الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"اللعب بالنار".. الوصاية على المقدسات تُشعل الخلافات بين الأردن وإسرائيل

نفتالى بينيت
نفتالى بينيت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثارت تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، نفتالى بينيت، الذى اعتبر فيها أن إسرائيل صاحبة السيادة على مدينة القدس والمسجد الأقصى، حالة من الغضب لدى المملكة الأردنية، صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية فى القدس المحتلة، وكانت دائمًا مواقفها صارمة وواضحة فى هذا الملف الحساس.

وأعلن «بينيت» خلال جلسة الحكومة التى عقدت الأحد الماضي، أنه يرفض التنسيق مع أى طرف أجنبى بشأن المسجد الأقصى، على اعتبار أن الحديث يدور عن أمر يخص «السيادة الإسرائيلية على المكان»، على حد زعمه.

وقال فى تصريحات نشرت على مواقع عبرية عديدة وأبرزها «كان»، أنه يرفض الآن التواصل والتنسيق مع «المملكة» فى أى ملف يخص المسجد الأقصى، ما يشكل إعلاناً صريحاً بأن لا وصاية هاشمية على الأماكن المقدسة فى القدس المحتلة.

من جانبه، قال العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، إن تقويض الوضع التاريخى والقانونى القائم فى المدينة المقدسة سيؤدى حتما إلى تصعيد التوتر والغضب فى القدس. تصريحات الملك عبدالله جاءت فى كلمته خلال حفل تسلمه جائزة مؤسسة «الطريق إلى السلام» فى نيويورك، على هامش زيارة إلى الولايات المتحدة.

وقال: رحلتنا فى الطريق إلى السلام يجب أن تمر بمدينة القدس... والقدس هى مدينة العديد من المسيحيين العرب، الذين يمثلون جزءًا من أقدم مجتمع مسيحى فى العالم، ومن واجبنا أن نحافظ على وجودهم فى المدينة المقدسة، حسب مقطع فيديو نشره الديوان الملكى الأردنى فى صفحته عبر فيسبوك.

وأضاف، يجب أن تساهم القدس فى إرساء السلام والعيش المشترك، لا الخوف والعنف، إن تقويض الوضع التاريخى والقانونى القائم فى المدينة المقدسة سيؤدى حتمًا إلى تصعيد التوتر والغضب، دوامة العنف والألم يجب أن تتوقف... وعلى العالم مساعدة الطرفين على العودة للعمل من أجل إنهاء الصراع.

بدوره خرج وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بتصريحات قوية للرد على «بينيت»، وقال فى مقابلة مع قناة «المملكة» الأردنية: أن الرسالة واضحة.. لا يمكن الاستمرار فى الوضع الحالى فى ظل غياب تام لأى أفق لتحقيق السلام العادل والشامل الذى يؤكد الأردن دوما أن طريقه الوحيدة هى حل الدولتين الذى يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧.

 

وأكد «الصفدي» أن الوضع الحالى حيث يغيب الأفق السياسى خطير جدا، حيث تُقوض الخطوات الإسرائيلية على الأرض حل الدولتين وكل فرص تحقيق السلام الشامل، مشيرًا إلى أنه سيكون هنالك حوار واضح وصريح مع القيادات الأمريكية حول ضرورة تفعيل الجهود المُستهدِفة إيجاد أفق سياسى حقيقي.

 

وحول الأوضاع فى القدس، قال «الصفدي» إن الأردن وقبل شهر رمضان عمل بشكل مكثف من أجل الحيول دون أى خطوات إسرائيلية استفزازية، تؤدى إلى تفجر الوضع، مشيرا إلى أن الملك قاد جهودا مكثفة من أجل ذلك. وشدد على أن لا سيادة إسرائيلية على المقدسات، القدس هى أرض فلسطينية محتلة.. إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال لا تملك أى سيادة على الحرم القُدسى الشريف والمسجد الأقصى الذى يشكّل بكامل مساحته البالغة ١٤٤ دونما مكان عبادة خالص للمسلمين، مجددًا التذكير بأن إدارة المقدسات الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية هى الجهة صاحبة الصلاحية الحصرية فى إدارة كل شئون الحرم الشريف، وهذا هو الوضع التاريخى والقانونى القائم.

 

وأكد «الصفدي» أن موقفنا واضح.. لا سيادة إسرائيلية على المقدسات.. الأوقاف الأردنية هى الجهة الوحيدة التى تديرها، ونرفض أى إجراء إسرائيلى يستهدف تغيير الوضع التاريخى والقانوني، كنا قلنا سابقا ونقول الآن بأن أى محاولة لتغيير الوضع التاريخى والقانونى فى المقدسات الإسلامية والمسيحية هى لعب بالنار، هو تحدّ لمشاعر لأكثر من مليار ومئتين مليون مسلم، وهو دفع المنطقة باتجاه المزيد من التأزيم. وتابع: الرسالة واضحة والموقف واضح.. لا سيادة لإسرائيل على المقدسات.. القدس المحتلة هى عاصمة الدولة الفلسطينية التى يجب أن تتجسد حرة مستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ سبيلا لتحقيق السلام الشامل والعادل. فيما وصف النائب محمد الظهراوي، رئيس لجنة فلسطين بمجلس النواب الأردني، تلك تصريحات «بينيت » بأنها «انقلاب» على الواقع التاريخى والدينى فى المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف، مضيفًا أن الكيان الإسرائيلى قوة احتلال استعمارية تُمارس الإرهاب والإجرام ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، ولا تمتلك أى شرعية دينية وتاريخية وقانونية فى المدينة المُقدسة.

 

وأوضح أن المسجد الأقصى، البالغة مساحته ١٤٤ دونمًا (الدونم الواحد يساوى ألف متر مربع) إنما هو حق خالص للمسلمين وحدهم، ترعاه وصاية هاشمية مباركة، التى يحملها صامدًا ثابتًا على الحق الملك عبدالله الثاني”، مجددًا رفض بلاده للتقسيم الزمانى والمكانى للمسجد الأقصى، والوقوف بكل صلابة فى وجه الضغوطات المباشرة وغير المباشرة التى يتعرض لها، ومؤكدًا أن القدس ستبقى العاصمة الأبدية لفلسطين.

 

فى غضون ذلك، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، الثلاثاء الماضى، رفضها طلب أردنى بإضافة ٥٠ موظفاً فى الأوقاف الإسلامية للعمل فى المسجد الأقصى، وفق ما نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية «كان» عن مكتب رئيس الحكومة.

 

وجاء فى بيان صادر عن مكتب «بينيت»، أنه «تلقينا توجيهاً أردنياً لزيادة وظائف الأوقاف فى المسجد الأقصى بـ ٥٠ وظيفة، لكن إسرائيل وجدت أنه ليس صائباً الاستجابة للطلب». وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن الأردن قدم هذا الطلب قبل نحو شهر ونصف الشهر. واعتبر البيان الإسرائيلى أنه «لا يوجد أى تغيير أو تطور جديد فى الوضع فى الحرم القدسي، وسيادة إسرائيل مستمرة فيه. وأى قرارات بشأن الحرم القدسى ستتخذها حكومة إسرائيل، انطلاقا من اعتبارات سيادية، حرية الديانة والأمن، وليس من خلال ضغوط من جانب جهات أجنبية أو جهات سياسية» فى إسرائيل.

 

وقالت قناة «كان» العبرية إن «القائمة الموحدة» برئاسة منصور عباس، أعلنت أنها قررت البقاء فى الائتلاف الإسرائيلى الحاكم، بناء على تفاهم توصل إليه عباس ولبيد بشأن موافقة تل أبيب على التنسيق مع الأردن بشأن الأقصى إلى جانب التوافق على تنفيذ خطة خماسية لتطوير القرى والبلدات الفلسطينية داخل الخط الأخضر. يشار إلى أن «عباس» سبق أن اشترط لبقاء قائمته فى الائتلاف الحاكم، أن توافق إسرائيل على عدم اتخاذ أية خطوات فى المسجد الأقصى بدون التنسيق مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني. ويعود تاريخ الوصاية الأردنية على القدس ومقدساتها إلى عام ١٩٢٤، خلال فترة حكم الشريف الحسين بن علي، حيث تبرع حينها بمبلغ ٢٤ ألف ليرة ذهبية؛ لإعمار المقدسات الإسلامية فى الحرم القدسى الشريف. وأُطلق على تلك الخطوة حينها، الإعمار الهاشمى الأول، ليتم بعدها مبايعته وصيا على القدس.

 

وعام ١٩٥٠، أعلنت الأردن وفلسطين ما يعرف بـ«الوحدة بين الضفتين الشرقية للأردن والغربية»، وبعد فك الارتباط عام ١٩٨٨ تم استثناء القدس لتبقى تحت الرعاية الأردنية.