدوانية لاحتلال جزر أو مناطق في بحر الصين الجنوبي التي تدعي هانوي السيادة عليها".
واختتمت الدورية الأمريكية بالقول "مهما كان التوتر الدولي الذي أحدثه موقفها من أوكرانيا، ستستمر فيتنام في تقدير السيادة الوطنية والوسائل الدبلوماسية لمعالجة النزاعات، حتى لو لم تقترب من إدانة روسيا صراحة.. فعلى الرغم من تقدير وحدة الأراضي والمبادئ الأخرى، من المرجح أن تستمر فيتنام في تجنب الوقوع في فخ سياسات القوى العظمى.. إن امتناع هانوي عن التصويت مثير للجدل، لكنه قد يساعد فيتنام على تجنب التورط في الصراع.. واختيار البراجماتية على المبدأ الأخلاقي، لا يكشف قوة فيتنام المحايدة في الدبلوماسية العالمية فحسب، بل يشير أيضًا إلى أن البلاد تتخذ منعطفا على الطريق نحو القيم والمبادئ".